إدارة الأزمات -Crisis Management By Dr Kamal Al-Astal
إدارة الأزمات
بقلم/د.كمال محمد الأسطل
أستاذ العلوم السياسية-جامعة الأزهر بغزة-فلسطين
بريد الكتروني:peacearab@yahoo.com
منهج اقتصادي إداري لحل الأزمات على مستوي الاقتصاد القومي والوحدة الاقتصادية
عالم الأزمات:-
نحن نعيش في عالم من الأزمات،عالم الكيانات الكبرى،والصراعات الكبرى، والمصالح المتعارضة، عالم لا مكان فيه لدولة قزميه أو متأقزمة،ولا احترام فيه لأي انقسام أو تشرذم.
وما يفرض عليه من سلوكيات داخل الإطار الاجتماعي الواحد، وبين تجزئة القضايا لدرجة تجزئة الخاص، وبين احتياج المعالجة إلى الشمولية الكاملة في المنهج العلمي الواحد ، وبين انطلاق واحادية التفكير، وبين انفتاح الفكر وتعدد مدارسه، بل وفي إطار المدرسة الفكرية الواحدة .كل هذا وغيره كان دافعا لوقوع أنواع خاصة أخري من الأزمات.
فعلى الرغم من أن حدوث الأزمات قديم قدم التاريخ فإن وعي متخذي القرار الإداري بأهمية إدارتها لم يتبلور بعد إلا في السنوات الأخيرة حيث كان لتسارع الأزمات وتنوعها بشكل ملحوظ واشتداد التحويلات الفجائية الحادة في الموافق والاتجاهات باطراد، وتلاشي حدود البعد الزماني والمكاني بين مواقع الأحداث وبين من يتابعونها عن كثب، وخلي الدول عن محليتها وتقوقعها، كل ذلك دفع إلى السطح وبشدة إحساس متعاظم بعالمية الأزمة، مهما كانت محليتها،وأنها أي الزمه تلقي اهتماما شاملا مهما تصاغرت آثارها، أو أحاطت بها حواجز العزلة والتجهيل.
فعلى سبيل المثال نجد أن المتتبع الأخبار الصحفية التي تنشرها الجرائد والمجلات ووسائل الأعلام الجماهيرية الأخرى، سوف يجدها لا تخلو من خبر عن الأزمات مثل:-
· الأزمة الاقتصادية.
· الأزمة الشركات المتعثرة.
· أزمة الإدارة.
· أزمة المخزون.
· أزمة التسويق.
· أزمة الديون.
· أزمة البطالة.
· أزمة التعاونيات.
· أزمة الحاضر.
· أزمة الأحزاب.
· أزمة سعر الصرف.
· أزمة التأمين.
وغيرها الكثير مما تنشره الصحف وتنقله وسائل الإعلام عبر الأقمار الصناعية ووسائل الاتصال الجماهيرية المختلفة.
فالأزمات تحدث في كل زمان وفي كل مكان .. حدثت في الأزمنة القديمة،وتحدث في العصر الحديث، تقع في الدول المتقدمة، وتقع في البلدان المختلفة والنامية على حد سواء.
لقد أصبح العالم وحدة اجتماعية متقاربة متكاثفة الترابط سياسيا واقتصاديا وإداريا،وثقافيا واجتماعيا، بحيث لم يعد هناك كيان إداري مهما قل حجمه وصغرت أجزاؤه وعناصره بمنأى عن تأثيرات الأحداث داخل هذا العالم ، وأي أزمة تحدث فيه تشكل بتأثيراتها المختلفة عوامل ضغط وجذب على جميع الكيانات الإدارية، وإن كانت تختلف بدرجات شدتها وقوتها من مكان لآخر. فإن ما يجرى فى أي جزء من هذا العالم يهم الأجزاء الأخرى ويعينها تماما.
إن عالم الأزمات جزء منا ، كما أننا جزء منه . إن اعترافنا بضرورة الأزمة يتطلب أن تكون أكثر حضورا في وعينا ، وفكرنا وفي إدارتنا ، وحتى نؤثر فى مجرياتها ونتجنب مخاطرها، بل والاستفادة من إيجابياتها .إن الأزمات تمثل معالم طريق، عبرت خلاله الإنسانية وشيدت حضارتها، فلم تكن الأزمات تمثل كلها شرا مسيطرا، بل كانت بواعث لنهضة علمية وفكرية أثرت المعارف الإنسانية وساعدت على تطويرها ، ويسرت لها سبل لم تكن متوافرة لديها قبل حدوث الأزمة.
ولعل الحديث عن استخدام المنهج العلمي كأسلوب للتعامل مع الأزمات أصبح أكثر من ضروري وأكثر من حتمي ، ليس فقط لما يحققه من نتائج إيجابية في التعامل مع الأزمات ، ولكن أيضا لأن البديل غير العلمي نتائجه قد تكون مخيفة ومدمرة بشكل كبير.
ومن هنا فغن غدارة الأزمات هي إدارة مادية وعينية وأخلاقية وروحية معا، وهي إدارة تفاعل دائم ومستمر تتصل بجودة الحياة وغدارة التقدم التنموي ، سواء لمنشأة أو للدولة وفقا للمستوي الذي تعمل فيه هذه الإدارة.
ومن هنا أيضا يري البعض أن هذه الإدارة العلمية هي إدارة ذات أبعاد تصادمية حتمية ضد الجمود والتحجر، وضد التخلف المادي والقيمي، وضد السلبية واللامبالاة، باعتبارها المناخ الذي تنشأ فيه الأزمات وتتفاعل وأن سيطرة عوامل الجهل وتخلف المعرفة والخوف من اتخاذ القرارات ،هي أكثر البواعث والأسباب الدافعة والعاملة على وجود الأزمات.
وانطلاقا من هذه القنا عات ومن أهمية إدارة الأزمات ، ومعالجة الأزمات بالفكر الإداري العلمي المتقدم ، وأهميته نقل هذه المعارف وتطويعها في عالمنا العربي ، كان علينا أن نعد هذا المرجع في إدارة الأزمات في محاولة للإجابة على التساؤلات الكبرى عن:
· مل هي إدارة الأزمات؟
· ما هو مفهومها؟
· ما هي مكوناتها؟
· كيفية استخدامها؟
· كيفية تجنب الكيانات الإدارية المختلفة شرور الأزمات؟
· كيفية الاستفادة من إيجابيات الأزمة؟
· كيف نصل الى جهاز وقائي حمائى للتعامل مع الأزمة؟
بل وقبل كل هذا ، ما هي الأزمة. بعد أن حاول البعض ان يتخطى مرحلة التجهيل الى مرحلة التضليل باستخدام مدلولات ومفاهيم خاطئة تطلق جزافا كساتر من الدخان للتعمية والتمويه، وللحيلولة دون سير أغوار الأزمات بشكل علمي مدروس.
إن بداية التفكير الجاد في أي أزمة يبدا من الإجابة الصادقة على هذه الأسئلة:
من نحن؟
· من هم؟
· الى أين نتجه؟
· ماذا نملك؟
· الى أين يتجهون؟
· ماذا يملكون؟
· كيف نستخدم ما نملك؟
· ما هو الوقت المتاح لنا للاستخدام؟
· ما هو المطلوب القيام به لزيارة فاعلية هذا الاستخدام ؟
أن بداية الإحساس بالأزمة هو الشعور بالقلق ، وهو شعور يتولد لدى كل من متخذ القرار ولدى باعث الأزمة ، ولدى وقودها والمحيطين بها، ووجود الشعور بالقلق هو مؤشر واضح باعث الأزمة ومحركيها، ولدى وقودها . ومن هنا يكون القلق تعبيرا أصيلا وحيويا عن مقدمات الأزمات.
بل ان وجود هذا القلق هو بمثابة حالة دفاع عن النفس ، باعتبار ان جرس الإنذار أو صفارة الخطر هما بداية التفاعل الإيجابي للدفاع عن النفس، وهو أمر مشروع وواجب، سواء على مستوي الفرد أو على مستوي المنظمة الإدارية أو حتى على مستوي الدولة ككل وسواء كان هذا متصلا بالأفراد أو بالمنظمات أو بالدول . فنحن نعيش في عصر إعادة صياغة العلاقات من خلال توازنات القوة، واعتبارها المصالح ، وفي إطار حركي ديناميكي،ومن الطبيعي أن نتفق أو نختلف مع الآخرين، ولكنه يصبح من الغباء الشديد ان تجهل أسلوب التعامل معهم ، أو بمعنى أصح مع صناع الأزمات لأنهم بدرجة أو بأخرى ،يمثلون هؤلاء الآخرين.
