• كلمة الدكتور

    كلمة الدكتور كمال الأسطل:

    نسعى جاهدين لدعم الطالب الفلسطيني في كافة المجالات ، واستغلال التكنولوجيا المعلوماتية لذلك قمنا بانشاء الموقع الالكتروني , ويحتوي على مميزات عديدة من اجل ...
  • التفاعل والمشاركة

  • CV - السيرة الذاتية

الأربعاء04-10-2023

نظرية الصراع الدولي والصرع العربي الإسرائيلي- نظريات في العلاقات الدولية إعداد/ الطالبة ريم وشاح بإشراف د.كمال الأسطل

 تاريخ النشر: 17/1/2011   وقت 11:03:07 صباحا   | طباعة |  ارسل لصديق

جامعة الأزهر- غزة

كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية

قسم العلوم السياسية

برنامج الماجستير

 

 

 

 

بحث بعنوان:

 

الصراع العربي-الإسرائيلي صراع دولي

 

 

اسم الطالبة: ريم مطلق وشاح

مدرس المساق: دكتور/ كمال الأسطل

مساق: نظريات في العلاقات الدولية

 

 

غزة – فلسطين

 

2007-2008 م

 

 

 

 

 

 

 

 


الفصل الأول

 

نبذة تاريخية عن الصراع من منظور عام  

 

مقدمة

 

يعد الصراع والوجود البشري متلازمة منذ الأزل وإلى الأبد، وأكدت هذه المتلازمة الشرائع السماوية، ونظَّرَّت عنها المدارس الفلسفية، وتناولتها العديد من الدراسات المتخصصة بالتحليل والنقد عن ماهيتها، وأسبابها، وآفاقها، بغض النظر طبيعة كل صراع. وكان العامل المشترك الأساسي في جميع الصراعات المختلفة وجود الإنسان كطرف في الصراع، وعليه، لا يمكن أن يوجد صراع دون إنسان يحركه بناءً على مداخل عدة يكون الإنسان ركيزتها.

 

ودرباً على هذا، لا يمكن أن تصارع أيديولوجيات أيديولوجيات أخرى، دون أن يكن هناك مَن يعتنق هذه الأيديولوجيات، الذين تتناقض رؤيتهم ومصالحهم وأهدافهم إلى درجة توصل إلى صراع أيديولوجي دولي.

 

ومن هنا، يمكن الانتقال إلى مفاهيم أساسية لهذه الدراسة، والتي من خلالها يمكن التطرق تدريجياً إلى موضوع الدراسة، وهو الصراع الدولي.      

 

المبحث الأول

 

1.1 مفاهيم الدراسة: صراع، نزاع، صدام

 

يعود أصل الكلمة “Conflict” الانجليزية و”Conflit” الفرنسية إلى الأصل اللاتيني “Conflictus” والتي ترجمت إلى العربية بمفردات: صراع، نزاع، تضارب، قتال، وشقاق، وتعني جميعها وجود اختلافات وتضارب، سواء كان في مواقف أومصالح أو أهداف ما. ولكن توجد اختلافات في العربية لمعاني هذه المفردات، والتي أقواها مفردة "صراع" الدالَّة على صرع الشيء، أي ضربه في مقتل. ومنها يستدل على أنه كل طرف في الصراع يريد أن يفني الآخر للحفاظ على بقاء نفسه. وهذا التقديم لمفهوم "الصراع" لُغوياً، يمكنه أن يوضح ما يقصد بالصراع

في علم السياسية.

 

وبما أن العلوم السياسية هي أحد الفروع العلمية الإنسانية، والتي من موضوعاته الصراع، أصبح للصراع علم بذاته يسمى علم الصراع، "Conflictology"، وهو العلم المنهجي الذي بدأت أساساته تظهر بعد خمسينات القرن العشرين في أوروبا الغربية. وهو الذي يجعل من الصراعات مادته الأساسية لوصفها، وتحليلها، والتنبؤ بمستقبلها، ومعرفة مداخلها، ومراحلها، وأطرافها، وجميع المؤثرات فيها، والتي تبقى أحياناً عصيةً على التحليل.  

 

وأما كلمة "نزاع" فيعود أصلها إلى الفعل نزع، أي أخذ بالقوة، ومن هنا لا يمكن استخدام كلمة نزاع كبديل لغوي أو رديف لكلمة صراع، وكذلك مفردة صدام، والتي تعني وجود عقبة ما تحول دون بلوغ الهدف، أو تعقد من مسألة بلوغ الهدف بسهولة.   

 

2.1 الفرق بين الحرب والصراع

 

يعد مفهوما الحرب والصراع مفهومان قريبان إلى حد الخلط بينهما على أنهما رديفين، ولكن الحد الفاصل بينهما هو أن الحرب شكلها واحد، يمارس فيها فعلياً العنف المسلح بين الاطراف المتحاربة، لتنتهي إما بنصر أو هزيمة وذلك بعد أن تستوفي الحرب مدتها الكافية. فلا يوجد في الحرب أنصاف نتائج، خاصة في النصر والخسارة. فالمناورة العسكرية في الحرب مطافها لصالح طرف ضد الاخر.

 

أما الصراع، فهو في أساسه يعتمد على تنافس بين المصالح الوطنية للدولة مع دولة أو دول أخرى، لهذا، فإن اختلاف الدول في استراتيجياتها، وخططها القومية، وقدراتها العسكرية والسياسية، وما تملكه من مقدرات وما تصوغه من أهداف تطوع من أجلها سياستها الخارجية تخلق حالة من الالتقاء مع بعض الدول، وفي نفس الوقت حالة من التنافر والتنازع مع دول أخرى.

 

وعليه، فإن دائرة الصراع أكثر اتساعاً وأطول بقاءً من الحرب، التي تعد جزءاً من جزيئات الصراع، كما هو الحال في الحرب الباردة التي هي أحد أشكال الصراع الدولي، حيث سيطرت على هذه الحرب التناقضات الايديولوجية بين الكتلتين الغربية والشرقية، وانتهائها لم يصل إلى حد استخدام العنف المسلح.

 

 

3.1 تاريخ الصراع من منظور عام

 

هناك مقولة مفادها "أن وجود فرد يعني سلام، ووجود فردين يعني صراع، ووجود أكثر من ذلك يعني تحالف" وقد أكدت نفسها هذه المقولة من خلال، النزعة الفردية التي يرى شخص ما في نفسه انسجام مع ذاته، وسرعان ما يصبح هذا الانسجام تناقض وتباين في حال وجود النظير، ومن ثم تتسع هذه الدائرة في التعارض التي لا بد وأن يكون فيها انسجاماً بين البعض لتصبح التكتلات واضحة المعالم ومن ثم تتحد جماعات مع بعضها البعض في وجه جماعات أخرى.

 

ومن هذا التقويم البسيط عن نفسية الانسان، يمكن تطبيق هذه التناقضات والانسجامات بين الدول التي هي من شخوص النظام السياسي الدولي.

 

وعليه، فقد عرفت العصور القديمة التنافرات والشقاقات والمنازعات إلى حدٍ بلغت فيها حروب قاسية ذهب ضحيتها بلدان بأكملها، وما فيها من مورد بشري ومادي، وفناء لحضارات وثقافات ومعالم أثرية.

 

فالصراعات البشرية كانت قديماً محدودة الأهداف، حيث تركزت حول زيادة تضامن وتكاثف الوجود الاجتماعي، وتوفير الحاجات المادية الضرورية للحياة، وكانت كلفتها بسيطة، سواء بالخسارة البشرية أو المالية، لأن أسلحتها كانت أيضاً بسيطة بين الأطراف المتصارعة. وبالتالي كان التكافؤ بين السلاح المستخدم والخسارة –في توازٍ- كماهو الحال اليوم، حيث تطور السلاح الفتاك واستخدام يزيد من تعداد الضحايا والخسارات البشرية والمادية.           

 

ويبين من هذا أن الصراع كان قديماً يأخذ شكل القتال بالسلاح، حيث أن التقدم في التقنية المسلحة في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، حيث ظهور المفرقعات، والقذائف المعدنية، زاد من حدة ووحشية التدمير والقتل بين الأطراف المتصارعة، فقد كان الصراع يأخذ شكلين إما الفناء أو البقاء، لذا لم يعرف الصراع بين الأمم ذلك الوقت أشكاله المتعارف عليها اليوم، من دعائية، إعلامية، دبلوماسية، أيديولوجية، تسلحية، وما غير ذلك من أشكال.

 

وأما عن موقف الأديان السماوية من الصراعات يمكن تناولها في ثاني مباحث هذا الفصل.

 

 

المبحث الثاني

 

4.1 الصراع في العقيدة المسيحية واليهودية

 

تتناول الديانات السماوية مسألة الحرب، التي هي جزئية من جزيئات الصراع، بطرق مختلفة حسب كل ديانة. فيرى المسيحيون أن المسيحية والسلام ثنائيان متلازمان، لا يفرق بينهما شيء، طوال ثلاثة قرون، حتى مجيء القديس أوغسطين، في بداية القرن الرابع ميلادية وأقر مشروعية الحرب باعتبارها الانتقام الأهلي العادل وذلك باستخدامها وسيلة لتحقيق السلام، الأمر الذي أنهى الصراع الذي كان بين الامبراطورية والمسيحية، وبها أعطي التصريح بالالتحاق في العسكر. وهنا يأتي مفهوم تشريع الحرب الدفاعية، وذلك من منظوره هو، التي بها قلب أوغسطين مفهوم السلام في المسيحية، حيث الدفاع عن المطلومين بهذه الحرب، أباحت الحروب الاعتدائية والتي تمثلت في الحملات الصليبية قبل ظهور الاسلام بقرون ثلاثة، وعليه تشكلت فكرة الحرب في الفكر المسيحي على أنها حرب عادية لحماية النفس، إلا أن التطبيق لهذه التعاليم المسيحية كانت تصب في حرب اعتدائية ضد الشرق العربي المسلم لغزوها، والمعروف من نظرهم "تحرير الأراضي المقدسة" كما أن التطبيق ذاته كَّلف قرابة 3,000,000 من العرب في الأندلس أرواحهم، بعد عقد اتفاقية التسليم، عند سقوط الأندلس في أيدي المسيحيين، وكذلك قرابة مليون يهودي.

 

وهنا، لابد من التفريق بين المسيحية العربية والمسيحية الغربية، وما تجلى في خطاب الرئيس لأمريكي جورج بوش الإبن، عندما أعلن حربه في الشرق الأوسط أنها حرباً "صليبية" وذلك في ظل ظام دولي أحادي القطبية تترأسه الولايات المتحدة الامريكية بعد سقوط صراع الأيدولوجيات.

ولا يسع هنا، إلا التذكير بأن المسيحية تؤيد فكرة الدفاع عن النفس باستخدام السلاح، استناداً إلى قول لمسيح عليه السلام اغلييهم، "من لايملك سيفاً فليبع ردائه ويشتريه"

 

أما في اليهودية فالحرب نوعان، وحق توارثهم، الأولى ضرورية للدفاع عن الأرض، يخوضها القائد بملئ إرادته والثانية إرادية يخوضها القائد لتوسيع الحدود، وذلك بعد استئذان المحكمة العليا عند اليهود.

 

5.1 الحرب كجزء من الصراع، في المنظور الاسلامي

 

تختلف مسألة الصراع، كمفهوم في الدين الاسلامي، وكتطبيق، حيث مفردة "الجهاد" هي الأساس للعمل القتالي في الدين الاسلامي، وبحيث يكون هذا العمل القتالي في سبيل الله فقط، لا في سبيل الكسب الدنيوي، ولهذا، فإن المفهوم لكلمة الجهاد من منظور غربي، يعني الاعتداء على الآخر، ألا وهو الغرب عامةً، خاصة أن "المشركين" هم الذين حث الدين الإسلامي على قتالهم في حال الاعتداء.

وعلى هذا الأساس، فقد ازدادت التشويهات الغربية إلى "الجهاد" كمفهوم إسلامي بحيث تم تسويغه غربياً على أنه ارهاب، حتى وصل بهذا الشويه ذروة الصدام مع الدين الإسلامي، حتى أصبحت مفردة الإرهاب هي الرديفة للدين الإسلامي من منظور الغرب.

 

6.1 نبذة عامة عن أسباب نشأة الصراع عبر تطور المجتمع البشري

 

هناك اختلافات واضحة بين المنظرين حول أسباب ظاهرة الصراع في المجتمع البشري، فالاتفاق بين جميعهم يتمحور في الحياة البدائية التي جعلت الإنسان البدائي متصالح مع نفسه لتأمين زاده اليومي من خيرات الطبيعة، ثم التكاثف اجتماعياً في إطار جماعة بشرية للدفاع عن هذه الجماعة، ثم اتحاد جماعات بشرية عدة مع بعضها البعض كان كفيلاً تدريجياً لأن يخلق علاقة بين هذا الإنسان البدائي والأرض التي يسكن عليها. ولك يبق الأمر هكذا، إلا أن هذه العلاقة توطدت مع باطن الأرض، لا قشرتها فقط، فبدأت العصور التاريخية تحمل أسماء المعادن المكتشفة، والتي استخدمت في صناعات تلك الأزمنة، وبدأت الملكيات والتناحر عليها، حتى أنه أصبح الإنسان يعرف بالمورد أو الثروة البشرية كأحد مقومات القوة القومية للدولة، لا فقط الموارد الطبيعية.

 

ويأتي كارل ماركس في تفسيره للصراع، الذي يعوِّل فيه إلى عدم التساوي في امتلاك الموارد الطبيعية بين الموارد البشرية، حيث يعتمد ماركس في نظريته عن الصراع، أنه صراع طبقي محض، بين الإقطاعية وطبقة الفلاحين والعمال الكادحة، مما يعني وجود مالك للثروات الطبيعية والأفراد معاً، ومملوكين، ألا وهم الأفراد، الذين تتولد لديهم رغبة الانعتاق من ملكية بني جنسهم لهم.