إن هذا العمل المتواضع في إدارة الأزمات الذي أتشرف بتقديمه إلى المكتبة العربية ليس فى تقديري إلا "علامات طريق إرشادية" توضح اتجاهات الطرق ومساراتها ومحاذيرها أمام متخذ القرار ، ولكنها لا تتولى نيابة عنه قيادة سيارته، بل لا يزال عليه هو أن يقود سيارته في هذا الطريق السريع الحافل بالحركة والمفاجآت ، والذي فرض عليه ان يسير فيه لأول مرة لأنه دائما لابد أن يكون هناك أول مرة .. وهي صفة ملاصقة ومرتبطة بالتعامل مع الأزمات ..لأنها لأول مرة مهما تعددت مرات حدوثها.
إدارة الأزمات والإدارة بالأزمات
يخلط بعض متخذي القرار الإداري عن عمد أو عن عدم معرفة بين مفهوم إدارة الأزمات، وبين أساليب الإدارة بالأزمات، بل يحاول البعض منهم جاهداً أن يتخذ من الإدارة طريقا لتكريس الأزمة، مدمرا الكيان الإداري الذي يشرف عليه، بل لقد وصل الأمر إلى تسخير القرارات الإدارية للإبقاء على مناخ صنع الأزمات، بل والمساهمة بفاعلية في ازدياد الضغط المولد للأزمة، واستخدام الأزمات المفتعلة كستار من الدخان لاخفاء الفشل الداري أو لاستمرار عمليات النهب المنظم لمقدرات الكيانات الإدارية التي يشرفون عليها.
فإدارة الأزمة هى كيفية التغلب عليها بالأدوات العلمية الإدارية المختلفة وتجنب سلبياتها والاستفادة من إيجابياتها.في حين أن الإدارة بالأزمات تقوم على افتعال الأزمات،وإيجادها من عدم كوسيلة للتغطية والتمويه على المشاكل القائمة التي تواجه الكيان الإداري، فنسيان مشكلة ما، يتم فقط عندما تحدث مشكلة أكبر وأشد تـأثيرا، بحيث تغطي على المشكلة القائمة، وهكذا يظل الكيان الإداري المهترئ يتعرض لأزمة تلو أزمة، وتتعاقب عليه الأزمات متلاحقة حتى يتم تدميره بالكامل، أو يهدي الله إليه من يأخذ بيده إلى بر النجاة.
ومن هنا يطلق البعض على الإدارة بالأزمات علم صناعة الأزمة للتحكم والسيطرة على الآخرين والأزمة المصنوعة المخلقة لها مواصفات حتى تبدو حقيقية ، وللأزمة المصنوعة إيقاع سريع متدفق الأحداث، ومتلاحق التتابع ،ومتراكم الإفرازات والنتائج، وكل منها تصب في بل تحقيق الهدف المراد الوصول إليه،فلكل أزمة مصنوعة هدف بتعين أن تصل إليه، وبدون تحقيق هذا الهدف لن يتلاشى الضغط الأزموى،أو يخف التأثر العنيف الصاخب لإفرازات الأزمة،وكذا لن تهد أقوي صنع الأزمة أو تتراجع حتى تحقق هذا الهدف.
ومن ثم للتعامل مع الأزمات المفتعلة أو المصنوعة يتعين أن تحصل على إجابات سريعة ووافيه عن الأسئلة التالية:-
· كيف ظهرت الأزمة وتطورت أحداثها؟
· من هم الأطراف الصانعة للأزمة سواء العلنيون أو الذين يعملون في الخفاء؟
· لماذا تم صنع الأزمة في الوقت الراهن؟
· ما هو الهدف الذي تسعي إلى تحقيقه قوى صنع الأزمة؟
ما هو المدى الذى لا يتعين أن تتجاوزه قوي الضغط الأزموي؟ وما هى المحاذير الموضوعة لكل منها؟والحدود المتفق عليها بينها؟
وتقوم عملية الإدارة بالأزمات علي خلق أزمة وهمية يتم من خلالها توجيه قوى الفعل السلوكي والاقتصادي إلى تكريس الأزمة، أو الى سلوك معين بشأنها. وخير مثال على ذلك ما يعمد إليه بعض التجار من أصحاب الموقع الاحتكاري من خلق أزمات في بعض السلع من خلال تخزين هذه السلع وعدم عرضها بالسوق لتعطيش المستهلك لها، وإشاعة أن هناك أزمة شديدة فى إنتاج هذه السلع، مما يدفع المستهلكين إلي البحث عنها وشرائها بأكثر من احتياجاتهم، وهنا يقوم هذا يقوم هذا التاجر بعرضها سرا لتحقيق أرباح طائلة.
ومثل هذا الأسلوب فى الحقيقة يكون مدمرا للتاجر وللمنتج لهذه السلع، حيث يعمد المستهلك الى البحث عن البديل متوفر، قد يكون أفضل، كما يدفع هذا الوضع بعض المنتجين الجدد الى الدخول الى ميدان إنتاج هذه السلعة وتقديمها بشروط أفضل للمستهلكين..وهكذا.
فعملية الإدارة بالأزمات قد يكون أسلوب تتبعه المنظمات والدول الحكومية والعصابات ويتسع مداه ويستخدمه الأفراد أيضاً، وهو أسلوب أدى الى إسقاط حكومات ، وإشعال حروب، وحصد آلاف من أرواح البشر، وتدمير آلاف الملايين من الجنيهات.
فعملية الإدارة بالأزمات قد يكون لها طابع إيجابي، مثل الأزمة الناجحة التي صنعتها نقابة تضامن في بولندا بزعامة ليخ فاليسا زعيم النقابة التى تأسست عام1980 لتترك اكبر الثر على عقد الثمانينات، وتفتح بوابة الديمقراطية والإصلاح الاقتصادي والسياسي في بولندا فى نهاية عقد الثمانينات.
كما أن لصناعة الأزمة جوانبها المدمرة.
مثل الأزمة التى نجمت عن الحرب الإيرانية العراقية، التى نشبت في شهر سبتمبر 1980 ، ولتستمر ثمانية أعوام وشهر ، لتؤثر بشدة على حركة النمو والتنمية ليس في الدولتين فحسب ، بل أيضا فى باقي منظمة الشرق الوسط والجزيرة العربية.
كما قد تكون الأزمة المفتعلة عنيفة تشعر الإنسان بالصدمة ، والإزعاج الضخم في لحظتها ، لكنها لتتعدى حجمها الصغير لتصبح كزوبعة فى فنجان، وتنتهي بانتهاء أحداثها ليطويها النسيان. مثل حوادث الاغتيالات . ولعل من أمثلها اغتيال الرئيس أنور السادات ، واغتيال الرئيس بشير الجميل فى لبنان ، ورئيسة وزراء الهند أنديرا غاندي فى الهند، ورئيس الوزراء السويد أولف بالمه، ورئيس الحكومة اللبنانية رشيد كرامى الذى الذي اغتيل فى لبنان فى طائرة تابعة للجيش كانت تقله من طرابلس الى بيروت ، واغتيال خليل الوزير(أبو جهاد) نائب القائد العام للقوات الفلسطينية فى عقر داره فى مدينة قرطاج فى تونس. على يد عدد من رجال الكوماندوز الإسرائيليين، ورغم الصدمة العنيفة التى تحدثها الأزمات الناجمة عن حوادث الاغتيال، إلا أنها يتم احتواؤها بسرعة، وإن كانت تترك مرارة فى النفس لا تمحى بسهولة ، مثلها مثل الجرح الذى يصيب جلد الإنسان. يتم تغطيته بسرعة من جانب جهاز المناعة الذى يتولى سد الفجوة التى قد تتسرب منها الميكروب والجراثيم الى الجسد، ثم بعد ذلك يتولى جهاز المناعة إعادة الأوضاع الى ما كانت عليه، تاركا بعض الألم أو أثرا بسيطا كعلامة تذكير وتحذير للإنسان أكثر حرصا وحذرا فى المستقبل.