 

ويقول الدكتور عبارس رشدي العماري في هذا موجِزاً عن أسباب الصراع الاجتماعي "...يذكر الأستاذ محمد حسنين هيكل أنه كان هناك أحد عشر ألفاً من كبار الإقطاعيين يملكون وحدهم 70% من الأراضي الزراعية، في مقابل 11 مليون فلاح لا يملكون سوى أجر يومهم"[1]

 

ويكمل العماري قوله "إن الغبن الاجتماعي، وعدم تكافؤ الفرص في العمل أو في المشاركة السياسية، والتنافر القومي والديني في المجتمعات التي تتعدد فيها الأعراق والديانات، والصراعات الحزبية، والثقافية ((التجديد في مواجهة قداسة التراث)) كلها مفجرات للصراع الاجتماعي" [2]

 

وعليه، فإن الصراع له أوجه، كما له مفعِّل. فما دام التناقض مستمر بين الظلم والمظلوم، فالصراع يأخذ، بالتالي، صبغة الديناميكية، التي تجعل منه إيجابياً أحياناً، وسلبياً أحياناً أخرى.

 

7.1 أوجه الصراع الإيجابية

 

من خلال النبذة العامة عاليه، فيمكن لمنطق التسلسل في الصراع أن يجعل للصراع الاجتماعي، على سبيل المثال لا الحصر، أوجهاً إيجابية، تتمثل في مقاومة أنواع الظلم، والمطالبة في تحقيق عدالة اجتماعية في المجالات الحياتية كافة. وهذا الأمر تحقيقه ليس بالهَيِّن، إذ أول ما تتطلبه هو بناء الثقة بين الأطراف المتصارعة، واستبدال الشعور الصراعي بشعور التفاهم والانسجام، لتحقيق مستويات الأمن الشخصي والجماعي، وكذلك التنمية بمجالاتها المختلفة.

 

8.1 أوجه الصراع السلبية

 

قد تكون الصراعات سلبية إلى حد التدمير على المستويات المجتمعية، والاجتماعية، والمهنية، حيث تنخفض نسبة التقبل الاجتماعي بين الأطراف المتنازعة، وتتأثر نسبة الانتماء للجماعة، ومن ثم لمنطقة الصراع، كما تنخفض انتاجية العمل، ويتم تسريح العمال، أو فرض عقبات عمل عليهم ضمن حدود منطقة الصراع. هذا النوع من الصراع قد يودي إلى حالة عالية من التأزم، التي هي حالة متقدمة من مراحل الصراع.

 

المبحث الثالث

 

9.1 بداية ظهور الصياغة النظرية للصراع

 

ترجع إلى أواخر القرن 19 حيث كان روادها كارل ماركس، وزيميـل، وغومبلوفيتش، وسبنسر. ويرى ماركس أن الصراع هو طبقي، وصراع الطبقات الاجتماعية هي المفعل والمحرك للصراع، الذي هو حتمية ما دامت المساواة في الملكية غائبة.

 

وغيورغ زيميل، المتعارف عليه من خلال موقفه "الوظيفية الصراعية"، اعترف بضرورة وجود الصراعات في المجتمع ، ويرى أن الأسباب الاقتصادية والتناقض بين الفرد والمجتمع واقع موجود ويحرك الصراع، وهو يؤمن بإيجابية الصراعات من أجل إحداث تكامل اجتماعي، وتعزيز التكاتف الاجتماعي، الأمر الذي يحافظ على العلاقات والنظم الاجتماعية.

 

10.1 الإطار النظري لأسباب نشوء الصراع

 

1.     أسباب عامة: سياسية، اجتماعية، اقتصادية، سكانية، اجتماعية-نفسية ((ما يتعلق بالعلاقات المتبادلة بين أطراف الصراع، القيادة، الحوافز والاحتياجات المراد تلبيتها، والرأي العام))، وفردية-نفسية تتمثل في الطباع، المزاج، التفوق، القدرات الخاصة، إثبات الذات، وغيرها)).

2.     أسباب خاصة: رفض ظروف العمل، خرق قانون العمل، قلة الموارد، عدم المساواة في الحقوق والامتيازات، خرق الآداب العامة، إهانة المعتقدات الفكرية والدينية لشخص أو جماعة ما.

 

11.1 بنية الصراع

 

1.    أطراف الصراع: وهم أطراف مباشرة وغير مباشرة. وعادةً يكون جميعهم مفَعِّلون للصراع، سواء كانوا الأطراف المتصارعة نفسها، أو مؤيِديهم، مناهضيهم، مستفزيهم، مصالحيهم، مهادنيهم، أو الحياديين منهم.

2.     موضوع الصراع: ويجب أن يكون أطراف الصراع المباشرة هم الأقدر على تحديده للوقوف بشكل صحيح على أسبابه.

3.     منطقة الاختلاف: وتنتج عن عدم وضوح أسباب الصراع أحياناً، حتى أطرافه المباشرة لا يكون لديهم القدرة على توضيحها، مما يزيد التوترات بين المتنازعين، ويصبح كل طرف ينظر للآخر على أنه المعتدي.

4.     دوافع الصراع: وهي القوى الداخلية للصراع، والتي تتبنى وتشكل رؤية طرفي الصراع لتعبر عن حاجاتهم ومصالحهم، وقناعاتهم، ومثلهم العليا.

5.     أهداف أطراف الصراع: هي النتائج التي يخلص إليها الأطراف المتصارعة وتحاط بنوع من السرية النسبية، والإعلان عن بعضها يكون على طريقة مواقف معلنة: حيث الباطن غير الظاهر فيها.

6.     الخطوات العملية للصراع: هي التنفيذ العملي والمعلن من قبل الأطراف المتصارعة التي تُقبِل على حل صراعها، حيث التضاد في الأهداف يوصل للتصادم، وتبدأ عملية التنافر وعدم الثقة من جديد، وتصلب كل طرف من جانبه ضد الآخر قد يوصل إلى أزمة دولية، والتي هي مرحلة متقدمة من مراحل الصراع الدولي.  

 

12.1 الفرق بين الصراع الدولي والأزمة الدولية

 

تعرِّف الكاتبة كورال بييل في كتابها "قواعد الأزمة الدبلوماسية" أن الأزمة الدولية:

 

"صورة من صور الصراع الدولي، ذات طبيعة خاصة، تقع في المجرى العام لنهر العلاقات الدولية، وبين تياراته المتقاطعة، ((الصراع الدولي))، إلا انها أشبه ما تكون بالدوامة التي تستقل بقوانين خاصة، من حيث سرعة حركة مياهها عن باقي حركة مياه النهر، ومن حيث الإفلات من الغرق فيها يحتاج إلى حركة أسرع، وجهد أكبر من ذلك الذي تتطلبه السباحة في باقي أجزاء النهر"[3]

 

ويكمل الدكتور العماري التعريف على أن الأزمة الدولية يمكن السيطرة عليها من خلال استخدام أدوات ومهارات إدارة الأزمات قبل أن تصل إلى مرحلة الصراع المسلح. وعليه، تنشأ منطقة الفصل الواضحة بين إدارة كل من الصراع والأزمة والتي تتصف بالليونة والمرونة، وذلك من خلال التفريق التالي بين الإدارتين:

 

1.     إدارة الصراع تدفع باتجاه التحكم ومن ثم الإخضاع لإرادة الخصم عبر تطويعها

2.     إدارة الأزمة تعمد إلى تجنب وقوع حرب، ولكن ليس على حساب القيم المجتمعية الأساسية، ولكن قد يستخدم نوع من التدخل العسكري المحدود.

 

وبهذا التفريق بين إدارة كل من الأزمة والصراع، يتضح أن الصراع تنازع في إرادات الخصوم، وعندما يصبح الصراع دولياً، فهذا يعني تنازع في إرادات الدول في السياسة الدولية. ومن هنا يمكن التطرق إلى النقطة التالية، وهي المراحل التي يسلكها تطور الصراعات الدولية.

 

13.1 مراحل الصراع الدولي

 

تصنف مراحل الصراع الدولي على أنها الدورة الحياتية للصراع، وكما وضع العلامة العربي ابن خلدون عمراً زمنياً للدولة، وضع أصحاب التخصص في علم الصراع مراحل أربع تتلخص كالتالي: مرحلة التصاعد، ومرحلة التناقص، ومرحلة الاستقرار، ومرحلة التلاشي والاندثار.

 

وتعد المرحلة الأولى هي الأخطر، حيث يتم فيها زيادة أفقية ورأسية في حدود ووتيرة الصراع، والتي تعرف بتصاعد مداه وكثافته. وهذا يوجب، أيضاً، تحليل مصادر الصراع. وعليه، تخضع هذه المرحلة إلى معايير كمية، وأما المعايير الكيفية فهي المتعلقة بمصادر الصراع. وترتبط زيادة التصاعد الصراعي بتزايد درجة الكراهية وعدم ثقة أطراف الصراع ببعضهم البعض. وتتلخص مكونات مرحلة التصاعد الصراعي في نقاط خمس، يراها المتخصصون كالتالي:

 

1.     حدود المكان للصراع

2.     عدد الأطراف المشاركة في الصراع

3.     حجم الإمكانيات والموارد المخصصة للصراع

4.     نوعية السلاح المستخدم، مع التركيز على أسلحة الدمار

5.     أهداف الصراع ما بين شاملة ومحدودة

 

أما المرحلة الثانية، وهي التناقص، فيحصل فيها النقيض تماماً لمرحلة التصاعد، حيث ترتفع درجة حسن النوايا والثقة بين الأطراف المتصارعة، ويبدأ التناقص التدريجي في الفجوة الصراعية، الأمر الذي قد يوصل إلى مرحلة الثبات والاستقرار في الصراع، وهي مرحلته الثالثة، وأما المرحلة الأخيرة فهي التلاشي والاندثار والتي تتحقق من خلال النقاط التالية:

 

1.     اختفاء أسباب الصراع

2.     بلوغ الهدف الذي نشب من أجله الصراع

3.     إعادة تقييم المصالح لدى أحد الأطراف المباشرة في الصراع

4.     استسلام أحد أطراف الصراع

 

وانطلاقاً من هذه التوضيحات، يبين أن الصراع الدولي متغير وفق البيئة الدولية التي تحيط به، مما يجعل منه علماً له نظرياته ومنظريه. وبهذا يمكن صياغة اليسير من المعلومات حول هذا التنظير.

 

14.1 المداخل النظرية العلمية المنهجية لظاهرة الصراع الدولي

 

من نافل القول، أن العلاقات السياسية الدولية لها طبيعتها التي تحكمها ومن ثم تفرزها بناءً على العلاقات التي تسود بين الدول في فترة زمنية معينة لها ظروفها السياسية الدولية الخاصة بها، ومنه تم التأكيد أن العلاقات الدولية في زمن الامبراطوريات، تختلف عنه في زمن الأيدلوجيات، وما كان سائداً من نظام دولي قبل الحرب العالمية الأولى ليس هو السائد بعدها، وإن كان هناك الكثير من التشابه.

 

وهذا إنما يدل على أن الصراع الدولي أيضاً متطورٌ بتطورات المرحلة المحيطة به، والتي تؤثر بمتغيراتها المباشرة وغير المباشرة في طبيعة هذا الصراع، فهو كما العلاقات الدولية تماماً، فالصراع الدولي قبل الحرب الباردة، ليس هو نفسها بعد الحرب الباردة، وبالتالي فإن الصراع الدولي الثنائي القطبية ليس هو الصراع الدولي في زمن الأحادية القطبية.

 

هذه الديناميكية المرتبطة بطبيعة الصراع الدولي جعلت له مداخل عدة، تزيد لا تقل، مع  مرور الأحداث السياسية الدولية، سواء كان من هذه الأحداث تزايد الدول القومية أو تآكلها، وظهور أيديولوجيات جديدة أو انهيار أيديولوجيات معاصرة، زيادة وتيرة العنف في المجتمع الدولي أو زيادة مكافحته. وفي ضوء هذا التقديم، استطاع المتخصصون في ظاهرة الصراع الدولي أن يُجْمِلوا مداخله في أحد عشرة نقطة، متضمنين بذلك فترة ما بعد الحرب الباردة.

 

 

 

 

خاتمة

 

بعد أن أصبح الصراع الدولي علماً له مدارسه الفلسفية، ومفكريه، وأطرافه التي تكسبه الديمومة والاستمرارية، حتى وإن اندثرت بعض الصراعات الدولية باندثار احد أطرافها، كما هو الحال في الصراع الأيديولوجي الشيوعي-الرأسمالي، يبقى الصراع الدولي متجدداً ومتحركاً، يتصف بالديناميكية، طالما أن الدول المتضادة المصالح باقيةٌ كأطراف تغذي ديمومة هذا الصراع.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الثاني

 

الصراع الدولي في الإطار النظري العلمي المنهجي

 

مقدمة

 

تجعل الدراسة العلمية من الصراع الدولي موضوعاً علمياً يستند إلى منهجية يتتبعها المختصون في هذا الموضوع، ليضعوا خلاصة نتائجهم البحثية في إطار نظري، كان قد استند في الأصل إلى التجارب العملية في الحياة الإنسانية وما شهدت من صراعات وحروب بين خصوم كانوا بالأمس، وأضحَوا على خلاف ذلك فيما بعد.

 

ومع تراكم العديد من الخبرات العملية والدراسات التخصصية في الصراع الدولي، خلص المختصون إلى صياغة الصراع الدولي في إطار نظري وعملي، وتم تتبع تزايد مسببات الصراع الدولي، التي أطلق عليها اسم مداخل الصراع الدولي، وأجملوها بطريقة منهجية علمية، جعلت من اليسير على دارسيها فهم الصراع الدولي تاريخاً وحاضراً، ومن ثم القدرة على التنبؤ بمستقبله.

 

وتتعامل مباحث هذا الفصل الثلاثة مع الإطار النظري للصراع الدولي من خلال أحد عشر مدخلاً، منها ما يحتوي على مداخل فرعية. وبهذا، تبدأ أول مباحث هذا الفصل.

 

المبحث الأول

 

1.2 مداخل الصراع الدولي

 

خلص المتخصصون في الصراع الدولي إلى صياغة إحدى عشر مدخلاً للصراع الدولي تتمثل في: المدخل النفسي، واتجاهاته الأربعة. ومدخل علم الاجتماع بمدخليه الفرعيين: المدخل الديمغرافي، ومدخل نظرية المحور الصناعي العسكري. ومن ثم باقي المداخل وهي الأيديولوجية، والمصالح القومية في نطاق سياسات القوى، وسباق التسلح، وطبيعة النظام السياسي الدولي، وطبيعة نظام الحكم الداخلي للدولة، والجغرافي السياسي، والسياسي، والاقتصادي، ومدخل التركيز على الاختلالات الناتجة عن تزايد دخول الدولة الحديثة العهد بالاستقلال إلى المجتمع الدولي.

 

2.2 المدخل النفسي للصراع الدولي

 

يحتوي المدخل النفسي على اتجاهات أربعة، هي: الاتجاه الذي يربط بين النزعة والعدوان وبين الطبيعة الإنسانية، ونظرية الإخفاق، ونظرية الشخصية القومية، والنظريات التي تربط بين طبيعة الاتجاهات والمعتقدات القومية وبين ظاهرة الصراع الدولي.

 

وحول علاقة الصراع بالنفس البشرية، لا بد من تناولها من وجهة النظر الإسلامية ومن ثم المسيحية الغربية، التي أوضحها بعض المفكرين الغرب البارزين.

 

1.1.2.2 الصراع والمدخل النفسي من منظور إسلامي

 

منذ بواكير القرن العشرين، والتيار النفسي يأخذ مكانته المرموقة في الكثير من العلوم الإنسانية، مستخدَماً كطريقة علمية في تفسير العديد من الظواهر التي تحدث في التاريخ الإنساني، حيث يعال إلى النفس البشرية الكثير من التعليلات على سلوك وتصرف لا بد له من رد فعل. ولكن تشير بعض الدلالات الواضحة في الدين الإسلامي إلى أسبقية الدين الإسلامي في التعليل على هذا المدخل الهام، حيث القرآن الكريم فيه العديد من الآيات على الصراع بين سوء وحسن النفس البشرية، وأن الشيطان عدو للإنسان إلى يوم الدين.

 

فالآيات القرآنية الدالة على الوجود الصراعي بين بني البشر كافيةٌ لأن تدلل على تلازم الصراع والبشر معاً. وقوله تعالى "أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا، وإن الله على نصرهم لقدير. الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق، إلا أن يقولوا ربنا الله، ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات، ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا، ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز." [4] 

 

ويدل هذا على أن الحرب في المنظور الإسلامي، ليست من باب الاعتداء على غير المسلمين، وأن لها أعرافها، ولها قاعدتها الجهادية. ويورد محمد توهيل، -فايز ابو هنطش- في هذا الصدد: "لقد كان الرسول الأمين صلوات الله وسلامه عليه يوصي جنوده إذا أقدموا على معركة بألا يقاتلوا إلا بعد دعوة أعدائهم إلى الإسلام، أو إبرام معاهدة سلام وعدم اعتداء. فإذا رفض الأعداء هذين العرضين، كان القتال واجباً، ولكن بعد أن يبدأ الكفار بالقتال"[5]

 

وعلى هذا الأساس، جاء الصراع كمفهوم وممارسة له فلسفته المختلفة في الدين الإسلامي، حيث وصايا الرسول الكريم بألا يقدم جيش المسلمين على بدء الحرب حتى يجاهر بها، ويبدأ بها الخصم، والذي هو "قوم المشركين".   

 

2.1.2.2 المدخل النفسي للصراع الدولي من منظور غربي

 

الترتيب التاريخي التصاعدي للأحداث يؤكد أسبقية عالم الأساطير القديمة في الفلسفة الإغريقية، والصينية، والرومانية، والهندية، والفرعونية، وغيرها، أن الصراع بين الخير والشر لا بد موجود، وتدل الأساطير هذه على الآلهة الخاصة بكل من عناصر الطبيعة، والقوى المحركة لهذا الكون الذي على البشر طاعتها، كي لا يحل بهم الغضب الإلهي.

 

ويأتي خاتم الأديان السماوية، الدين الإسلامي، ويوضح نظرته من خلال القرآن الكريم والسنة، ثم يأتي بعد ذلك بقرون طويلة، سيجموند فرويد، وأتباعه ليفسروا أن عملية الصراع الدولي تنبع أصلاً من النزعية الفردية لدى الإنسان بالتدمير، والسيطرة، والتسلط، حيث النزعة الشريرة لدى الإنسان تزيد من دائرة حبه للانتقام من الآخرين، وأن هذا الشر لا يمكن تفريغه إلا من خلال الحروب والصراعات على أرض الواقع.

 

ومن هذا المنطلق، ما ينطبق على هذه النفس الفردية الشريرة، يمكن أن يُسقَط حكماً عاماً على مجتمع البشرية جمعاء، حيث تتسع دائرة التناحر، وتزيد الصراعات بين المجتمعات البشرية، ومن ثم بين الدول. وعلى هذا التفسير الفرويدي جاء التفسير الدارويني. ويقول الكاتب محمد توهيمي تفسيراً على هذا:

 

"لقد فسر الاجتماعيون الداروينيون جوهر المشاكل المطروحة في مذهب داروين، بطريقة لا عقلانية، وتناولوا مبادئه الأساسية من مدخل ميتافيزيقي، وأقاموا انطلاقاً من هذا المذهب نموذجاً عاماً لعملية التطور، وحاولوا تطبيقه على المجتمع، مستبدلين العضوية بزمرة اجتماعية، ونقلوا مبادئ التعايش عند الحيوانات إلى دراسة آلية التطور الاجتماعي وأشكاله المركبة والمختلفة. كما أكدوا أن من المستحيل إنهاء العداء والتخاصم بين الأشخاص والحكومات، لأن عمل قانون "الاصطفاء الطبيعي" العام يفترض تصادم المصالح وصراع الرغبة فيه، ويقولون، أن هذا يعني نهاية تطور المدينة. فقد كتب عالم الاجتماع النمساوي راتسنهوفر يقول: "إن الحرب كانت هي الشكل الأساسي لتطور المجتمع البشري" مؤكداً بذلك على "القيمة الاجتماعية للعنف." "[6]  

 

3.1.2.2 المدخل النفسي وفق التفسيرين الفلسفي الإسلامي والفلسفي الغربي من منظور مقارن

 

يتضح من خلال ما سبق أن الفلسفة الإسلامية تتعامل بصورة مختلفة تماماً عن الفلسفة الغربية في تفسير المدخل النفسي لظاهرة الصراع، بشكل عام. فعلى الرغم من توفر نفس المحرك للصراع، وهو النفس البشرية، إلا أن الفلسفة الإسلامية تعاملت بروح السمو والاحترام لهذه النفس اللوامة التي يجب درء كافة المخاطر عنها، وعدم خوض حرب لإزهاقها، إلا إذا تم الاعتداء فعلياً وإعلان الحرب من قبل الخصم على المسلمين وبلادهم، حينها فقط، على المسلمين الرد. وهنا، يختلف مفهوم وتطبيق الحرب في الدين الإسلامي عنه في السياسة. فالحرب في الدين الإسلامي تعتمد على الأخلاق ولها أدبيات القتال، أما في السياسة فالمقول الرائجة "لا أخلاق في السياسة" هي المطبقة.

 

وهذا ما جعل ممارسة الحرب ضرورةً من ضروريات وقيم المجتمع. فمنذ ارتباط الرأسمالية بعصر النهضة وتمجيد الفردية، وظهور الأفكار الفلسفية الأوروبية التي لاقت صداها في السياسة الأوروبية، بدأ العنف يأخذ طريقه كفكر منهجي يتبع داخل وخارج أوروبا، وأصبحت هيبة الدولة في قوتها العسكرية وسيطرتها لا في أخلاقياتها.

 

وسواء كان التحليل للمدخل النفسي من منظور إسلامي أو منظور غربي، فإن تفسيرات كل منهما، وإن اختلفت، تمثل أحد الاتجاهات التي تفسر المدخل النفسي، ألا وهي ما عرف بالاتجاه الذي يربط بين النزعة إلى العدوان وبين الطبيعة الإنسانية نفسها. وأما الاتجاه الثاني من المدخل النفسي هو نظرية الإخفاق.

 

2.2.2 نظرية الإخفاق

 

تعرف أيضاً بنظرية الإحباط، ويرى مؤيدوها أن إحباط الخطط القومية للدولة يكون سبباً في الصراع، حيث أن الدول التي تتمكن من تحقيق حاجات ورغبات شعوبها، بدرجة معقولة، تكون أكثر استقراراً نفسياً من الدول الأخرى التي تخفق في تلبية أقل القليل من حاجات ورغبات شعوبها.

 

وفي هذا السياق، لا بد من التذكير بأن هذه النظرية ذاتها قد تخفق في تفسير ذاتها كأحد أسباب الصراع إذا ما نظرنا إلى معظم الدول القوية، بدءاً من الامبراطوريات مروراً بالدول القومية، فإنها غالباً هي المعتدية، لا المكتفية بغناها وقوتها، بل يكون لهيبتها السياسية والعسكرية دورٌ في غطرستها وهيمنتها على دول أخرى، غالباً أقل منها ثقلاً في الميزان الدولي، وهذا الاتجاه ينبني عليه اتجاه نظرية الشخصية القومية.

 

3.2.2 نظرية الشخصية القومية

 

بعض التفسيرات تنطلق من أن ما يربط بين ظاهرة الصراع وشرور النفس البشرية، يمكن انطباقها على نفسية شعب بأكمله، حيث تتصف بعض الشعوب بالعدوانية، وبالتالي تكون هذه الشعوب ذات صفة قومية تشتهر بتحريك الصراع الدولي، ولذلك، يتم التعامل مع هذه الشعوب إما بفرض العزلة الدولية عليها، وإما بتطويعها لتصبح أمم محبة للعدل والسلام الدوليين.

 

والنقد الموجه لهذه النظرية، أنه انطلاقاً من أن السلوك الدولي سلوك في إطار العلوم الإنسانية التي ليس لها قاعدة تجبر تلك الدول على سلوك معين، وبالتالي، لا يوجد اتفاق دولي عام على أساسه يتم وصف الدول بالعدائية أو السلمية.

 

4.2.2 النظريات التي تربط بين طبيعة الاتجاهات والمعتقدات القومية وبين ظاهرة الصراع الدولي

 

وينطوي تحت هذه النظريات التقسيمات التالية:

 

1.     وجود حالة من عدم التقبل بين عدد من الدول، خاصة ذات النظم السياسية المتباينة، وتوجيه وتوظيف هذا الحقد على شكل صراع يأخذ مكانته في التاريخ الدولي.

2.     شيوع بعض القناعات في أوساط الدول عن عدمية تغير سمات بعض الدول، التي صفاتها وسلوكياتها الدولية لن تتغير بتغير النظام الساسي الدولي، والأوضاع الدولية، من شأنه أن يبقي حقداً وكراهية لها جذورها في التاريخ.

3.     الاتجاه الذي يعيل أسباب الصراع الدولي إلى نوايا سيئة وسوء فهم وتصرف، وهذا يميل إلى تبسيط تحليل أسباب الصراع الدولي، بدلاً من البحث العميق عن حقائق الأمور.

 

بهذا المنظور المقارن، يمكن الانتقال إلى مدخل آخر للصراع الدولي، وهو مدخل علم الاجتماع.

 

3.2 مدخل علم الاجتماع

 

يحتوي على مدخلين فرعيين هما: المدخل الديموغرافي، ونظرية النخبة المسيطرة أو المحور الصناعي العسكري.

 

1.3.2 المدخل الفرعي الأول لعلم الاجتماع: الديموغرافيا

 

يتعلق هذا المدخل بالعامل السكاني، حيث يعتمد أنصاره على ما يمثله السكان كمصدر من مصادر القوة القومية للدولة، حيث انفجار أو قلة التعداد السكاني للدولة من شأنه أن يكون عامل قوة أو ضعف لهذه الدولة، التي تصبح إما دولة مليئة بالصراعات حيث تضيق الدولة بسكانها، ويشكل الفائض السكاني أزمة على مواردها، بالتالي ينعكس سلباً على شعور بعض الدول الفقيرة تعداداً سكانياً بالتهديد من تلك المتفجرة سكانياً.

 

ولعل أقرب مثل إقليمي في منطقة الخليج العربي، ما تطمع به إيران من الجزر الثلاث أبو موسى، وطنب الصغرى والكبرى، ومن ثم في دول الخليج العربي لأن تبقى أسواقاً مفتوحة للعمالة الإيرانية، وما لهذا ارتباط وثيق بالمدخل الاقتصادي الذي يعد من مداخل الصراع الدولي، والذي سيناقش لاحقاً في هذه الدراسة.

 

وينظر أنصار هذا المدخل، إلى أن الانفجار السكاني وقلة الموارد المتاحة التي لا تلبي الحاجات الضرورية للحياة من شأنها أن تتراكم في نفس الأمة، وتحرضها نحو المطالب الأساسية لحاجاتها ورغباتها الإنسانية، محدثة ثورات سكانية قد تؤدي إلى حدوث أزمة عالمية كارثية النتائج على السلم والأمن الدوليين، وهو ما يعرف بمصطلحه الدراج على أنه ثورة الجياع.

 

وفي السياسة الإغريقية كان لهذا التفسير مكانته لدى أرسطو وأفلاطون، حيث أوعزا الصراع الداخلي في مجتمع ما إلى الاكتظاظ السكاني، وأن قلة سكان بلد ما تزيد من فرص الأمن والسلام.

 

ويلتقي هذا التفسير مع ما نظَّر إليه أيضاً، عالم الاجتماع الأمريكي بول هاوزر، وما خلص إليه عالم الاجتماع الفرنسي بول ريبو، والذي أكد على طردية العلاقة بين التعداد السكاني وزيادة احتمالية حدوث حروب، وهذا ما يفسره عالم الاجتماع البريطاني هيل، وأرنولد توينبي وبرتراند راسل، حيث يتفق هؤلاء على أن التعداد السكاني الفائض عن حجم الكرة الارضية ومواردها الطبيعية والمنتجة من شأنها إحداث ثورات، لا تهدد السلم الدولي، وإنما المجتمع الإنساني بأكمله.    