فالأزمة ليست فقط وليده تفاعل ذاتي، وإنما أيضا هي عملية يمكن صناعتها، وصناعة الأزمة تخضع لأساليب عملية تتولى خلق المناخ الفكري والظروف المناسبة لتفجير الأزمة المفتعلة، وتعبئة كافة الأدوات والوسائل الدافعة والمؤيدة والمحفزه لذلك. وهو ما يجعلنا نعرض لفن صناعة الأزمات فبما يلي:-
صناعة الأزمات:-
تعد صناعة الأزمات، هى فن مستحدث للسيطرة على الآخرين، وإخضاعهم وابتزازهم، فضلا عن تحريك الثوابت الراسخة فيما يتصل بالقواعد المستقرة، والأسس المتعارف عليها، ومن خلال صناعة الأزمة تجنى المكاسب وتتحقق الأهداف.
ويتم افتعال الأزمات عن طريق برنامج زمني محدد الأهداف والمراحل التى يمكن توضيحها فيما يلي:-
المرحلة الأولى: مرحلة الإعداد لميلاد الأزمة:
ويطلق عليها البعض مرحلة التمهيد للأزمة نظرا لأنها تقوم على تهيئة المسرح الأزموى لافتعال الأزمة وإيجاد وزرع بؤرتها في الكيان الإداري، وإحاطتها بالمناخ والبيئة التى تكفل نموها وتصاعدها. وأهم الخطوات التنفيذية التى تتم فى هذه المرحلة ما يلي:-
1. استخدام الضغوط الاتصالية على الكيان الإداري وحلفائه لإفقاده توازنه، ودفعه رويدا رويدا الى حافة الهاوية، ومن خلال حسابات الفعل وردود الفعل القائمة على دراسة متآينة لسيكولوجية متخذ القرار فى الكيان الإداري المزمع إحداث الأزمة فيه.
2. تشويه حقيقة القائمين على الكيان الإداري وإطلاق الشائعات المبنية على حقائق جزئية والأكاذيب المدعمة للشائعات، وتصويرهم على أنهم فاقدي الأهلية والرشادة، وانهم خطر على الأمن والاستقرار، أو أنهم مجرمون خطرين على المجتمع الدولي والشعوب.
3. كسب المؤيدين لى تدخل عنيف ضد الكيان الإداري ، سواء من خلال الإعلام المكثف المصاغة والمعدة رسائله بشكل ممتاز، أو من خلال شبكة المصالح والارتباطات، أو من خلال تسريب المعلومات المغلوطة أو الحقيقية، أو هى جميعا.
المرحلة الثانية: مرحل إنماء وتصعيد الأزمة:-
ويطلق عليها البعض مرحلة التعبئة الفاعلة والمكثفة للضغط الأزموى، وحشد كل القوي المعادية للكيان الإداري المستهدف نيلة بالأزمات العنيفة، حيث يتم اصطياد هذا الكيان ووضعه فى فخ الأزمة ومن خلال مجموعة متكاملة من التكتيكات وهى تكتيكات قد تستخدم في شكل بدائل أو فى شكل متكامل مع بعضها البعض، وفقا لحجم الكيان الإداري المستهدف نيابة بالأزمات واستنزافه، وحله شكل مخطط خبيث، وبشكل متصاعد متنام ويتم التصعيد بموجب ثلاثة تكتيكات خطيرة هى:-
تكتيك التصعيد الرأسي:
وهى تقوم على الدفع المباشر لقوى صنع الأزمة وزيادة قدرتها وقوتها، وتكثيف تواجدها فى منظمة التحرير الفلسطينية صنع الأزمة، وبشكل سريع متعاظم التأكيد التفوق الكاسح لقوى صنع الأزمة ولعدم تمكين الطرف الأخر من التقاط الأنفاس، والرضوخ للتهديد الصريح العلني للقوة الضاغطة لقوى صنع الأزمة، وزيادتها ونموها ذاتيا مع الوقت.
تكتيك التصعيد الأفقي:
ويقوم على كسب مزيد من الأصدقاء والحلفاء والمؤيدين لقوى صنع الأزمة،وانضمامهم لها فى عملية زيادة الضغط الأزموى.
تكتيك التصعيد الدائري المتراكم:
وهذا النوع من التكتيكات ذات الطبيعة الخاصة التي تستخدم فى صناعة الأزمات بشكل فعال لزيادة الضغط الأزموى، وإرباك الطرف الآخر إرباكا شديدا. حيث يتم التصعيد للأزمة باستخدام كافة الأدوات والوسائل .
المرحلة الثالثة: مرحلة المواجهة العنيفة والحادة:
وهى تلك المرحلة التصادمية بين الكيان المنشئ للأزمة والكيان المطلوب صنع الأزمة فيه أو له.
ويشترط لنجاح هذه المرحلة ما يلي:
1. اختيار التوقيت غير المناسب للكيان الخصم المراد تحطيمه أو استنزافه بالأزمات. وعلى أن يمثل فى ذات اللحظة الوقت المناسب لنا لافتعال الأزمة.
2. اختيار المجال غير المناسب للخصم لإحداث الأزمة فيه ، سواء كان هذا المجال اقتصاديا أو سياسيا أو اجتماعيا أو ثقافيا…
3. اختيار المكان غير المناسب للخصم، والذي فيه لا يستطيع السيطرة على الأحداث أو على تداعياتها، ويكون لنا فيه القدرة على توجيه الأحداث والسيطرة عليها.
المرحلة الرابعة :مرحلة السيطرة على الكيان الإداري للخصم:
وهى مرحلة الاستفادة من حالة انعدام الوزن لدى الخصم، وعدم قدرته على الحكم على الأمور، وتعرضه للاستهواء، ومن ثم من خلال العناصر التى تم زرعها لديه، والمحيطة به يمكن توجيهه بالشكل المطلوب.
المرحلة الخامسة : مرحلة تهدئة الأوضاع:
وهى المرحلة التي يتم فيها تخفيض الضغط الأزموى، وإعادة الأوضاع إلى حالتها الطبيعية، واستخدام أساليب التعايش الطبيعي ، والتخفيف من حدة التوتر القائم على الضغط الأزموى والاستجابة الهامشية لبعض مطالب الطرف الثاني والتي تكون بمثابة امتصاص لقوى الرفض والاستثارة لداخلية لديه ، وفي الوقت ذاته استخدام الحكمة الكاملة في امتصاص كل غضب جماهيري، والاستعانة بقادة الرأي والفكر المعتدلين والموالين لنا، وفى إطار حملة إعلامية مخططة ومدروسة جيدا، يتم إعادة الأمور الى حالتها الطبيعية،بعد أن تم تكيفها بالشكل المناسب لمصالحنا ورغباتنا وأهدافنا البعيدة المدى.
المرحلة السادسة: مرحلة سلب وابتزاز الطرف الآخر:
ويطلق عليها البعض مرحلة جنى المكاسب والغنائم والمغانم، والتي يتم فيها حلب الخصم كما تحلب البقرة الحلوب تماما، وبالتالي يتم فى هذه المرحلة حصد نتائج الجهود المثمرة التى تمت فى المراحل السابقة ويتخذ جني المكاسب عادة جانبين، هما:
جانب سلبي فى إجبار الطرف الآخر على الامتناع عن القيام بأي عمل من شأنه تهديد مصالحنا.
جانب إيجابي . فى إقناع الطرف الآخر على الامتناع عن القيام بأى عمل من شأنه تقوية مصالحنا ومكاسبنا.
ومن هنا فان الإدارة بالأزمات هى افتعال الأزمات الحادة وليس علاجها، وتقوم عملية افتعال الأزمة على عدة قواعد أساسية هى:
1. خلق علاقة تبعية وانقياد وسيطرة على الكيان المزمع افتعال الأزمة فيه، حتى يمكن جنى المكاسب المستهدفة من وراء افتعال الأزمة ،وفى الوقت نفسه لضمان عدم اتساع رد الفعل الى مدى وأبعاد غير مطلوبة.
2. زرع مجموعة عناصر موالية تتولى مواقع حساسة فى أجهزة الكيان الإداري، يمكنها فى الوقت المناسب إعاقة حركة هذا الكيان، وتوجيه قادته، وتقليل رد فعل وبشاعة افتعال الأزمة .
3. اختيار التوقيت المناسب الذى يكون افتعال الأزمة مؤثرا فيه، وقدرة العناصر الموالية لنا على توجيه متخذ القرار وإفقاد التأثير الأزموى للأزمة مرتفعة، ومن ثم القدرة على امتصاص التأثير الأزموى وابتلاعه.
4. إيجاد المسار البديل فى شكل مصلحة جانبية يحرص الكيان الإداري على الحصول عليها وفى سبيلها يمكن أن يتغاضى عن الأزمة التى تم افتعالها، أو يمكن للعناصر الموالية سلوكه بها.
5. افتعال الأزمة بشكل سريع ومؤثر، وجنى مكاسبها وتحقيق الهدف منها،ثم عقد لقاء امتصاص مع متخذ القرار في الكيان الإداري الذى حدثت فيه الأزمة، وذلك بهدفين هما:
· هدف خفي، وهو التحقق من النتائج التي أفرزتها الأزمة المفتعلة، ومن استقرار علاقة التبعية مع الكيان الإداري وعدم تأثيرها بالأزمة.
· هدف علني، وهو امتصاص الانفعال، وتجديد الروابط ، وتنقية العلاقات، وفتح صفحة جديدة، ونسيان ما مضى، وتستخدم فى ذلك مجموعة ادعاءات ومبررات، من بينها:
· الشرعية.
· الاضطراب.
· الحتمية.
· الحفاظ على الاستقرار.
· الحفاظ على الأمن.
· الحفاظ على السلام.
· التنبيه للخطر.
ومن ثم فإن الإدارة بالأزمات هى إدارة وقتية ترتبط بالحدث الأزموى، وتنتهي بانتهاء هذا الحدث، والذي لا يتعدى تأثير الصفة على وجه الكيان الإداري أي يكون هامشي التأثير شديد الضجة يترك داخل الكيان الإداري، مرارة الإهانة، ولكنه يتناسى مع الزمن .
أساليب نشوء الأزمات
تعتبر الأزمة فى حقيقتها عن فشل إداري لمتخذ القرار نتيجة لحدوث خلل إداري معين. أو عدم خبرة، أو حداثة معرفة، أو لهذه الأسباب جميعها. ومن هنا فإن حدوث الأزمات بشكل متكرر يستوجب فى الحقيقة تغيير القائمين على إدارة الكيان الإداري الذي حدثت به الأزمة، وهو ما يجعلنا نؤكد على اختلاف مفهوم الأزمة عن مفهوم المشكلة، فالمشاكل أمر يواجهه كثيرا متخذ القرار، وهى تنجم عن أخطاء عليه تصحيحها، أمر صعب حاد يصعب مواجهته، وهى تنجم عن خطايا لا يمكن غفرانها، أو التهاون مع مرتكبيها، والفرق واضح جلى بين الخطأ الذى يمكن تدركه، والخطيئة التى يصعب غفرانها.
ولكل أزمة مقدمات تدل عليها، وشواهد تشير إلى حدوثها، ومظاهر أولية، ووسطى، ونهائية، تفرزها.. بل إن لكل حدث من أحداث الأزمة معنى ومغزى، ولكل فعل تداعيات وتأثيرات، وعوامل تفرز مستجدات، ومن ثم فإن حدوث المقدمات ، ليس إلا شواهد قمة جبل جليد، تخفى تحتها قاعدة ضخمة من الجليد ومن المتواليات والتتابعات، إي ليست ألا مقدمة لأحداث ومتغيرات وإفرازات عديدة قادمة فى الحاضر والمستقبل.
بل أنا لنتائج النهائية لإفرازات الأزمة،وتأثيرها علي مسرح الأحداث ، قد تؤدى الى تغيير الصورة بشكل كامل عما كانت عليه قبل حدوث الأزمة.
سوء التقدير والتقيم:
وهى أكثر أسباب حدوث الأزمات فى جميع المجالات، خاصة المجالات العسكرية التى يكون فيها الصدام العسكري وشيك الحدوث أو دائرا فعلا، حيث يكون أحد أطراف المعركة الحربية الوشيكة الحدوث ضحية سوء تقديره وتقييمه للطرف الآخر، وسوء التقدير الأزموى ينشأ من خلال جانبين أساسيين هما:-
المغالاة والإفراط فى الثقة الفارغة فى النفس وفى القدرة الذاتية على مواجهة للطرف الآخر والتغلب عليه واستمراء خداع الذات بالتفوق العنصري، أو هى تحت شعارات التميز العنصري الزائف.
سوء تقدير قوة الطرف الآخر والاستخفاف به واستصغاره والتقليل من شأنه واحتقاره وإظهاره بغير حقيقته، وأنه مهما حاز من قوة فأنه لن يستطيع استخدامها لنه مختلف مسلوب الإرادة .
الرغبة في الابتزاز:-
ويقوم هذا الباحث على السيطرة على متخذ القرار فى الكيان الإداري، وإيقاعه تحت ضغوط رهيبة نفسية ومادية.
ومن هنا فإن هذا الباعث يقوم على تكتيك تجريم متخذ القرار فى الكيان الإداري من خلال الأتي:-
اكتشاف تصرفاته الخاطئة، والتي غالبا ما يكون هذا الخطأ غير مقصود.
استغلال هذا الخطأ لإجبار متخذ القرار على الخطيئة، والفرق كبير بين الخطأ الذى يحدث دون قصد.
اليأس:-
يعد اليأس فى حد ذاته إحدى الأزمات النفسية والسلوكية التى تشكل شبه خطر داهم على متخذ القرار، وأن كان يجب النظر إلى أن اليأس أيضا أحد بواعث الأزمات وأسبابها ذات الطبيعة الخاصة، والأزمة التى يسببها هذا الباعث هى أزمة الإحباط حيث يفقد متخذ القرار الرغبة والدوافع على العمل.
الإشاعات:-
وهى أهم مصدر من مصادر الأزمات ، بل إن كثير من الأزمات ما يكون مصدرها الوحيد إشاعة أطلقت بشكل معين، وتم توظيفها بشكل معين، ويتم تسخير الإشاعة باستخدام مجموعة حقائق صادقة قد حدثت فعلاً.
لأخطاء البشرية:-
وهى أحد الأسباب لنشوء الأزمات سواء كان فى الماضي، أو فى المستقبل فحادث انفجار مكوك الفضاء تشالنجر وما نتج عنه من أزمة عنيفة فى الثقة فى بعض الهيئات المشرفة على برنامجه، وما أحدثه الأزمة من صدمة فى كيان المجتمع الأمريكي، كان باعثه الأساسي خطأ بشري يعود الى سيادة المناخ عمل غير مناسب بالمرة.
استعراض القوة :-
وهذا المسبب النشط يتم من جانب الكيانات الكبيرة لتحجيم الكيانات الصغيرة، كما أنه أيضا يتم من جانب الكيانات الإدارية الطموحة عندما تحوز بعض عناصر القوة.
الأزمات المخططة:-
ويطلق عليها أيضا الاختناقات الأزموية المخططة، حيث تعمل بعض القوي المنافسة للكيان الإداري على تتبع مسارات عمل هذا الكيان، ومن خلال هذا التتبع يتبين لها عمليات التشغيل ومراحل الإنتاج والتوزيع.
تعارض الأهداف:-
وكثيرا ما يحدث اختلاف فى الرؤيا، والطموحات، والأهداف بين منفذي القرار فى الكيان الإداري الواحد وبين متخذ القرار فى هذا الكيان، ومن ثم تتعدد التوجيهات، ويفقد متخذ القرار رؤيته الشاملة لما يحدث داخل الكيان الإداري فعلاً.
تعارض المصالح:-
وهى أيضا من أهم أسباب حدوث الأزمات سواء على النطاق الدولي، أو المحلى، أو حتى داخل الشركات ووحدات النشاط الاقتصادي صغيرة الحجم، حيث إن لكل دولة مصالحها، ولكل شركة مصالحها.
أداء الأزمة وسلوكها
لكل أزمة أداء، وسلوك. ومن خلال هذا الأداء وذلك السلوك يمكن معرفة من هى القوى الصانعة لها، ومن هى القوي المؤيدة والمدعمة لها، ومن هى القوى الرافضة والمعارضة لها، وفوق كل هذا كيفية التعامل معها، وتحييد وعزل عناصرها،وتقليل أثارها وحرمان صانعيها من جنى المكاسب والنتائج التى سعوا إليها بصنع الأزمة.
تأثير الأزمة على الكيان الإداري:-
ويرتبط أداء الأزمة هيكليا بالكيان الإداري الذى حدثت فيه، وسلوكيا بالوقت الذى أفرزت فيه نتائجها المدمرة، ومن هنا يمكن اعتبار أن الأزمة ما هى إلا ناتج تفاعل حزمة من العوامل البيئية وغير البيئية وغير البيئية مع علاقتها السببية بالمكان والزمان، له طبيعة خاصة من حيث كونه رباعي الأبعاد.