 

ولكن في الوقت عينه، يجب ألا يُغفَل الذكر عن أن الانفجار السكاني ليس هو الدافع الوحيد لإحداث ثورات سكانية من هذا المنظور الديمغرافي وعلاقته بالصراعات، بل أنه أحياناً تكون صراعات داخلية في بلد ما دون تلازمها مع الانفجار السكاني، والدليل على ذلك "الثورتين الروسيتين في عامي 1905 و1917 حدثتا في بلاد قليلة السكان، يستحيل أن نتحدث عن وجود ضغط سكاني فيها. وعلى كل، فإن مفهوم الضغط السكاني هنا يبقى غامضاً جداً."[7] وهذا على النقيض من ثورات عصر النهضة، والفرنسية، ورغبة ألمانيا واليابان في التوسع من أجل امتداد حيوي بين العقدي الرابع والخامس من القرن العشرين، يخدمهما في حل الانفجار السكاني.

 

2.3.2 المدخل الفرعي الثاني لعلم الاجتماع: نظرية النخبة المسيطرة أو نظرية المحور الصناعي 

 

تركز هذه النظرية على الولايات المتحدة الأمريكية والتي بدأت في أعقاب الحرب العالمية الثانية تصطبغ بتحالف عسكري وصناعي، يرتكز إلى السيطرة ومن ثم التحكم شبه الكامل على أدوات الاتصال الجماهيري، بحيث تنجح الإدارة الأمريكية من خلال هذا الاحتكار الاتصالاتي في فرض إرادتها في الداخل الأمريكي، الذي يجب أن يبقى بعيداً عن تشكيل رأي عام أمريكي مناهض للسياسة الأمريكية الرسمية.

 

ولهذا، فإن علم الاجتماع هنا، له مكانته في تحليل الصراع الدائر في العالم، عندما تحركه عناصر القوة الفاعلة في السياسة الدولية، حيث ترتبط هنا المصلحة الشخصية للنخبة الأمريكية الحاكمة ، لا المصلحة القومية الأمريكية، بالسياسة الخارجية الأمريكية المتشددة، والتي من صالح نخبتها الحاكمة والمسيطرة أن تبقي ديمومة الصراع الدولي بين الرأسمالية والاشتراكية.

 

ويؤكد عالم الاجتماع الأمريكي ميلز، واضع هذه النظرية، بسطوة نفوذ هذه النخبة الحاكمة المتشددة التي يمكنها غالباً صنع قرارات الحرب والسلام، والتلاعب في سياسات نماء أو ركود الاقتصاد الأمريكي، الأمر الذي ينتج عنه أيضاً تبعات لها ميزانها في السياسة الدولية والصراع الدولي.     

 

ويجدر بالذكر هنا، إلى أن هذه النظرية تنسجم ونظرية تحليل العلاقات الدولية في إطار القوة، لمورجانثو، حيث تلجأ إليها بعض الحكومات الغربية من خلال توظيف بعض الفئات الخارجة عن القانون لتنفذها وأن لها اليد الطولى في مساعدة النظام السياسي القائم في قمع محاولات بعض النقابات العمالية أو الاتحادات الطلابية لثنيها عن مطالبها العادلة، وتستخدم هذه الأنظمة قوتها العسكرية في قمع وقتل شعوب بأكملها، من أجل فرض هيمنتها وإملاء إرادتها على الغير، وهو الذي بات واضحاً بعد الأحادية القطبية.

 

واستكمالاً للمذكور عاليه، كتب العالم الأمريكي وايت، المتخصص في علم الاجتماع، عن الحروب والصراعات، وأعال تفسيرها إلى أنها ناتجةٌ بالأساس عن سوء فهم الأطراف المتصارعة لبعضها البعض، وهذا ما يعرف في الوقت الحاضر بمنطقة الاختلاف، حيث تتسم بعدم وضوح أسباب الصراع أحياناً، حتى من أطراف الصراع نفسه، مما يؤدي إلى زيادة الصدام والتنازع بين هذه الأطراف.

 

وينفي العالم الأمريكي وايت رغبة النفس البشرية في الحرب، ولكنه يقول أن صانعي قرار الحرب يحملون في أغوار أنفسهم "أسباباً نفسية"، يفسرها بأنها نتيجة فهم مغلوط، وغير واقعي بين الزعامات الصانعة لقرارات الحرب هذه، والذي دلل عليها وايت بمفهوم "الاستنتاجات المغلوطة".

 

4.2 المدخل الأيديولوجي في الصراع الدولي وأسباب أهميته

 

تعد الأيديولوجيات المختلفة من المؤثرات القوية في حراك النظام السياسي الدولي، حيث التضارب بين العديد من هذه الأيدلوجيات له أن يستمر زمناً طويلاً في الصراع الدولي، يمتد لقرون بأكملها، كما هو الحال بين الأيدلوجية الإسلامية والأيدلوجية المسيحية الغربية، والتي تعرف في بعض المؤلفات، الصراع الأيدلوجي الإسلامي-الفرنجي.

 

ومن هنا يبين أن الأيدلوجيا كعقيدة فكرية من صنع البشر وفلسفتهم، يمكنها أن تقترن بالعقيدة السماوية التي تجعل البشر محكومين بالقوة الإلهية الخارقة لنواميس الطبيعة، وعليه، أصبح الفكر السياسي الإسلامي أيديولوجيا، حيث لم يراوح الدين الإسلامي مكانه على أنه دين جامد، حتى في سياسته، بل أنه متطور ومرن ومعاصر لتغيرات الزمان والمكان، خاصةً، وأن هذا الدين المتوارث له أجياله، كما المسيحية بالضبط لها أجيالها، إلا أنه يجب التفريق بكل وضوح بين المسيحية العربية والمسيحية الغربية.

 

كما أن الأيديولوجات لها أن تستمر لعقود طوال، كما هو الحال، في الصراعات الأيديولوجية الاشتراكية، والرأسمالية، وعدم الانحياز، والشيوعية، والإسلامية، والمسيحية، وأخريات، لها دورها البارز في إشعال الصراع الدولي نحو الأسوأ.

 

وتعد الأجيال التي تعتنق الأيديولوجيات، وتفاعلها بالسلب أو الإيجاب، تفرز ما من شأنه أن يدير دفة الصراع الأيديولوجي. ويعد هذا التجنيد الأيديولوجي أحد أسباب ديمومة الصراعات الأيديولوجية التي يمكنها أن تهدد أواصر الاستقرار والأمن والسلام الدولية.

 

كما أن الرأي العام الذي له غالباً الثقل في صنع قرار السياسة الخارجية للدولة، مرتبطٌ أشد الارتباط بالعامل الأيديولوجي الذي بدوره يعكس الاعتقاد السائد داخل الدولة. ومن القاعدة القائلة أنه إذا كان الداخل متماسكاً في الدولة فإن الخارج متماسك أيضاً، وهذا يعني بداهةً، أن الأيديولوجيا لدولة ما من شأنها أن تحرض الرأي العام للدولة ومن ثم يتم صنع القرار بناءً على قوة ضغط هذا الرأي العام.

 

وانطلاقاً من قوة وفاعلية الأيديولوجيا في تأطير الرأي العام داخل الدولة في صنع القرار السياسي الخارجي لهذه الدولة، يمكنه أن يتجاوز حدود الدولة السياسية، ويخاطب دولاً أخرى، وأمماً مختلفة، الأمر الذي يمكنه أن يجَّنِّد رأياً عالمياً بالتدريج، ويمكن لهذا الرأي العام العالمي أن ينقسم بين الأيديولوجيات المتصارعة، وذلك وفق مواقف الدول المختلفة ما بين مناصر ومناوئ للأيديولوجية التي تمارس حملاتها الدعائية والإعلامية الضاغطة في صالح مواقفها.      

 

وقد لعبت الثورة الاتصالية دوراً خطيراً في أن توصل الصراع الأيديولوجي إلى مراحل ضارية الاحتدام، خاصة فيما عرف بأيديولوجيا الاشتراكية ضد أيديولوجيا الرأسمالية، والتي عرفت بالحرب الباردة، والتي هي أحد اشكال الصراع الدولي.

 

ويقول الكاتب محمد توهيل في هذا الصدد:

 

"...فالولايات المتحدة الأمريكية تقول إنها تدافع عن الحرية والديمقراطية، ولذلك تتصدى للدول المتسلطة والديكتاتورية التوتاليتارية، والاتحاد السوفييتي قبل انهياره عام 1990 كان يقول انه يدافع عن الشعوب المحبة للسلام، والاشتراكية ضد هيمنة القوى الامبريالية، أما كوبا فيقول زعيمها فيدل كاسترو أنها تدافع عن الثورة البروليتارية العالمية، وعلى الرغم من وجود اتفاق عام حول أهمية المؤثرات المذهبية في العلاقات الدولية، إلا أن هناك اختلافاً حول تحديد الكيفية التي يظهر بها هذا التأثير نفسه في السلوك الخارجي للدول"[8]

 

وفي السياق ذاته، وكما تجعل الأيديولوجيات من نفسها قوة تصيغ قرارات سياسة خارجية، فهناك حكومات تلجأ لتبني أيديولوجيات وتطورها من أجل خدمة برامج هذه الحكومات السياسية، وهذا ما فعله هتلر الذي اختلق الاشتراكية القومية خاصته، والتي تنسجم ونازيته من أجل إبقاء النقاء الجرماني حياً على حساب إبادة باقي الأجناس التي نظر إليها على أنها "المنحطة".  

 

 5.2 مدخل المصالح القومية في نطاق صراعات القوة

 

يمثل هذا المدخل السعي الدائم للدول نحو تنمية وتقوية مصالحها القومية حاضراً ومستقبلاً، لذا يتوجب عليها العمل بجهد أكبر في تأمين أعلى درجات الحماية لنفسها من خلال تنفيذ سياساتها الخارجية المتوائمة مع الدول الأقوى في الميزان الدولي. وتأتي هنا نظرية مورجانثو، واضع هذه النظرية، والتي تتطلب وفق رؤيته، أن تزيد الدولة قدر ما أمكن من قوتها وهيبتها السياسية والعسكرية، انطلاقاً من أن القوة هي الضامن الوحيد لبقاء الدولة آمنة مستقرة في ظل النظر إلى أن الصراع هو الذي يحكم العلاقات بين الدول، انطلاقاً من أن أصل الصراع هو الغريزة الإنسانية.

 

وعود على بدء، يتضح أن مورجانثو يتوافق وثوماس هوبز الذي يركز على أن قانون الغاب هو الذي يسيطر ويحكم العلاقات بين البشر، وذلك لأنه لا يوجد سلطة منظِمَة لعلاقاتهم، وأن كل وحدة سيادية، في ظل غياب هذه السلطة المنظِمَة، لها الحق ان تتصرف كما يحلو لها في وجه الوحدات السيادية الأخرى دفاعاً عن مصالحها. ويأتي سبونوزا ويمنح الأحقية لدولة ما أن تشن الحرب على دولة أخرى لإخضاعها، وذلك عند توافر الرغبة بشنها الحرب على الدولة المراد إخضاعها.

 

فمن هذه التفسيرات النظرية لبعض المفكرين الغربيين، يتضح أن القوة تمثل أهمية قصوى في خلق فرصة البقاء الأطول والأفضل للدولة. وعلى هذا الأساس، استمد العالم المعاصر سبيكمان نظريته القائلة أن الصراع، لا التعاون، هو ما يميز العلاقات الدولية، وأن الدولة تعتمد في بقائها على قوتها الذاتية، أو ما يمكن أن تقدمها لها بعض الدول من تأمين لقوتها الذاتية، بناءً على علاقة القوة النسبية التي تحكم العلاقات الدولية.

 

ولكن في نظرة سبيكمان للقوة وتأمينها من دول أخرى، يرى أنه من الأجدى نفعاً والأكثر ضمانةً أن تسعى الدولة بنفسها على تأمين ذاتها، وذلك عبر وسيلتي الحرب والمساومة، حيث أن القواعد السلوكية في العلاقات الدولية لا ثقةً في ثباتها.

 

6.2 مدخل سباق التسلح

 

بقي سباق التسلح قضيةً دولية غايةً في السرية منذ بواكير القرن العشرين، خاصة قبل الحرب العالمية الأولى، وكان الشعار الجماهيري وقتها "الخبز قبل البنادق"، وبقيت هذه القضية محل الرفض الدولي، والتنديد، لما تحمله في طياتها من تهديد للأمن والسلم الدوليين، واستمرت السرية والتكتم حتى انكشفت القوة التدميرية الهائلة باستخدام الولايات المتحدة الأمريكية قنابلها النووية في مدينتي هيروشيما ونجازاكي خلال الحرب العالمية الثانية.

 

ويشار إلى أن سباق التسلح بدأ فعلياً عام 1946، أي مع بداية الحرب الباردة، إلا أنه ما زال مستمراً حتى يومنا هذا، خاصة وأن الدول الفائقة التقدم علمياً، لا تكتفي بما تم التوصل إليه من تسلح نوعي وكمي في خطورته وتهديده للحياة البشرية جمعاء، إلا أنها لا تفرض قيوداً على مخزون وزيادة مخزون هذه الأسلحة، التي من شأنها أن تزيد من أسهم قوة الدولة في الميزان الدولي. وعليه، فإن التسلح ضروري لهذه البلاد التي ترى أن استعدادها العسكري المتطور واستعراض قوتها ومنظومتها القتالية المتطورة يمكن أن تساهم في حل المنازعات الدولية التي تحتاج إلى الوسائل الدبلوماسية.

 

ويتضح من التجارب التاريخية، أن تجار السلاح عادةً، هم أكثر الفئات استفادة من ناحية العائد المادي الكبير من انتاج الأسلحة اللازمة للحرب الدائرة، شريطة أن تلبي نوعية وكفاءة هذه الأسلحة نتائجاً مرجوة في إنهاك الخصم، لهذا السبب، بمقدور تجار السلاح وأصحاب مصانع السلاح أن يشكلوا أخطر قوة ضاغطة على أصحاب القرار السياسي، وقلب النظام السياسي ضدهم إذا لم يتم صنع قرارات شن حرب، وذلك لترويج واستهلاك منتجاتهم الحربية. ويذكر محمد توهيل، نقلاً عن مجلة شتيرن الألمانية "لو توقفت الحروب والصراعات، فإن الملايين من عمال مصانع السلاح سيصبحون بلا خبز...عاطلين عن العمل، يشكلون في جوهرهم خطراً على الديمقراطية، وربما يكونون بؤرة حرب أهلية." [9] 

 

7.2 مدخل طبيعة النظام السياسي الدولي

 

ينظر هذا المدخل إلى إمكانية تعديل النظام السياسي الدولي من خلال صهر جميع القوميات والإرادات القومية المختلفة للدول في العالم أجمع في إرادة دولية واحدة تحت مظلة حكومة عالمية واحدة، مهمتها توفير ورعاية وصون الأمن والسلم الدوليين لكافة مكونات هذه الحكومة العالمية الجديدة، حيث لا يمكن أن يكون للتناحر مكان فيها ما دامت الإرادة والهدف متحدة. ويرى أنصار هذا المبدأ أن شيوع الدول القومية هي المفتت للإرادة الدولية الموحدة التي يمكن أن تتحقق من خلال هذا التصور العالمي الموحد. ويعد العالم الأمريكي ويكام، والعالم والت روستو من أنصار إنهاء التعددية القومية في العالم.

 

وقد طال منظمة الأمم المتحدة نقدٌ في إطار هذا المدخل، كونها الحامية والراعية لسيادة الدول وتعددها، الأمر الذي يعيق إقامة حكومة عالمية. وعلى هذا الأساس، لا يرتكز هذا المدخل في تفسير الصراع الدولي على أيٍ من المداخل السابقة، باستثناء أن الفوضى الدولية هي المسؤولة عن خلق الصراعات الدولي طالما هناك تعددية في الدول القومية صاحبة الإرادات المتنازعة.

 

8.2 المدخل الجغرافي السياسي

 

يحتوي هذا المدخل على نظريات جغرافية سياسية تقليدية ومعاصرة. ويتلخص المدخل الجغرافي السياسي أصلاً على دولة عضوية بحدود توسعية لا تعرف الثبات، وهذا يعرف بالمجال الحيوي للدولة المرتبط بتوسع الدولة ونماء مساحتها الذي يضمن استقرارها وقوتها وأمنها. وعليه، يجدر توضيح التقليدي والمعاصر من النظريات في هذا المدخل:

 

1.8.2 النظريات الجغرافية السياسية التقليدية

 

ومن منظريها راتزل الذي يرى أن الدولة كيان عضوي من سكان واقليم، ويرتبط نموها بمدى استمرارية اتساع مساحتها، وأن إهمالها فكرة التوسعية تعني مراوحتها مكانها، وضعفها تدريجياً حتى التدهور. ولهذا، يرى راتزل أن بقاء الدولة قوية يعتمد على ميوعة الحدود التي يجب أن تتمدد لا تنكمش، وهذا ما يعرف بالمجال الحيوي للدولة. ومن الواضح أن دولة الاحتلال إسرائيل مثال قوي على نظرية راتزل هذه، حيث مجالها الحيوي يعتمد على عدم الاكتفاء بحدود ثابتة لها.

 

2.8.2 النظريات الجغرافية السياسية المعاصرة

 

وتبقي هذه النظريات على عضوية الدولة بحدود توسعية، من أجل الحفاظ على هيبتها الدولية، إلا أنها ترى في الوقت ذاته أن الصراع الدولي يمكن تسويته بالطرق والبدائل السلمية التي من شأنها أن تُجَّنِب العالم بأسره كارثة الحرب النووية.

 

وفي هذا الشأن يعلق العالم الألماني هايندر على ضرورة بحث وتخطيط استراتيجة سلمية كاملة وشاملة، حيث أن مفهوم العدو يتبع إمكانية أو عدم إمكانية حدوث حرب نووية. وعلى هذا الأساس يتحتم الدخول في حالة من التعاون والتعايش السلمي والموحد.

 

9.2 المدخل السياسي

 

يمكن تفسير هذا المدخل من باب وجود العديد من التحالفات والتكتلات والمحاور الدولية، والتي بدورها، تُشعِر بغياب إمكانية تحقيق سلم وأمن دوليين، خاصة وأن تكون وبقاء هذه الأحلاف يعني توازن سياسات القوى في السياسة الدولية، والتي بقائها أو تفككها يعني صراعاً دولياً وشيك القدوم لا مناص منه.

 

فقد ارتبط تكون الأحلاف باتفاقيات التعاون والحشد العسكري لدول التحالف الواحد ضد التحالف الخصم، الأمر الذي يزيد من حدة التوترات الدولية والتعجيل في حدوث صراع دولي. لذا، نهضت الأمم المتحدة مؤخراً، وأصبح لها موقف تجاه الأحلاف، داعية إلى تفكيكها لما لها من بالغ الخطر على السلم والأمن الدوليين، لا تشجيعهما وتوطيدهما.

 

زد على ذلك، أن الدخول في التحالفات الدولية يتطلب الثبات في الأنظمة السياسية للدول الأعضاء في الحلف الواحد، مانعةً حدوث أي تغيير فيه تلك الأنظمة، وفي حال إمكانية التحرك داخلياً من قبل معارضين لبقاء النظام القائم، قد تتدخل قوىً سياسية ضد هؤلاء المعارضين، الأمر الذي من شأنه التسبب في صراع دولي.

 

كما أن التحالفات من شأنها ان تستخدم سياسة التمييز الاقتصادي في إغداق بعض الدول التابعة لحلفها بالمعونات الاقتصادية المغرية على حساب دول أخرى تفرض عليها المقاطعة والحظر الاقتصادي، حتى في أبسط أنواعه، الأمر الذي يعمق شعور العداء من هذه الدول المضطَهَدة اقتصادياً تجاه المضطَهِدة لها. وهذا التمييز من شأنه تقوية فرصة الصراع الدولي.

 

10.2 المدخل الاقتصادي

 

في هذا المدخل، من الضروري التطرق إلى النظريات الماركسية والنظريات غير الماركسية، وكلتا النظريتان تركزان على النضال من أجل مستوى معيشي واقتصادي كريم. فالنظرية الماركسية ترى أن الاقتصاد هو العامل الأساسي لوجود صراع أو إلغاء صراع، وذلك حيث غياب العدل الاجتماعي والتوزيع العادل في الموارد يجلب الرخاء، ويقضي على إي إمكانية للصراع الطبقي الاجتماعي. أما الظلم في التوزيع وملكية الموارد لا بد وأن تخلق الفجوة الطبقية بين الفاحشي الثراء-البرجوازية وصولاً للامبريالية، والمدقعي الفقر-طبقة العمال والفلاحين الكادحة.

 

ويكاد ينطبق جوهر الصراع الطبقي وفق النظرية الماركسية على دول أخرى تخوض حرباً مسلحة من أجل الحصول على موارد أكثر تخفف عنها وطأة المشكلات الاقتصادية فيها.

 

11.2 المدخل الذي يركز على الاختلالات الناتجة عن تزايد دخول الدول القومية الحديثة الاستقلال إلى المجتمع الدولي

 

يعلل هذا المدخل من خلال أن الدول حديثة العهد بالاستقلال تعد من أهم الأسباب في إحداث صراعات دولية، فحداثة استقلالها وتجربتها للمرة الأولى للدخول في النظام السياسي الدولي تحول وفهمها كيفية التعامل مع هذا النظام. وتعود هذه الصعوبات إلى التالي:

 

أولاً: أن النظام الدولي أوروبي النشأة والحضارة والثقافة، وقد حافظ هذا النظام على درجة من التماسك وقت دخلت فيه دول العالم الثالث في مرحلة سابقة، وأصبح التنوع الثقافي والقيمي والأممي يحقق نوعاً جديداً من التجانس. إلاّ أن العدد المهول في تتابع استقلال الدول القومية، خلق حالة من الصعوبة على هذا النظام ليستوعب هذا التنوع الأممي والسياسي، الأمر الذي من شأنه أن يزيد الخلافات لا يحصرها في إطار هذا النظام.

 

ثانياً: يتعذر التنبؤ وقياس سلوك هذه الدول الحديثة الانضمام للنظام الدولي القائم، حيث أنها حديثة الممارسة لنظام سياسي داخلي لا يعرف مدى التأكد من نجاحه، كما أن هذه الدول لم يتم التأكد بعد من قدرتها على الالتزام بالاتفاقيات والمواثيق الدولية في حال دخولها عضو في اتفاقيات تعهد فيها الحفاظ على السلم الدولي، الأمر الذي من شأنه خلق توتر وأزمة مع هذه الدول.

 

ثالثاً: على مستوى التحالفات والمحاور، من شأن ازدياد الدول القومية الملتحقة بالنظام السياسي الدولي القائم أن تشكل تهديداً للدول الكبرى صاحبة أو عضوة تحالفات سابقة، والتي تتخوف من تشكيل هذه الدول الحديثة الاستقلال تحالفات ومحاور قوى، من شأنها تدريجياً تشكيل خطر ضد التحالفات القديمة.

 

12.2 المدخل المتعلق بطبيعة النظام السياسي الداخلي

 

غياب الديمقراطية ومركزية القرار في يد حاكم واحد، ووجود أنظمة شمولية تصادر حرية الرأي وتقمع المعارضة، أو لا تسمح فيها أحياناً، تقف وراء الصراع الدولي. حيث تمركز القرار السياسي يعني إخضاع الجميع لإمرة حاكم أو حزب حاكم واحد فقط، الأمر الذي يخلق حالة رفض واحتجاج ومن ثم يمكنها أن تصل حد الذروة في صراع مسلح ضد السلطة القائمة.     

 

خاتمة

 

يبين من الفصل الثاني أن أي صراع دولي، ضارب في القدم أو معاصر، لا وبد وأن يرتكز على واحد أو بعض من المداخل المحددة آنفه، لكي يمكن تحديده على أنه صراع دولي، يمكنه الاستمرارية حتى لقرون طويلة، أو لعقود، أو لسنوات معدودات. ومن هنا يمكن الانتقال إلى الفصل الثالث الذي يتناول تطبيقاً عملياً للصراع العربي-الإسرائيلي الذي ما يزال قائماً منذ أكثر من ستين عاماً.

 

 

 

الفصل الثالث

 

الصراع العربي-الإسرائيلي

 

مقدمة

 

يعتبر الصراع العربي-الإسرائيلي أحد الصراعات الدولية الضارية على الإطلاق، والتي ما زالت باقية منذ عقود سبعة وحتى اللحظة، وقد مرًّ هذا الصراع في مراحل ثلاثة، وهي التصعيد، والاستقرار، والتناقص، ولكن لم يصل بعد إلى مرحلة التلاشي والاندثار، على الرغم من محاولة بعض المطبعين العرب على مستوى حكومات وجماهير، تثبيت محاولتهم بأن هذا الصراع قد انتهى بالفعل، خاصة بعد أن تمت التسوية السياسية بين دولة الاحتلال إسرائيل والقيادة الفلسطينية كطرفين رسميين موقعين على اتفاق دولي يضمن من خلاله إنهاء الصراع العربي-الإسرائيلي.

 

وفي هذا الفصل سيتم تناول الصراع العربي-الإسرائيلي كمثال تطبيقي على الصراع الدولي، حيث يتم التعرف على طبيعته، وأطرافه، وآفاقه.

 

المبحث الأول

 

1.3 مداخل الصراع العربي-الإسرائيلي

 

يعد الصراع العربي-الإسرائيلي أحد الصراعات الدولية في إطار العلاقات الدولية، حيث توافرت فيه مداخل نظرية كافية لأن تجعل منه صراعاً يستحق التحليل، خاصة أن لم يصل إلى مرحلة الاندثار بعد. فعلى الرغم من وصوله إلى مرحلة تناقص في فترات معينة، إلا أنه يصل إلى مراحل تصاعد في أحيانٍ أخرى. ومرحلة التأرجح الصراعي هذه كان يقابلها أيضاً مرحلة استقرار في الصراع، كانت تستغله دولة الاحتلال إسرائيل لصالح سياستها الخارجية والداخلية معاً، لتزيد من ثقلها السياسي الدولي، وقوتها، معتمدةً بالأساس على تطوير ترسانتها العسكرية المتطورة للدفاع عن استراتيجية أمنها الثابتة، وحدودها المائعة.

 

وعليه، فإن الصراع العربي-الإسرائيلي قائمٌ على مداخل عدة، منها الأيديولوجي، والديني، والاقتصادي، والسياسي، والاجتماعي، وسباق التسلح، والنفسي، والنظام السياسي العربي، وذلك الإسرائيلي.

 

2.3 ماهية وأشكال الصراع العربي-الإسرائيلي

 

وأما بخصوص ماهية هذا الصراع، يذكر الدكتور أسامة الغزالي حرب:

 

"...هل هو صراع قومي؟ أم صراع ديني؟ أم هو صراع اقليمي حول الأرض؟ هل هو صراع عربي-إسرائيلي؟ أم هو بالأساس جزء من الصراع الناشب على مستوى العالم كله بين قوى التحرر الوطني، وقوى الامبريالية العالمية بزعامة الولايات المتحدة؟ وهناك رابعاً، الحديث عن أشكال الصراع المسلح في صوره المختلفة (حرب شاملة، وحرب محدودة، وعمليات فدائية، وضربات ردع وانتقام..الخ)، وهناك الصراع السياسي على صعيد العلاقة مع دول العالم وفي ساحات المنظمات الدولية، وهناك الصراع الاقتصادي وقضايا المقاطعة واستخدام سلاح النفط والمال. كما يظل هناك مكان للصراع الثقافي، وللصراع الحضاري الذي يرفعه البعض إلى المرتبة الأولى من الأهمية. وهناك خامساً الحديث عن ديناميات الصراع ومساره، والدور الحاسم ((للحروب)) في التحول الكيفي له من حال إلى آخر." [10]  

 

تتضح معالم الصراع العربي-الإسرائيلي أنها تجمع في واقعها وأحداثها جميع ما يفنده الغزالي، عاليه، سواء من ناحية الماهية أو الشكل. حيث التصادم بين اليهود والعرب في المنطقة العربية يأخذ، تقريباً، كافة اشكال الصراع المذكورة أعلاه. فالصراع المسلح تحقق في أشكالٍ عدة، منها ضربات المقاومة الفدائية الفلسطينية والعربية، التي كانت تتسلل الحدود من دول الجوار العربية لدولة الاحتلال، أو الحرب المحدودة كما في حرب 1967، حيث باغتت دولة الاحتلال بضرباتها الاستباقية على مصر، وسوريا، والأردن، وهذا الشكل يرتبط بأحد ماهيات هذا الصراع، ألا وهو الصراع حول الأرض. وأما ضربات الردع والانتقام يمكن ان تتمثل في المجازر المنظمة التي ارتكبتها دولة الاحتلال في جنوب لبنان، والتي ما زالت ترتكبها في أراضي السلطة الفلسطينية، والضربة التي تلوح بها حالياً لردع إيران، بضرب مفاعلها النووي.