التأثير الوظيفي :-
ويتعلق هذا البعد التأثيري للأزمة على مجموعة الوظائف، والأنشطة التى يمارسها الكيان الإداري فالكيان الإداري أيا كانت طبيعته ينقسم الى مجموعة وظائف تمارس داخله،ومن خلال هذه الممارسة يتحقق الهدف التشغيلي العام للكيان الإداري.
التأثير الأدائى للأزمة:-
فلكل أزمة سلوك تسير عليه، ومسارات تتخذها، بعضها يمكن التنبؤ به، والبعض الآخر يصعب تحديده أو توقع اتجاهاته، ومن خلال أداء الأزمة وإفرازات نتائجها.
التأثير الهيكلي للأزمة:-
يرى كثير من الباحثين أن الأزمات وليدة عوامل داخلية فقط، وأن بواعث الأزمة تنتج عن عاملين: أحدهما خطا التقدير للعوامل والمتغيرات المستقبلية، لأن المستقبل مجهول، وثانيهما اعتماد الكيان الإداري فى تشغيله على الآلية والتلقائية الروتينية.
التأثير المضمونى للأزمة:-
لكل أزمة مضمون محوري تعمل من خلال، ومن أجله تكريس أهدافها، وبدونه تصبح هامشية التأثير لا قيمة لها، ويسهل التغلب عليها، ولذا فإن مدير الأزمات الناجح هو الذى يكتشف مضمون الأزمة.
تأثير المناخ المحيط بالأزمة على أدائها:-
الحقيقة أن التأثير متبادل ومتداخل بين الأزمة والمناخ المحيط بها، وإن كان بالطبع المناخ المحيط بالأزمة هو الذي هيأ لها البيئة والتربة الصالحة لنشوئها.
البيئة الحكومية والإدارية:-
وهى تتعلق بالإجراءات والروتين والقواعد،والمسارات الشرعية التى يتعين أن يمر بها الأفراد سواء كانوا طبيعيين أو معنويين من أجل الحصول على حق،أو للتعبير عن مطالبهم ، ومدى سهولتها أو تعقدها، ومدى عدالتها والالتزام بها ومناسبتها.
البيئة العمالية والنقابية:-
يعد الإنسان محور أي نشاط وهو فى ذات الوقت أداته التى يتم استخدامها للقيام بهذا النشاط وكلما كانت البيئة العمالية متماسكة ولديها نقابات قوية.
البيئة المؤسساتية المحيطة:-
لكل كيان إداري أيا كان مجموعة من المؤسسات المحيطة به وداخل كل نوع من هذه المؤسسات يوجد نظم ، ولوائح وعلاقات وقيود و محددات ،واتجاهات لقوى الفعل داخلها خاصة أصحاب عناصر الإنتاج الداخلية فيها.
البيئة العقائدية والثقافية:-
يمثل الدين والعقيدة وثقافة الفرد أحد أكبر العناصر البيئية شديدة التأثير على أداء الأزمة، خاصة التى يكون محورها الأفراد،كما أنها تضع قيودا على حركتهم، وتجعل من السهل التنبؤ بسار الأزمة.
البيئة الاجتماعية:-
لكل مجتمع خصائص اكتسبها خلال وعبر تاريخه الطويل، وأصبحت لازمة وحاكمة له، ومسيطرة على سلوكياته، ومن ثم يتعين على متخذ القرار فى الكيان الإداري ان يحدد شخصية المجتمع المحيط به.
البيئة الاقتصادية:-
وهى أكثر البيئات أهمية فى تشكيل طبيعة الأزمات، فالمناخ الاقتصادي يعد عاملا هاما فى إحداث الأزمات، فكلما كان مستوى المعيشة مرتفعا، كلما كانت التوترات والأزمات الاقتصادية قليلة والعكس صحيح.
البيئة السياسية:-
وهى من أكثر البيئات خطورة وتأثيرا على الأزمات، وعلى إدارة الأزمات فى الوقت ذاته وتتعلق هذه البيئة أساسا بالحقوق السياسية التي للمواطن.
الأسس النظرية العامة لعلم
إدارة الأزمات
يعد علم إدارة الأزمات أحد العلوم الإنسانية الحديثة التى ازدادت أهميتها فى عصرنا الحاضر، والذي شهد العديد من المتغيرات المتكاثفة شديدة الغرابة الى حد المعجزات، سواء على المستوى الدولي أو على المستوى الإقليمي، أو على المستوى القومي.
أولا:- مفهوم الأزمة وتعريفها وخصائصها
على الرغم من تعدد المؤلفات حول الحوادث التاريخية للأزمات المختلفة التى صادفت البشرية خلال القرون الماضية، إلا أن الإسهام النظري العلمي من أجل تأسيس نظرية متكاملة لعلم إدارة الأزمات ما زال محدودا حتى اليوم.
المفهوم العلمي للأزمة:-
تعتبر الأزمة عن موفق وحالة يواجهها متخذ القرار فى أحد الكيانات الإدارية ( دولة، مؤسسة ، مشروع، أسرة ) تتلاحق فيها الأحداث، وتتشابك معها الأسباب بالنتائج، ويفقد معها متخذ القرار قدرته على السيطرة عليها، أو على اتجاهاتها المستقبلية. وللأزمة بهذا المنطق خصائص أساسية هى:-
1. المفاجأة العنيفة عند انفجارها واستقطابها لكل الاهتمام من جانب جميع الأفراد والمؤسسات المتصلة بها أو المحيطين بها.
2. التعقيد والتشابك، والتداخل، والتعدد فى : عناصرها، وعواملها ، وأسبابها، وقوى المصالح المؤيدة والمعارضة لها.
3. نقص المعلومات وعدم وضوح الرؤيا لدى متخذ القرار، ووجود ما يشبه الضباب الكثيف الذى، يحول دون رؤية أي الاتجاهات يسلك.
4. سيادة حالة من الخوف قد تصل الى حد الرعب من المجاهيل التى يضمها إطار الأزمة.
يتحدد بعدين أساسيين للأزمة هما:-
· انكسار العلاقة التاريخية المعتادة
· المأزق الازموى الحاد
الأزمة تمر بعدة مراحل أهمها ما يلي:-
1. مرحلة بؤرة الأزمة.
2. إيجاد المناخ المحابي أو توافرة.
3. استخدام العوامل المساعدة.
4. عدم إحساس وتغاضي عن بوادر قوى الأزمة.
5. سيادة مظاهر التوتر والقلق.
6. حدوث العامل المرتقب " العاملx ".
7. انفجار الأزمة.
ثانيا:- خصائص الأزمة:-
وأهم هذه الخصائص ما يلي:-
1. وجود مجموعة من قوي ذات الاتجاهات الضاغطة على الكيان الإداري، ومتخذ القرار فيه لإملاء إدارتها سواء مادية أو اجتماعية أو نفسية أو إنسانية وتشكل تيارا من الضغط الرهيب عليه.
2. أن يشكل هذا الضغط الازموى تهديدا أساسيا لمصالح الكيان واستمراره فى أدائه الوظيفي ، ولأهدافه ولأمنه ولاستقراره.
3. أن تخرج متطلبات معالجتها عن الطريق والوسائل العادية المعتادة فى مواجهة المشكلات والمواقف الحرجة الأخرى.
4. أن يشعر متخذ القرار فى الكيان الإداري بالحيرة البالغة والعجز، وعدم القدرة على التعامل معها، وأن جهوده التى يبذلها موضع شك سواء من حيث التأثير أو التأثر.
5. قد يصل الأمر الى حد فقد متخذ القرار الإداري ثقته فى نفسه، وتصعيد حالة الخوف الذاتي لديه.
6. أمام حالة انعدام التوازن، وفقد القدرة على الرؤية يصبح متخذ القرار عرضة للاستهواء، ويصبح تحت سيطرة الآخرين المتخصصين منهم وغير المتخصصين.
7. كثيرا ما يؤدى نجاح قوى الأزمة فى اجتياح دفاعات الكيان الإداري، الى ظهور قوى مؤيدة لها وروافد جديدة مدعمة لها، لم تكن تظهر من قبل، متمثلة فى أصحاب المشكلات التى عولجت فى الماضي معالجة جزئية.
8. تساعد الأزمة على ظهور أعراض سلوكية مرضية خطيرة مثل القلق، والتوتر ، وفقدان العلاقات الاجتماعية، وشيوع اللامبالاة وعدم الانتماء، وهذا فى جانبها السلبي، أما فى الجانب الإيجابي فقد تؤدى الى التخريب والتدمير والإتلاف للموجودات المادية المتواجدة فى الكيان الإداري.
9. يصعب تحمل الكيان الإداري للموقف الأزموى لمدة طويلة بل إن البعض يحددها فقط لمدة ثلاثة أيام، والبعض يحددها لمدة أسبوع، وأن فقد الكيان الإداري لتوازنه، وعجز قدرة متخذ القرار على استعادة هذا التوازن خلال هذا التوازن خلال هذه الفترة يؤدي الى الدمار الكامل للكيان الإداري.
أنواع الأزمات وتقسيماتها
تتعدد أنواع الأزمات وتختلف، آلا أنه يمكن تصنيفها وفقا لعدة أسس أهمها الأسس الآتية:-
1. تصنيف الأزمات من حيث مرحلة التكوين.
2. تصنيف الأزمات من حيث معدل تكرار حدوثها.
3. تصنيف الأزمات من حيث شدتها.
4. تصنيف الأزمات من حيث عمق الأزمة.
5. تصنيف الأزمات من حيث الشمول والتأثير.
6. تصنيف الأزمات من حيث موضوع أو محور الأزمة.
7. تصنيف الأزمات من حيث المستوى.
أولاً: تصنيف الأزمات وفقا لمرحلة التكوين:-
تمر الأزمة باعتبارها ظاهرة اجتماعية بدورة حياة، مثلها فى هذا مثل أي كائن حي، وهذه الدورة تمثل أهمية قصوى فى الإحاطة بها من جانب متخذ القرار الإداري، فكلما كان متخذ القرار سريع التنبه فى الإحاطة ببداية ظهور الأزمة، أو بتكون عواملها كلما كان اقدر على علاجها والتعامل معها.
ثانيا :- تصنيف الأزمات من حيث تكرار حدوثها:-
ويعد هذا الأساس من أهم الأسس التى تستخدم فى التفرقة بين الأزمات وفى تشخيصها أيضا ووفقا لهذا الأساس يمكننا أن نميز بين نوعين من الأزمات هما:-
· أزمات ذات طابع دوري متكرر.
· أزمات غير دورية عشوائية وغير متكررة ألا نادرا.
ثالثاً:- تصنيف أزمات وفقا لمقدار عمق الأزمة:-
يمكن تصنيف الأزمات وفقا لمقدار عمقها أو تغلغلها فى بنيان الكيان الذى حدثت به الزمة الى نوعين أساسيين هما:-
· أزمات سطحية.
· أزمات عميقة متغلغلة.
رابعاً:- تصنيف الأزمات من حيث التأثير:
يمكن تقسيم الأزمات الى نوعين أساسيين وفقا لمقدار وحجم تأثير الأزمة على أداء الكيان الذى حدثت فيه الأزمة، الى نوعين هما:-
· أزمات ظرفية هامشية محدودة التأثير.
· أزمة جوهرية هيكلية التأثير.
خامساً:- تصنيف الأزمات من حيث درجة شدتها:-
ووفقا لهذا الأساس يتم تصنيف الأزمات الى نوعين أساسيين هما:-
· أزمات عنيفة جامحة ساحقة ماحقة.
· أزمات هادئة خفيفة.
سادساً :- من حيث المستوى:-
ووفقا لهذا الأساس يمكن لنا التفرقة بين نوعين من الأزمات هما :-
· أزمات على المستوى القومي الكلى.
· أزمات على المستوى الخاص بالوحدة الإنتاجية أو على المستوى الجزئي.
سابعاً:- من حيث علاقة الأزمة بالعالم الخارجي:-
يمكن لنا تصنيف أنواع أخرى من الأزمات وفقا لمدى علاقتها بالعالم الخارجي على النحو التالى:-
· أزمة عالمية مستوردة من الخارج.
· أزمة محلية أمكن تصديرها الى الخارج.
· أزمة محلية لا يمكن تصديرها الى الخارج.
مناهج تشخيص الأزمات
يعد التشخيص السليم للأزمات هو مفتاح التعامل معها، وبدون هذا التشخيص السليم يصبح التعامل مع الأزمات ارتجالاً، وأساس التشخيص السليم هو المعرفة والممارسة والخبرة والإدراك.
وفيما يلي عرض لكل منها:-
1. النهج الوصفي التحليلي.
2. المنهج التاريخي لتشخيص الأزمات.
3. منهج النظم فى تشخيص الأزمات.
4. المنهج البيئي.
5. منهج دراسة الحالة لتشخيص الأزمات.
6. منهج الدراسات المقارنة لتشخيص الأزمات.
7. منهج الدراسات المتكاملة لتشخيص الأزمات.
احتياجات التعامل مع الأزمات
يرتبط التعامل مع الأزمات بتحديد الاختيارات والمسارات التى يتعين على متخذ القرار أن يسلكها ويتعامل بها مع الأزمة، والتي وفقا لها تتحدد سيناريوهات التعامل مع الحدث الأزموى.
الوصايا العشر للتعامل مع الأزمات:-
وهى تمثل الدستور الإداري الذى يتعين على كل متخذ قرار أن يعيه جيدا عند التعامل مع أى أزمة تواجهه، وهذه الوصايا العشر هى:-
1. توخي الهدف.
2. الاحتفاظ بحرية الحركة وعنصر المبادلة.
3. المباغتة.
4. الحشد.
5. التعاون.
6. الاقتصاد فى استخدام القوة.
7. التفوق فى السيطرة على الأحداث.
8. الأمن والتأمين للأرواح والممتلكات والمعلومات.
9. المواجهة السريعة والتعرض السريع للأحداث.
10. استخدام الأساليب غير المباشرة كلما كان ممكنا.
الاحتياجات الإدارية للتعامل مع الأزمات
يتطلب التعامل مع الموقف الأزموى، وإدارة استخدام عدة أساليب إدارية متقدمة تعمل على تحقيق المناخ المناسب للتعامل مع الأزمة، وفيما يلي عرض مبسط للهياكل التنظيمية :-
أولا:- تبسيط الإجراءات:-
لا يعقل أبدا أن تخضع المعالجة أو التعامل مع الأزمات لنفس الإجراءات المنصوص عليها فى معالجة المشاكل المختلفة،فالأزمة لا تنتظر، بل إن تجاهل عنصر الوقت قد يؤدى إلى دمار كامل للكيان الإداري الذى حدثت فيه الأزمة.
ثانياً:-إخضاع التعامل مع الأزمة للمنهجية العلمية:-
لا يمكن التعامل مع الأزمة فى إطار من العشوائية الارتجالية أو سياسية الفعل ورد الفعل، بل يجب أن يخضع التعامل مع الأزمة للمنهج الإداري السليم لتأكيد عوامل النجاح.ويقوم المنهج الإداري العلمي على أربع وظائف أساسية هى:-
التخطيط:-
يعد التخطيط بمثابة الإطار العام الذى يتم فى نطاقه التعامل مع الأزمات، وهو ما يعنى التحديد المسبق لما يجب عمل هو كيفية القيام به، ومتى، ومن الذى سيقوم به.
التنظيم:-
لضان التدخل الكفء فى الأزمات، لابد من توفر نوع من التناسق والتنسيق والتوافق والتكامل بين الجهود المختلفة التى تبذل لإدارة الأزمة، خاصة عندما تحتاج الأزمة الى جهد جماعي.
التوجيه:-
حيث تعتمد إدارة الأزمات على فن المواجهة الجريئة والسريعة والصحيحة لأحداث الأزمة، وهى عملية تحتاج الى معرفة إمكانيات الأفراد والظروف البيئية المحيطة بالمواجهة الأزموية.
تفويض السلطة:-
تعد عملية تفويض السلطة " قلب" العملية الإدارية النابض، وشريان الدورة الدموية فى إدارة الأزمات، ومن ثم فإن تفويض السلطة ينظر إليه باعتباره محور العملية الإدارية، سواء فى إدارة الأزمات أو فى نطاق فريق المهام الأزموية.