 

ويتضح من هذا، أن الصراع العربي-الإسرائيلي لا يمكن أن يندثر، وإن وصل إلى مرحلتي التناقص أو الاستقرار، وذلك بسبب بعض حالات التطبيع العربية-الإسرائيلية. فالحضارة العربية الإسلامية والمسيحة لا يمكنها الاندثار أمام محاولات التهويد المستمرة، وأثبتت أنها أقوى من أي مؤثرات تحاول القضاء عليها، فالنسيج الحضاري والثقافي واللغوي والديني والاجتماعي مختلف اختلافاً لا يسمح أبداً بالمساومة في هذه القضايا الإنسانية المقدس منها والحساس.

 

المبحث الثاني

 

3.3 أطراف الصراع العربي-الإسرائيلي

 

عند الحديث عن أطرف الصراع العربي-الإسرائيلي يعني شموله على أطراف متعددة، مباشرة وغير مباشرة إقليمياً ودولياً. والأطراف المباشرة هي الطرف الفلسطيني والكيان الصهيوني، والأطراف غير المباشرة هي الطرف العربي، الرسمي والشعبي، والأطراف الغربية. وتفسيراً لأطراف هذا الصراع، تتناول النقطة التالية الطرف الفلسطيني.

 

1.3.3 الطرف الفلسطيني: طرف مباشر إقليمي

 

يمثل الشعب الفلسطيني العربي أحد الأطراف المباشرة، والتي لها امتدادها الإقليمي في المنطقة، بناءً على روابط القومية العربية، والتي تشمل العرق، واللغة، والدين، إسلامي ومسيحي. ويعد الشعب الفلسطيني العربي الضحية التي استهدفتها بعض أطراف الصراع الأخرى، وبالدرجة الأولى، الكيان الصهيوني فترة وجوده في الحاضنة البريطانية ومن ثم انتقاله إلى الحاضنة الأمريكية.

 

وقد أثَّر هذا الاستهداف الذي طالهم بالقتل الفردي والجماعي، والطرد، والتشريد من قبل عصابات الصهيانة المنظمة، والتي مارست إرهاباً منظماً في فلسطين التاريخية من قبل قيام دولة الاحتلال إسرائيل عام 1948. ونتج عن هذا الاستهداف ما يشكل تهديد على الدول العربية المجاورة، ويورد الدكتور أسامة الغزالي حرب في هذا:

 

"إن الفلسطينيين هم الضحايا المباشرون للعدوان الصهيوني، سواء بالتشرد خارج وطنهم، أم بوقوعهم تحت الاحتلال الإسرائيلي في الضفة وغزة، أم بمعاناتهم كمواطنين من الدرجة الثانية في دولة إسرائيل، والدرجة التالية من التهديد، تقع على البلدان العربية المحيطة بإسرائيل، أي مصر، وسوريا، والأردن ولبنان. إنها البلدان التي تعرضت سلامتها الإقليمية للانتهاك والاحتلال، فضلاً عن الانغماس في الحرب المباشرة، بما تضمنته من تكلفة في الأرواح والأموال. أما بقية البلدان العربية- وباستثناءات محددة، وإن كان لها مغزاها المهم- فإن تعرضها للتهديد الإسرائيلي يظل تعرضاً غير مباشر. لقد انعكس هذا التفاوت في التهديد الإسرائيلي، وفي مجال مواجهته، على انقسام البلدان العربية إلى بلدان "للمواجهة" وأخرى للمساندة، فضلاً عن وجود بلدان أخرى خارج هذين النطاقين" [11]    

 

2.3.3 الكيان الصهيوني: طرف مباشر استُقدِمَ إقليمياً

 

لم يكن الكيان الصهيوني في المنطقة العربية ذو حضور رسمي يأخذ طابع السيادة والاعتراف الدولي إلا بعد القرار 181، والذي على أساسه تدخلت قوة دولية تمثلت في شخص الأمم المتحدة والتي منحت هذا الكيان حق إقامة دولته اليهودية، بعد أن كان كياناً مشَّرَّداً قروناً طوال في أطراف العالم. ومن هذا التشرذم الكياني والتشرد جاءت الهجرات اليهودية تحت المظلة الرسمية الصهيونية التي تحولت بعد حرب 1967 من حركة سياسية علمانية إلى حركة سياسية-دينية. وكان لهذا الأمر بالغ الأثر على كيفية التنسيق بين الصهيونية ككيان وكحركة عالمية. وقد نجحت هذه الحركة في تنسيق رفيع المستوى على صعيدين، يرتكزان إلى ربط الكيان الصهيوني بالأرض التي يقام عليها "وطن قومي لليهود" من جهة، وربطه بالقوى الغربية، سواء مع الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، والتي تشكل أوجهاً عديدة من المساندة لهذا الكيان.

 

ويعد التركيب البشري للكيان الصهيوني أحد المؤثرات الداخلية على دولة الاحتلال، فهو القادم من حضارات غربية مختلفة ومتباينة الثقافات، والمذاهب الدينية، وأنظمة الحكم، والهويات، والأعراق، واللغات، والقيم، الأمر الذي له بالغ الأثر في التنوع المهَدِد لتجانس دولة الاحتلال حتى اليوم، على الرغم من استقدام الكثير من الهجرات اليهودية حتى نهايات القرن العشرين، كدليل على زيادة القوة السكانية والانتماء الوطني لهذه الدولة. واقتباساً مما نقله الكاتب مجدي حماد في هذا الشأن:

 

"وتوضح دراسة "إسرائيل من الداخل" العديد من الظواهر والمؤشرات، ومن ذلك:

أ- شدة التفاعلات الجارية بين طوائف الكيان الصهيوني بثقافاته المتباينة، إلى حد الحديث عن إمكانية نشوب "حرب أهلية يهودية": "دينية" و"ثقافية"، حيث يعيش المجتمع "أزمة هوية" متنامية، ويكفي أنه ما زال حائراً أمام سؤال: من هو اليهودي؟ من ناحية، كما أنه يعيش أزمة قراءة تاريخه- تدل على ذلك مثلاً، ظاهرة "المؤرخين الجدد"-من ناحية أخرى.

ب- مجتمع يعيش تناقضاً متنامياً بين ظاهرتين بارزتين: من ناحية تقدم متسارع في مجال العلوم والتقانةوالاقتصاد، ومن ناحية أخرى في تخلف متسارع في مستوى الفكر والحياة الاجتماعية الغارقة في الأساطير". [12]    

 

ولكي تتجنب دولة الاحتلال حصول حرباً أهلية ثقافية كالمذكورة سابقاً، اعتمدت سياسيةً تخص أمنها الكياني من أجل ترابطه ووحدته التي تؤثر بشكل قوي على وحدة دولة الكيان الصهيوني، ولعل أفضل تعليق على هذه السياسية، هو ما قدمته الكاتبة نازلي معوض قائلةً:

 

"فالأمن الإسرائيلي إذن يعني اللا أمن العربي، وهنا ندرك مغزى التصرفات الإسرائيلية في المنطقة وفي اعتمادها على القوة في ممارستها السياسية كوسيلة وحيدة لفرض وجودها أولاً ثم تحقيق مطامعها ثانياً. هناك ثلاث مقومات تمثل الأركان الرئيسية لهذا الأمن وهي: مبدأ الاندماج، مبدأ الاستيعاب، مبدأ السلام"[13]

 

وتفسر الكاتبة بأن مبدأ الاندماج يستهدف دمج التركيبة الكيانية الصهيونية الآتية من شتات العالم لصهرها وحدةً متجانسة في دولة الاحتلال، والمبدأ الاستيعابي يستهدف تذويب وصهر العناصر غير اليهودية في الدولة وسلخهم عن موروثات شخصيتهم القومية الأصلية، ومبدأ سلام دولة الاحتلال يتعلق بتحقيق كل ما تراه هذه الدولة مناسباً لضمان جميع مستويات أمنها، وكذلك التوسع الحدودي، انطلاقاً نحو "إسرائيل الكبرى".  

 

ولكي يضمن هذا الكيان الصهيوني امتداده القوي في المنطقة العربية على حساب الأمن العربي والأرض العربية، لا بد من تدعيمه من قوىً اخرى سواء كانت إقليمية أو غير إقليمية. وبهذا، يمكن الانتقال إلى الطرف الثالث، وهو الطرف العربي.

 

3.3.3 الطرف العربي: الرسمي والشعبي

 

ينقسم الطرف العربي إلى قسمين: الطرف الرسمي الممثل بالحكومات، والشعبي الممثل بالشعوب العربية. وقد أثبت الواقع العربي الرسمي ضعفاً عاماً في مجابهة دولة الاحتلال إسرائيل، خاصة دول الجوار، فمنها من كان مشغولاً بحربه الأهلية مثل لبنان، والتي أنهكته الحرب سياسياً وعسكرياً، ومصر التي كانت ناصرية اشتراكية ترفض أي نوع من المساومة على الأرض العربية وشعوبها، وتقدم التدريب العسكري لعناصر الجيش الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولكن مصر الساداتية التي أبرمت أول اتفاقية سلمية عربية مع دولة الاحتلال، ليتبعها بعد ذلك التساقط العربي الرسمي، والذي بلغ أعلى مستويات مقاومته لهذه الدولة في الاستنكار والشجب لمجازر وإرهاب الدولة المنظم.

 

وقد تلقت بعض الدول العربية الرافضة لدولة الاحتلال ضربات عدائية جوية وبرية منها، مثل العراق التي ضُرِبَ مفاعلها الذري "أوزاريك" عام 1981، وفي العام التالي ضُرِب الجنوب اللبناني، وفي العام 1985 ضُرِبَ مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس، وما زالت تتوالى التهديدات الإسرائيلية على الأمة العربية، حكاماً وشعوباً.   

 

أما المستوى الشعبي العربي الذي تمثله الشعوب العربية من أقصى المحيط إلى أقصى الخليج، يعد كياناً عربياً متجانساً في مكنوناته الحضارية والثقافية والقومية. وأكثر ما ينطبق على وضع الشعوب العربية هي الكفاءات العقلية والكثافة النوعية والكمية التي تفتقر إلى حكام يحسنون تقديرها وإدارتها، وهذا هو الحال الذي يتعامل فيه الحكام مع الموارد الطبيعية أيضاً، والتي سوء إدارتها واستغلالها في الصالح القومي العام يجعلها تصب فقط في تقوية الصالح الأمني لدولة الاحتلال وإضعاف جميع حلقات الأمن العربي القومي. وعليه، ينضوي الحكم بالمجمل العام على الموقف العربي الشعبي بأنه هزيل لا يقوى متحداً على موازنة موقف الشارع الإسرائيلي في دولة الاحتلال.

 

4.3.3 الأطراف الغربية في الصراع العربي-الإسرائيلي

 

يعد الدور الغربي في الصراع العربي-الإسرائيلي دوراً تراكمياً سواء من ناحية الأحداث التي ربطت البروتستانتية الأصولية منذ القرن السابع عشر بالصهيونية، والتي على إثرها دعت اليهود لإقامة وطنهم في فلسطين، التي هي أرض الميعاد من منظورهم، أو من ناحية الزمن، أي مروراً منذ القرن السابع عشر، حتى بواكير القرن العشرين، حيث اتضحت رؤية هذا التدخل الغربي في يد الدول الغربية الأوروبية صاحبة الثقل السياسي في تلك الفترة، خاصةً بريطانيا، ومن ثم في خمسينيات القرن العشرين وحتى اليوم تتجلى في التدخل الأمريكي السافر في جميع الشؤون العربية، والفلسطينية، وما يرجح كفة دولة الاحتلال إسرائيل ضد الدول العربية كافة في الصراع العربي-الإسرائيلي. وقد تحققت نسبة من نجاح الطرف الأمريكي في تفريغ الصراع-العربي الإسرائيلي من مضمونه العربي، وجعله مقتصراً على الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ومن ثم النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، وأخيراً بالتسوية السياسية الفلسطينية-الإسرائيلية.

 

4.3 أصول الصراع العربي-الإسرائيلي

 

تشير الكثير من الدراسات المهتمة بالصراع العربي-الإسرائيلي إلى أصله الذي ينقسم إلى صراع أساسي وصراع مباشر. ويُعَبَّر عن الصراع الأساسي بإضعاف العالم العربي حكاماً وشعوباً، وإحكام السيطرة عليه من قبل القوى الغربية المهيمنة على توجيه الصراع لصالحها، بحيث تبقى دولة الاحتلال إسرائيل هي المفوض والمدافع بالنيابة عن مصالح الغرب في المنطقة العربية. ويرتبط أصل الصراع السياسي مباشرة بكيفية تطور أدوار الأطراف الغربية في الصراع العربي-الإسرائيلي، حيث كان لمرحلة الحرب العالمية الأولى وما تلاها من حركات تحرر عربية من نير الاستعمار الغربي، وعقد التفاهمات معه ما أطلق عليها مرحلة "الاستقلال من دون الوحدة" وهي المرحلة التي كان غياب الوحدة العربية فيها يقوي دعائم "وعد بلفور"، وسميت هذه المرحلة "التسوية الغربية الأولى"، وأما فترة الحرب العالمية الثانية وما تلاها من تكثيف استيطاني نوعي فترة ألمانيا النازية، وهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على العالم، وإخضاع معظم الحكومات العربية لمصالحها، كان لها الدور الأكبر في جعل دولة الاحتلال حقيقة واقعة، وعرفت هذه بمرحلة "التسوية الغربية الثانية".

 

أما عن أصول الصراع المباشر، فإنها تتعلق بالتبادلية في المصالح بين دولة الاحتلال إسرائيل والقوى الغربية المهيمنة في العالم، بحيث أن تقوم كل منها بتمرير مصالح الأخرى على حساب الأمن القومي العربي، إن وجد، وعلى حساب المورد العربي البشري والطبيعي، بحيث استنزاف الطاقة البشرية العربية وإضعاف انتمائها الاجتماعي داخل بلادها، يجعل من اليسير السيطرة على الموارد الطبيعية، خاصة النفط، وهذا لا يتحقق إلا من خلال إضعاف العرب عسكرياً واجتماعياً، وسياسياً، واستنزافهم في حروب داخلية، أو حروب عربية-عربية. وهذا ما يمهد الانتقال إلى المبحث التالي، والذي يتناول مداخل الصراع العربي الإسرائيلي. وعليه، فإن نجاح الصراع المباشر مرتبط بنجاح الصراع الأساسي.  

 

المبحث الثالث

 

5.3 مداخل الصراع العربي-الإسرائيلي

 

من البديهي أن يكون للصراع العربي-الإسرائيلي مداخله التي تحدد ماهيته، إذ يتعذر فهم طبيعة وبنية أي صراع إذا فقد المداخل الخاصة به. وفي ضوء ما سبق من هذه الدراسة، يمكن تطبيق الإطار النظري لمداخل الصراع الدولي على الصراع العربي-الإسرائيلي كما يلي:

 

1.5.3 مدخل علم الاجتماع بشقيه الديموغرافي، ونظرية النخبة المسيطرة أو المحور الصناعي العسكري

 

1.1.5.3 المدخل السكاني

 

سبق وأن تناولت هذه الدراسة شرحاً للمدخل السكاني في الصراع الدولي، كأحد الشقين الفرعيين لمدخل علم الاجتماع، وكيف يمكن أن تكون قلة أو انفجار السكان تعداداً، سبباً في الاقتتال على مصادر تأمين الحياة اليومية، ومنها قد تنشأ القلاقل والنزاعات بين أفراد الدولة الواحدة، الأمر الذي يمزق وحدة الدولة. وإذا ما انطبق هذا الحال على الدول العربية، التي تتصف بالغنى الطبيعي والفقر البشري ما بين التعداد وبين النوعية، أو الانفجار السكاني، كان لا بد من إحطام سيطرة دولة الاحتلال بشكل مخطط "...كتب أوعوديد ينون مستشار شارون "تستهدف إسرائيل الأمة العربية في كيانها البشري السوسيولوجي وليست فقط في أراضيها وسيادته، فهي تريد تفتيت أقطار هذه الأمة طائفياً ومذهبياً إلى دويلات متنافرة فيما بينها، ولكنها جميعاً تحت السطوة الإسرائيلية".[14]

 

كما ويتضح التطبيق العملي لهذا المدخل السكاني من خلال استجلاب الهجرات اليهودية من أصقاع العالم، والتي ربطت ما بين الصهيونية والاستيطان، والذي لا يمكن تحقيقه دون الهجرات اليهودية التي نشط توافدها على فلسطين بين العامين 1880 و 1938، وقُسِّمَّت إلى خمس هجرات، حيث تعد الأخيرة منها الممهدة لهجرات أوسع، وهي التي تلتها في وقت كانت النازية الألمانية في ذروتها، وبازدياد المهاجرون اليهود، كان دور الحركة الصهيونية بارزاً في تثقيفهم ثقافة الصهيونية وتعاليمها، لاستغلالهم فيما بعد عملياً في تطبيق وخدمة العملية الاستيطانية على الأرض. ويؤكد هذا عبد الرحمن أبو عرفة "...وابتداءً من سنة 1932 بدئ بتنفيذ مشروع ((الألف عائلة)) الذي نتج عنه إنشاء عدة مستوطنات في السهل الساحلي، والتي تميزت بطابعها العسكري، وبعدها الجغرافي"[15]

 

وقد بقي الاستيطان الإسرائيلي في تزايد، ولم يؤثر عليه سلباً انتقال الحركة الصهيونية من الحاضنة البريطانية إلى الحاضنة الأمريكية، وذلك عندما انعقد مؤتمر بلتمور الصهيوني 9-11 آيار مايو 1942 في نيويورك. وتذكر الكاتبة بيان نويهض الحوت بعض مذكرات ذلك المؤتمر، وما لها من تأثير في إحداث تغيير ديموغرافي في إطار الصراع العربي-الإسرائيلي:

 

"...الفكر السياسي الذي سيطر على المؤتمر كان وراءه بن غوريون، وقد بدأ الصراع بينه وبين وايزمن واضحاً حول أساليب الهجرة، فبينما كان وايزمن يفكر بهجرة الآلاف تلو الآلاف حتى يزداد العدد تدريجياً، وبينما كان في الوقت نفسه مصراً على أسلوبه هذا خوفاً من تعثر المفاوضات مع بريطانيا، كان بن غوريون يفكر بهجرة الملايين، تشبهاً بالهجرات الكبرى في التاريخ القديم، وكان يتصورها هجرة من الممكن أن تشمل ربع يهود العالم أو أكثر نحو أرض إسرائيل. وقد نجح بن غوريون في جعل صلب المطالب الناجمة عن المؤتمر الطلب بهجرة جماعية من أجل تحقيق هدف مزدوج لاتاحة المجال للاجئين الهاربين من النازية، ولإرساء دعائم الدولة اليهودية، وأهم تلك الدعائم السعي لتحقيق وجود الأكثرية في البلاد من اليهود." [16]   

 

 وهذا يوضح مدى فاعلية التغيير الديموغرافي في صراع دولي ما، حيث أحدثت هذه الهجرات اليهودية المنظمة والمدعومة غربياً، استيطاناً إحلالياً في فلسطين، زد على أن الهجرة العربية المضادة من فلسطين زادت بشكل ملحوظ بعد النكبة عام 1948، وبعد حرب 1967، وما تلاها من أحداث. وفي حديث مع المطران عطا الله حنا، في برنامج "زيارة خاصة" بثته قناة الجزيرة الفضائية بتاريخ 21 يونيو 2008، قال فيه أن نسبة المسيحيين العرب حالياً في فلسطين التاريخية بلغت 1% فقط.

          

2.1.5.3 المدخل الفرعي الثاني لعلم الاجتماع: نظرية النخبة المسيطرة أو المحور الصناعي العسكري

 

تعد النخبة السياسية المسيطرة على صنع وتوجيه وإدخال القرار السياسي حيز التنفيذ، حيث ارتبط هذا المدخل في الصراعات الدولية مع صعود الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية السلم السياسي الدولي وبداية توجهها نحو الأحلاف العسكرية والصناعية، الأمر الذي زاد من هيبتها واحتكارها للقرار الدولي بأكمله. وقد ساعد هذا المدخل في تعزيز هيبة الولايات المتحدة الأمريكية، ودولة الاحتلال إسرائيل معاًن حيث يرتكز كل منهما إلى القوة في بسط هيبته الدولية. ولكن في هذا الإطار لا بد من عدم التسليم بنظرية مورجانثو الخاصة بتحليل العلاقات الدولية في إطار القوة. ويوضح الكاتب مجدي حماد بهذا الخصوص، فيما يتعلق باختلال توازن القوى العربية-الإسرائيلية:

 

"ومع كل هذا الاختلال الفادح في ميزان القوى، تبقى "إسرائيل" مشروعاً مستحيلاً، بالمعنى التاريخي، وقد يبدو غريباً القول إن هذه الاستحالة برزت أكثر ما برزت بعد هزسمة 1967، ففي الوقت الذي كان فيه "المنطق الواقعي" الذي كانت الأمور تقاس به يشير إلى هزيمة عربية بهذه الضخامة، لا بد لها من أن تثمر استسلاماً عربياً للأمر الواقع، إذا بالهزيمة نفسها تكون حافزاً لبناء أول جيش عربي عصري بمعنى الكلمة. عند هذه النقطة بدأت معالم المعادلة تتوضح أمام جميع أطراف الصراع: إن "إسرائيل" لا تصبح مشروعاً واقعياً، أي لا يمكن تحولها من كيان مقفوض على المنطقة بالقوة إلى جزء طبيعي منها، إلا باستمرار العجز العربي كوضع ثابت ومتواصل، لا تقطعه فواصل "شاذة" مثل مرحلة صعود القومية العربية في الخمسينات والستينات." [17]

 

6.3 المدخل النفسي

 

سبق وأن ذُكِر في هذه الدراسة، أن المدخل النفسي يحتوي على اتجاهات أربعة، هي: الاتجاه الذي يربط بين النزعة والعدوان وبين الطبيعة الإنسانية، ونظرية الإخفاق، ونظرية الشخصية القومية، والنظريات التي تربط بين طبيعة الاتجاهات والمعتقدات القومية وبين ظاهرة الصراع الدولي.

 

وتطبيقاً لهذه الاتجاهات الأربعة على الصراع العربي-الإسرائيلي، يمكن استنتاج أن الاتجاه الذي يربط النزعة والعدوان وبين الطبيعة الإنسانية قد توافر بوضوح في الصراع العربي-الإسرائيلي، حيث احتلال فلسطين كان أولها عام 1948 حيث امتلأ المشهد الفلسطيني بالمجازر وأبشع أنواع الطرد والسلب والنهب، وتدمير القرى بأكملها، وذلك على يد عصابات صهيونية لم تعمل في إطار دولة ذات سيادة بعد.

 

وأما عن نظرية الشخصية القومية، فيمكن رؤيتها بشكل جلي عندما باغتت دولة الاحتلال إسرائيل دول الجوارالعربي، واحتلت أجزاءً منها، وأكملت احتلالها لقطاع غزة، والضفة الغربية، والقدس الشرقية في الحرب ذاتها. وهذا يوضح أن الشخصية القومية لدولة الاحتلال إنما تتصف بالعدائية.

 

وفيما يتعلق بنظرية الإخفاق، والتي من الأولى أن تطبقها الدول العربية بسبب إخفاق مخططاتها القومية نحو مستويات الأمن المختلفة، تتصدر دولة الاحتلال تطبيقها بطريقة معكوسة، حيث تسعى دوماً لزيادة توسعها الحيوي من خلال إنجاح مخططاتها الخاصة بها على حساب الوجود والحدود العربية إجمالاً. فهي دولة لا تكتفي بمنجزات أطماعها في المنطقة العربية.

 

أما الاتجاه الأخير للمدخل النفسي، وهو النظريات التي تربط بين طبيعة الاتجاهات والمعتقدات القومية وبين ظاهرة الصراع الدولي، يمكن إيجاده بوضوح في الصراع العربي-الإسرائيلي، حيث حالة عدم التقبل العربي لدولة الاحتلال إسرائيل ما زالت واضحة دون ان يشكك في مصداقيتها الواقع العربي، خاصة الشعبي، الذي يملؤه الإحباط من حكامه خاصة الموالين منهم لدولة الاحتلال. وعدم التقبل هذا، يجعل حالة الأمن والأمن المضاد في المنطقة العربية هو السائد بين الدول العربية ودولة الاحتلال، التي تدرك أن أمنها لن يأتي ما دام هناك إدراك عربي بأنها دولة غير شرعية، وإن كثرت عمليات التطبيع العربي-الإسرائيلي، وازدادت اتفاقيات التسوية السياسية العربية-الإسرائيلية في سبيل التصفية لأي مشروع مقاوِم لدولة الاحتلال.

 

7.3 المدخل الأيديولوجي في الصراع العربي-الإسرائيلي

 

تمثل الأيديولوجيا في الصراع العربي-الإسرائيلي حالة انتقال من التغير إلى الثبات، وهذا مؤشر خطير، ليس فقط على استمرارية هذا الصراع، وإنما بإدخاله في مرحلة التصعيد المستمر. ويُقصَد بهذا، تغير جوهر الحركة الصهيونية من حركة علمانية إلى حركة صهيونية سياسية-دينية. ويذكر عبد الرحمن أبو عرفة " كانت الصهيونية من هرتزل إلى بن غوريون عقيدة علمانية بحتة، لكن حرب حزيران 1967 خلقت أرضاً صالحة لظهور شكل جديد من الصهيونية وتطويره. فأضيف العنصر الديني إلى الصهيونية ليخلق صهيونية سياسية-دينية. هؤلاء الصهاينة المجتمعون في حركة "غوش إمونيم" (الجماعة المؤمنة) يعتبرون استقرار اليهود على أرض فلسطين واجباً دينياً"[18]

 

ومن هنا، يتضح إخفاق وتراجع الصهيونية العلمانية أمام قوة الصهيونية الجديدة السياسية-الدينية، فهي التي تثبت قوتها نحو الارتباط السكاني بالأرض، وإن كان على أساس الأساطير الدينية، التي تستمد قوتها من الفكر الدفاعي عن هذه الأساطير، والتي تساندها حكومات دولة الاحتلال على اختلاف انتماءاتها، سواء كانت اشتراكية عمالية، أو يمينية متطرفة. ففترة رئيس الحكومة العمالي اسحق رابين، مايو 1974-ابريل 1977، لم يمنع الصهاينة السياسيين-الدينيين إقامة مستوطنات "غير شرعية"، كما كانت تراه سالفته المستقيلة جولدا مائيير، حيث عمد رابين إلى تكثيف الاستيطان، خاصة في الأماكن الفلسطينية المكتظة سكانياً، وتم تطبيق الخطط الاستيطانية، والتي كانت في العام 1967 خطة استيطانية وقائية، وتتابعت العملية الاستيطانية في مناطق عدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقتها، حتى قدوم حزب الليكود اليميني المتطرف، للمرة الأولى، على رئاسة الحكومة الإسرائيلية، مايو 1977-سبتمبر 1983 برئاسة بيغن، الذي أعاد فلسفة الاستيطان إلى ما كانت عليه زمن الانتداب البريطاني، لإقامة "إسرائيل الكبرى". وفي هذا الخصوص يسرد عبد الرحمن أبو عرفة:

 

"...تكتل الليكود هو إيديولوجياً مشجع للمبدأ المشؤوم القائل "بتوحيد الأرض" استناداً إلى الإيمان "بإسرائيل الكبرى" أما الحزب العمالي فمنشغل بعقيدته عن "توحيد الشعب اليهودي". المعطيات الديمغرافية تدين كل تطلع إلحاقي، وليس لاعتبارات أخلاقية، لأن هدف العماليين هو الحفاظ على الطابع اليهودي للدولة العبرية، بيد أن الضم يعني قيام حكم تمييز عنصري موجود أصلاً في الواقع"[19]

 

8.3 مدخل المصالح القومية في نطاق صراعات القوة في إطار الصراع العربي-الإسرائيلي

 

ترتبط مصالح دولة الاحتلال إسرائيل بمصالح القوة العظمى التي تتصدر السلم السياسي الدولي، ألا وهي الولايات المتحدة الأمريكية، صانعة الأحادية القطبية. فارتباط المصالح وتبادلها يعني أن تفرض دولة الاحتلال إسرائيل هيمنهتا في المنطقة العربية بالكامل، بل وتمتد لتطال إيران، وذلك وفق التهديدات الإسرائيلية لضرب إيران، وهذا يعني أن هذه الدولة تخوض حرباً بالنيابة عن الولايات المتحدة الأمريكية، التي تُنصِّب نفسها صانعة القرار السياسي الدولي.