التعامل مع الأزمات
يعد التعامل مع الأزمات أحد المختبرات الرئيسية التى تظهر مدى كفاءة الإدارة، فالمواقف الصعبة هى التى تحدد بشكل كبير مدى علم، ومعرفة، وخبرة المديرين، وتحدد قدرتهم على مواجهة الأحداث الصعبة،ومن ثم فإن الرؤية الصحيحة، والقدرة على التحليل السريع الصائب، والشجاعة على اتخاذ القرار، وفوق كل هذا الشجاعة على الاعتراف بالأخطاء وعدم التنصل من المسئولية..
كل هذا وغيره لا يتم الحكم عليه إلا من خلال الأزمة.
ويهدف التعامل مع الأزمة الى قهر الأزمة وإملاء الإدارة على صانعيها، وهو أمر يستلزم فى الأزمات.
خطوات التعامل مع الأزمات
يمر التعامل مع الأزمات وإداراتها إدارة عملية رشيدة بسلسة متكاملة ومترابطة من الخطوات المتتابعة، وفيما يلي عرض موجز لكل خطوة منها:-
أولا:- تقدير الموقف الأزموى:-
يقصد بتقدير الموقف الأزموى تحديد جملة التصرفات التى قامت بها قوى صنع الأزمة، وقوى كبحها، شاملة تقدير مكونات هذه التصرفات وما وصلت غليه الأزمة من نتائج، وردود أفعال، وآراء ومواقف محيطة مؤثرة أو متأثرة بها.
ثانيا :- تحليل الموقف الأزموى:-
بعد تقدير الموقف الأزموى وتحديده دقيقا، يقوم مدير الأزمة بمساعدة معاونيه بتحليل الموقف الأزموى، وعناصره المختلفة ومكوناته، بهدف اكتشاف المصالح الحقيقية الكامنة وراء صنع الأزمة والأهداف الحقيقية غير المعلنة التي يسعون لتحقيقها.
ثالثا:- التخطيط العلمي للتداخل فى الأزمة:-
وهى مرحلة رسم السيناريوهات ووضع الخطط والبرامج، وحشد القوى لمواجهة قوى الأزمة والتصدى لها، وقبل أن يتم هذا بكامله يتم رسم الخريطة العامة لمسرح عمليات الأزمات بوضعه الحالي، مع إجراء كافة التغيرات التى تتم عليه أولا بأول.
رابعا:- التدخل لمعالجة الأزمة:-
من خلال المعرفة والإحاطة الشاملة والكاملة والدراية"بالسيناريوهات البديلة" والسيناريو المعتمد والمجاز للتدخل فى الأزمة، وإسناد المهام، وتوزيع الأدوار على فريق المهام الأزموية يكون متخذ القرار الإداري فى إدارة الأزمات قد حدد كل شئ، ووضع لكل عنصر احتمالاته، وحسب اتجاهاته، ثم اتخذ القرار.
طرق التعامل مع الأزمة
لتعرف على طرق التعامل مع الأزمات و التى تنقسم الى نوعين من الطرق هما:-
· طرق تقليدية.
· طرق غير تقليدية.
أولا:- الطرق التقليدية للتعامل مع الأزمات:-
هذا النوع من الطرق له طابع خاص يستمد من خصوصية الموقف الذي يواجهه متخذ القرار فى إدارة الأزمات، ومن أهم الطرق التقليدية للتعامل مع الأزمات ما يلي:-
1. إنكار الأزمة.
2. كبت الأزمة.
3. تشكيل لجنة لبحث الأزمة.
4. بخس الأزمة.
5. تنفيس الأزمة.
6. عزل قوى الأزمة.
7. إخماد الأزمة.
ثانياً:- الطرق غير التقليدية للتعامل مع الأزمات:-
تستخدم الكيانات الإدارية مجموعة من الطرق غير التقليدية التى أصبحت أكثر من مناسبة لروح العصر، وأهم هذه الطرق هى:-
1. طريقة فرق العمل.
2. طريقة الاحتياطي التعبوي للتعامل مع الأزمات.
3. طريقة المشاركة الديمقراطية للتعامل مع الأزمات.
4. طريقة احتواء الأزمة.
5. طريقة تصعيد الأزمة.
6. طريقة تفريغ الأزمة من مضمونها.
7. طريقة تفتيت الأزمات.طريقة تدمير الأزمة.
8. طريقة الوفرة الوهمية.
9. طريقة احتواء وتحويل مسار الأزمة.
نحو منهج متكامل للتعامل مع الأزمات
تحرص كافة الكيانات الإدارية أن يكون البرنامج مبنى على الآتي:-
1. وضوح الأهداف والسياسات والإجراءات للبرنامج لكل أفراد فريق معالجة الأزمة.
2. توفر الإمكانات المالية والبشرية والمعدات اللازمة للتعامل مع الأزمة الحالية والمتوقعة.
3. القدرة على اختيار الوقت المناسب للتدخل فى الأزمة، ومعالجة إفرازاتها وتجنب الكيان الإداري.
4. المرونة فى التنفيذ والقدرة على التطويع السريع للتوافق، والتكيف مع أحداث ومتغيرات الأزمة.
متطلبات التعامل مع الأزمات
أن النجاح فى إدارة الأزمة يتوقف على مدى القدرة على الرؤية الشاملة والمتكاملة للموقف الازموى بعناصره ، وهى بذلك إدارة عاقلة ورشيدة تقوم على الذكاء المفرط، والنظر البعيد، والفكر الحر، والقيادة الرنة المتكيفة مع المتغيرات والنتائج التى أفرزتها الأزمة هى:-
أولا – المدى الزمني المتاح للتعامل مع الأزمة.
ثانيا – الموارد المتاحة لدى الكيان الإداري.
ثالثا – الأفراد المدربين والمؤهلين على لإدارة الأزمات والتعامل معها.
فريق المهام الأزموية
لفريق مهام الأزموية أهمية خطيرة فى إدارة الأزمات، فأيا كانت طبيعة، أو محور الأزمة نجدها فى النهاية تتعلق وتتصل بإنسان سواء في نشوئها وتصاعدها، أو فى معالجتها والتعامل معها.
تكوين فريق المهام الأزموية:-
الأزمة أصبحت متحررة، ومتلونة، ومتغيرة، بشكل كبير نتيجة لاختلاف الأوضاع والظروف وبالتالي أصبحت الأزمات القديمة جديدة ، فضلا عن تزايد تشابكها وتكاثف علاقاتها، وتشعب عناصرها ومكوناتها، ونتيجة لهذا التشعب، والتعدد، والأتساع، والتنوع أن اختفت القرارات الفردية فى إدارة الأزمات، وأصبحت إدارة الأزمات إدارة جماعية القرار تقوم على فكرية متكاملة لفريق مهام متكامل للتعامل معها.
خصائص قائد فريق المهام الأزموية:-
نعم أنها القدوة الحسنة … والمثال الطيب لشخص قائد فريق المهام الأزموية، وصفاته الذاتية، وما يضفيه على رجاله من سجايا، ومثل وسلوكيات هامة، وتختلف المعالجة العلمية للأزمة باختلاف شخصية قائد المهام، وأهم هذه الخصائص ما يلي:-
1. خصائص شخصية.
2. خصائص موضوعية.
طرق اختيار وإعداد وتدريب أفراد فريق المهام الأزموية
أن أهم ما تحتاجه إدارة الأزمات، رجال قادرون على التعامل معها، فليس أيسر من وضع الأنظمة، ولكن الصعوبة هى فى ممارية العملية التنفيذية وتطبيقها بوعي واقتدار.
ومن هنا تصبح مهمة الحصول على الرجال وأفراد صالحين للعمل فى فريق المهام الأزموية مهمة ليست سهلة، وتحتاج الى مهارة خاصة سواء فى اختيار واختيار هؤلاء الأفراد أو فى تدريبهم وأعدادهم للتعامل مع الأزمات، وأهم هذه الطرق ما يلي:-
الرصد والتتبع:-
تقوم إدارة الأزمات برصد العديد من الأفراد الذين تنطبق عليهم الخصائص والمواصفات المطلوبة فى أعضاء الفريق.
الترشيح:-
حيث تتطلب إدارة الأزمات من مختلف الإدارات الأخرى فى الكيان الإداري ترشيح عدد من الأفراد الذين تتوفر فيهم مجموعة من المواصفات والخصائص التي يتم إبلاغهم بها.
الانتقاء الشخصي:-
حيث تلعب الصدفة والأحداث الأزموية دورا هاما فى اختيار أفراد الفريق الأزموى.
إدارة مجتمع الأزمة
تعد إدارة مجتمع الأزمة من أهم التفريعات الحديثة فى علم إدارة الأزمات، فالأزمة ما هى الإ وليدة تفاعل بين عوالمها ومسبباتها وبين المجتمع الذى نشأت وحدثت فيه، وكلما كان المجتمع بطبقاته وفئاته وعناصره وأفراده مختلفا كلما كان وقع الأزمة.
التأثير المتبادل بين الأزمة والمجتمع الذي حدثت فيه:-
على الرغم من أن أي أزمة هى وليدة مجتمعها، فإنه أيضا لا يمكن إغفال ما للأزمة من تأثير على المجتمع الذى حدثت فيه، وتفاعلت مع معطياته وظروفه التى يمر بها، وكذا ما للمجتمع من تأثير على الأزمة ذاتها.
تعبئة المجتمع لمعالجة ومواجهة الأزمة والتصدي للقوى الصانعة لها:-
تمثل الأحداث الجسام فرصة قوية من أجل تحقيق تلاحم الأمم، فالكوارث، والحروب، والأزمات تعطى فرصة لمتخذ القرار فى الكيان الإداري من أجل الحصول على التأييد والدعم، وتناسي الخلافات، والمطالب الخاصة من أجل المحافظة على الكيان الإداري الذي ينتمي إليه.
مشاركة المجتمع فى معالجة الأزمة:-
إذا كان واجب مدير الأزمات أن يجمع الأمة، ويوجد أفرادها، عن طريق بعث وتمجيد روح وقيم الولاء والانتماء، والتضحية، والفداء والبذل والعطاء، وتخليد بطولاتها، فإن هذا الواجب لا يكون هدفا فى ذاته، ولكنه يعد وسيلة الى الهدف أجل وأسمي، وهو الحصول على مشاركة المجتمع الإيجابية فى معالجة الأزمة.
ومن خلال هذا النموذج يمكن لنا أن نحدد أن عملية المشاركة الفعالة من المجتمع تحتاج الى تحديد أربعة جوانب أساسية هى:
الجانب الأول: الحلم الجماهيري، أو الهدف العلني الذى تتطلع الجماهير أو أفراد المجتمع الى تحقيقه، و الذى يرتبط أساسا، أو يتعين ربطه، بعنصر الأمان والبقاء والاستمرارية، أو باعتبارات الحياة الآمنة المستقرة.
الجانب الثاني: نقاط الضعف فى قوى صنع الأزمة، والتي تمكن من تصويرهم على أنهم قوى الشر والتدمير أعداء البشرية والتقدم، وأعداء الحضارة والمدينة، أو أعداء الاستقرار والخارجون عن الشريعة، مصاصو الدماء ولا يرغبون فى السلام وإحقاق الحق وإعادة الحق السليب لأهله.
الجانب الثالث: نقاط القوة التى نملكها نحن من حيث روابط العاطفة والشريعة والأمن المجتمعي العام، بل يمكن الإضافة أن إدارة مجتمع الأزمة فى هذا الجانب ترتبط بالقائد التاريخي.
الجانب الرابع: المعوقات التى قد تحول دون حسن إدارة الأزمة من حيث مقدار تفشى السلبية والانهزامية، أو القوى المعارضة، أو مقدار سيادة الاغتراب وعدم الولاء وعدم الانتماء، أو الاختلاف عن مفهوم المصلحة الوطنية.
ماذا بعد الأزمة؟
عندما تنتهي الأزمة، وتنحسر موجة ضغطها، وتعود الى مرحلة التوازن من جديد، تبدأ تساؤلات تفرض وتطرح نفسها، وتبحث كل منها عن إجابة، وتكاد كل منها تدور وتجتمع حول سؤال واحد هو…ماذا بعد الأزمة؟.
فالأزمة مرحلة..تعقبها مراحل متتالية، كل منها تتوالى وراء الأخرى، وتتسلسل بشكل منطقي متوالي، والأزمة هى جزء من تاريخ أحداثه متشابكة ومتتابعة ومتواصلة، ويصعب قبول انفصالها أو تقطيع هذه المراحل، وفيما يلي عرض موجز لهذه المراحل:-
أولاً: مرحلة العلاج والإصلاح:
وهى مرحلة شديدة الأهمية حيث تتولى القضاء على الآلام والمعاناة التى سببتها الأزمة ولأم الجراح، وإيقاف النزيف، وانتهاء تصاعد الخسائر المادية والبشرية والمعنوية، وإعادة الحال الى ما كان عليه فى محاولة قوية لطي صفحة الأزمة وإنساء ونسيان ما سببته من دمار وخراب.
ثانياً: مرحلة التجديد:
وهى مرحلة الرهانات الكبرى، مرحلة ذات بريق خاص، تجمع ما بين استعادة القدرة على الاستمرار، وما بين الرغبة فى الانطلاق بدون حدود. وهى مرحلة ترتبط ارتباطا جذريا وقويا بأسلوب جديد فى التفكير، وتعميق الشعور بأهمية التجديد من أجل التواصل.
ثالثاً: مرحلة التطوير :
وهى مرحلة المغامرة والتحول الكبير فى الاتجاه وفى المضمون وفى نوعية الحركة. فالأزمة تصنع واقعا جديدا من "الحيرة وعدم اليقين" ناجمة عن رفض كافة النماذج التى كانت قائمة قبل الأزمة.وفى هذه المرحلة يكون " مشروع التطوير " مستدعي بشكل قوى لما يحمله من عقلانية وقيم تمثل " رؤية جديدة لمجتمع ما بعد الأزمة" ومن ثم يحتاج هذا التحول الى تقديم شديد الذكاء له بريق قوى جاذب للاهتمام من جانب قوى الأزمة.
رابعاً: مرحلة الارتقاء والإضافة والتنمية والنمو السريع:
وهى مرحلة الاستعراض وجنى ثمار النجاح، ثم زراعتها فى المراحل السابقة، حيث يصبح الكيان الإداري نقطة جذب.
نحو نظام وقائي ضد الأزمات
إذا كنا نعيش فى عالم الأزمات .. فإن الأزمة معه تصبح حقيقة ملموسة اعترافنا بذلك، أم لم نعترف، وهذه الحقيقة الصعبة تتطلب وجود إدارة رشيدة للتعامل مع الأزمات، إدارة تبنى على المعرفة وعلى الرشادة، وعلى الأسس العلمية المكتسبة من واقع التجارب الإنسانية ومن خلال جهود العلماء والباحثين فى شتى المعارف والعلوم المتصلة بعلم إدارة الأزمات.
وقد نستطيع فى المستقبل الحيلولة دون وقوع هذه الأزمات من أساسه.
أولاً: أهمية نظام الوقاية ضد الأزمات:
أن الوقاية فى مفهومها البسيط هى مقدرة الكيان الإداري على مقاومة الأزمات التى تعترض طريقه، وبمعنى آخر مقاومة الكيان الإداري.
ومن هنا فإن مهمة نظام الوقاية ضد الأزمات تنصرف الى جانبين أساسيين هما:
الجانب الأول : حماية الكيان الإداري من كافة العوامل والعناصر الخارجية التى قد تؤدى الى أصابته بأزمة من الأزمات.
الجانب الثاني: حماية الكيان الإداري من كافة العوامل والعناصر الداخلية التى قد تسبب أزمة من الأزمات للكيان الإداري.
ثانياً: طريقة عمل جهاز الوقاية ضد الأزمات:
تقوم عملية الوقاية ضد الأزمات وتستند على هدف دائم ومستمر، هو ضمان التشغيل الاقتصادي والأداء المتميز للكيان الإداري، سواء كان هذا الكيان ممثلا فى دولة من الدول، أو مجتمع من المجتمعات أو شركة من الشركات، ومن هنا محورين أساسيين لعمل جهاز وقاية ضد الأزمات هما:
المحور الأول: متابعة الأداء التشغيلى للكيان الإداري للوقوف أولا بأول على كل ما قد يؤثر على هذا الأداء من داخل الكيان أدارى وعناصره وعوامله المختلفة.
المحور الثاني: التدخل السريع والفوري سواء المباشر عن طريق الصدام، أو غير المباشر عن طريق الاحتواء والامتصاص لإفقاد القوى الداخلية والخارجية المسببة للأزمة قوتها وخطورتها وإضعافها ووقف تصعيد الأزمة والقضاء عليها.