 

ويؤثر هذا التصرف على المنطقة العربية جمعاء، خاصة في ظل الضعف العربي العام، الرسمي والشعبي على حد سواء. وكما مر سابقاً في هذه الدراسة، عن نظرة سبونوزان الذي يمنح الأحقية لدولة ما أن تشن الحرب على دولة أخرى لإخضاعها، وذلك عند توافر الرغبة بشنها الحرب على الدولة المراد إخضاعها. وكما يرى سبيكمان أن الصراع، لا التعاون، هو ما يميز العلاقات الدولية، وأن الدولة تعتمد في بقائها على قوتها الذاتية، أو ما يمكن أن تقدمها لها بعض الدول من تأمين لقوتها الذاتية، بناءً على علاقة القوة النسبية التي تحكم العلاقات الدولية.

 

9.3 مدخل طبيعة النظام السياسي الدولي

 

ويمكن تطبيق هذا المدخل في الصراع العربي-الإسرائيلي من خلال الهيمنة الأمريكية على الدول العربية في المنطقة العربية، حي تعتبر الولايات المتحدة الامريكية طرفاً غير مباشر وغير إقليمي في هذا الصراع. وهذا يعني إنهاء القومية العربية، وعولمتها من خلال أمركة وأسرلة الدول العربية حكاماً وشعوباً.

 

10.3 المدخل الجغرافي السياسي

 

ويعتمد هذا المدخل على توسع الدولة ذات الحدود المائعة لضمان أعلى نسبة أمن لوجودها وحدودها. وما زال ينطبق هذا المبدأ على دولة الاحتلال التي ترفض أن ترسم لنفسها حدوداً سياسية ثابتة، ولعل أقرب مثل يوضح هذا المدخل هي مرتكزات الأمن الإسرائيلي قبل وبعد حرب 1967. كما ويجدر الإشارة إلى أن دولة الاحتلال مارست تطبيقاً خطيراً للمدخل الجغرافي السياسي في نطاقها الداخلي، وذلك في العملية الاستيطانية التي توسعت في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، والعمل الدائم على إقامة "إسرائيل الكبرى"، وهذا توضيح كيف أن الدولة كيان عضوي من سكان وأرض، قابلة للنمو، ومجالها الحيوي يعني عدم اكتفائها بحدود معينة كي لا تبدأ في الاضمحلال. وهذا ما يعرف بنظرية الجغرافيا السياسية التقليدية.

 

أما نظرية الجغرافيا السياسية المعاصرة فتؤكد على عضوية الدولة بحدود توسعية، للحفاظ على هيبةٍ دولية قوية، كما ترى في نفس الوقت، أن الصراع الدولي يمكن تسويته عن طريق السلم، الذي يضمن حدوث كارثة حرب نووية. وينطبق الأمر عينه على دولة الاحتلال التي وسَّعت من حدودها بعد حرب 1967 على حساب أراضٍ عربية مجاورة، وإن تم استرداد بعضها، كما هو الحال في أراضي سيناء التي استردتها مصر بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد.

 

11.3 المدخل السياسي في الصراع العربي-الإسرائيلي

 

يمكن تفسير هذا المدخل في إطار هذا الصراع من خلال التدخل الأمريكي في السياسة العربية التي تدفع باتجاه تحسين العلاقات العربية-الإسرائيلية، لضمان حسن الجوار مع دولة الاحتلال هذه، والتي بدورها عليها منع حدوث أي اتفاق دفاعي عربي بين أي دولتين عربيتين متجاورتين لدولة الاحتلال. لذا، فالمحاور العربية الدفاعية المشتركة تهدد الأمن الوجودي والحدودي لدولة الاحتلال، وبالتالي، على الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الاحتلال الاستمرار في ملاحقة الأحداث العربية والمواقف العربية الرسمية كي تضمن عدم قيام محاور عربية دفاعية، تساهم في إحياء الروح القومية العربية المقاوِمة لهذا الكيان الدخيل في المنطقة العربية. وقد تتعرض أي دولة عربية تحاول إنشاء اتفاق دفاعي مشترك، لعقوبات تبدأ بحصار اقتصادي وقطع كافة المساعدات والعلاقات معها.

 

12.3 المدخل الاقتصادي

 

تحاول دولة الاحتلال دوماً في سياساتها الهادفة إلى تفتيت الدول العربية من العمق، حيث تكاد النظرية الماركسية تجد لها حِلاً في الصراع العربي-الإسرائيلي، بحيث يبقى الصراع الطبقي الفاضح بين الشعوب العربية الفقيرة وحكوماتها التي تحتكر الموارد الطبيعية ومصادر المال. وهذا الأمر من شأنه إما أن يبقي الشعوب العربية المنهكة قانعةً بظروفها القاسية المهينة، أو تنتفض وتحتج وتثور ضد هذه الحكومات، شريطة أن تبقى الأوضاع في هذه البلاد في صراع طبقي مستمر. فكلا الحالتين تصبان في صالح دولة الاحتلال.

 

13.3 المدخل المتعلق بطبيعة النظام السياسي الداخلي

 

يورد الكاتب أسامة الغزالي حرب حول طبيعة النظام السياسي في دولة الاحتلال إسرائيل، أن قيام هذه الدولة في العام 1948 شكَّل بداية النظام السياسي الحاكم فيها، حيث تم توحيد الأطر السياسية في هدف واحد هو سيادة هذه الدولة. ومع توحد وتطور العمل السياسي لهم، بدأ الشكل النهائي للنظام السياسي يتمحور في ثلاثية الأيديولوجيا، والمركزية، والتعددية الحزبية.

 

وتعتمد الأيديولوجيا في هذه الدولة على الاستيطان وربطه سياسياً-دينياً في الأرض التي لم تعرف حدوداً سياسية محددة بعد. وأما المركزية فيعنى بها تمركز السلطة في يد نخبةٍ معينة حاكمة على الرغم من مشاركة جميع الفئات والطبقات المجتمعية داخل هذه الدولة على أساس الديمقراطية، والتعددية الحزبية. الأمر الذي يجبر هذه الفئة على خلق جو انسجامي يحقق القبول والتوافق بين كافة المشاركين في الحياة السياسية.

 

وأما التعددية الحزبية تجعل من دولة الاحتلال دولة الأحزاب السياسية، وأول الأسباب يكمن في أنها نشأت قبل قيام دولة الاحتلال، خاصة أن معظمها نشأ في المجتمعات الغربية، وثانيها، أن هذه الأحزاب حملت الطابع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإعلامي والتعبوي، وثالثها، أن هذه التعددية الحزبية تمثل التعددية في التركيبة السكانية لدولة الاحتلال، والتي اجتمعت من خلال الهجرات اليهودية.

 

ومن الثلاثية الأيديولوجية، والمركزية، والتعددية الحزبية يمكن الاستنتاج بأن دولة الاحتلال تتمتع بجو جيد من الديمقراطية السياسية تسمح بالتعددية التي تخدم أمن هذه الدولة، لا ضده. وفي نفس الوقت، هي تشجع نماذج إبقاء الديمقراطيات العربية التي تقوم على مصادرة الرأي العام والأنظمة الشمولية، مما يتيح لدولة الاحتلال اللعب بأي نظام عربي يحاول أن يناهضها، وذلك من خلال تحريض وتجنيد من يثير القلاقل ضد هذا النظام للتخلص منه، واستبداله بنظام سياسي من صنيعها.  

 

14.3 مدخل سباق التسلح والصراع العربي-الإسرائيلي

     

يطلق عليه، أيضاً، بعض المختصون مدخل التقانة، الذي يتعامل مع التقنية العسكرية النوعية والكمية التي يجب توافرها بين أطراف الصراع، فكلما كان الاختلال في توازن الترسانة العسكرية من ناحية الكيفية، والكمية، والدربة الحسنة للجيش على منظومة هذه الترسانة، كلما كان الحسم واضحاً بالربح مقابل الخسارة بين أطراف الصراع غير المتكافئة تقنياً. ويشكل هذا المدخل في الصراع العربي-الإسرائيلي أهميةً بالغة الخطورة، والتي جعلت دولة الاحتلال، ومن خلال اهتزاز أمنها النفسي والاجتماعي، أن تعتمد على سباق التسلح بشكل يضاهي جميع ترسانة العرب العسكرية، كي تضمن أمنها الحدودي والوجودي معاً، ومن ثم يمكنها تحقيق باقي مستويات أمنها. وتعد دولة الاحتلال الدولة الأولى في المنطقة العربية، والثانية في الشرق الأوسط، تتسلح بالترسانة النووية منذ العام 1953، وتقول الكاتبة نازلي معوض في هذا الشأن:

 

"ويمكن القول أن إسرائيل تمتلك حتى عام 1992 حوالي 250-300 رأس نووي- فالبرنامج النووي الإسرائيلي بدأ بالفعل في عام 1953 عندما أبرمت إسرائيل اتفاقاً مع فرنس على تبادل المعلومات التكنولوجية النووية وعلى تدريب علماء إسرائيليين في فرنسا، وبنت فرنسا في النقب الشمالي مفاعل ديمونة... ولقد استطاعت إسرائيل الحصول على اليورانيوم من الأرجنيتين وجنوب أفريقيا، وكذلك من عمليات القرصنة التي قامت بها سواء في ألمانيا أو فرنسا"[20]  

 

خاتمة

 

بعد انطباق مداخل أساسية على الصراع العربي-الإسرائيلي، تبين أنه صراع دولي يحمل صفة الديناميكية والتعقيد أيضاً، والتي هي أهم صفات أي صراع دولي. وقد قامت وبادت العديد من الصراعات الدولية عبر التاريخ، ومنها ما بقي متجدداً وتزيد مداخله، ويتجه نحو التصعيد، وأحسن أحواله التي يصل إليها هي الاستقرار، وآخرها هي الاندثار، يأتي الصراع العربي-الإسرائيلي ويبقي على صفة الصراعية لا النزاعية أو التصادمية، وبالتالي كل محاولة للتسوية السلمية مع دولة الاحتلال لا بد وأن تخفق، ما دام الاحتلال باق وما دامت المقاومة باقية. وعليه، نهاية الاحتلال هي نهاية الصراع العربي-الإسرائيلي.

 

نتائج

 

1.     وجود قوة احتلالية أو استعمارية من شأنه أن يخلق ظاهرة صراع دولي.

2.     الصراع العربي-الإسرائيلي لا يمكن تسويته بالحل السياسي وحده، بل يحتاج إلى عمل عسكري مقاوِم

3.     توافرت في الصراع العربي الإسرائيلي المداخل الأساسية الكفيلة بإحداث صراع دولي بالغ التعقيد

4.     محاولة دولة الاحتلال إسرائيل الاعتماد على مبدأ القوة، سواء كان في الأيديولوجيا، أو الترسانة العسكرية النوعية، أو تهديد وترغيب الدول االعربية، حكومات وشعوب، للبقاء تحت إمرتها وإرادتها السياسية في المنطقة.

5.     تشكل اليقظة العربية تهديداً خطيراً على أمن دولة الاحتلال، لذا يجب إبقاء العرب في حالات التخلف على جميع المستويات، لضمان التبعية السياسية والاقتصادية والأمنية لدولة الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية.

 

توصيات

 

1.     تقوية المجتمع المدني ورفع مستوى وعيه السياسي قطرياً وعربياً ودولياً

2.     التأكيد في جميع المستويات العربية أن "إسرائيل" هي دولة احتلال

3.     رسم سياسات توطد العلاقة بين منظمات العمل الأهلي والحكومات، والضغط عليها لتقطع العلاقات مع دولة الاحتلال، ومحاولة التخلص من جميع مؤسساتها العميلة والمساندة لها.

4.     اعتبار الاتفاقيات السلمية الموقعة مع دولة الاحتلال لاغية، وتشكيل عمل عسكري منظم يضرب في العمق الصهيوني

5.     إيصال دولة الاحتلال إلى مرحلة الإخفاق، وذلك بإشعارها بالعجز في اختراق الأمة العربية مرة أخرى، وهذا يتطلب تغيير جذري في الحكومات العربية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفهرس

 

 

الفصل الأول.. 1

نبذة تاريخية عن الصراع من منظور عام. 1

مقدمة. 1

المبحث الأول.. 1

1.1 مفاهيم الدراسة: صراع، نزاع، صدام. 1

2.1 الفرق بين الحرب والصراع.. 2

3.1 تاريخ الصراع من منظور عام. 3

المبحث الثاني.. 4

4.1 الصراع في العقيدة المسيحية واليهودية. 4

5.1 الحرب كجزء من الصراع، في المنظور الاسلامي.. 5

6.1 نبذة عامة عن أسباب نشأة الصراع عبر تطور المجتمع البشري.. 5

7.1 أوجه الصراع الإيجابية. 6

8.1 أوجه الصراع السلبية. 6

المبحث الثالث... 7

9.1 بداية ظهور الصياغة النظرية للصراع.. 7

10.1 الإطار النظري لأسباب نشوء الصراع.. 7

11.1 بنية الصراع.. 7

12.1 الفرق بين الصراع الدولي والأزمة الدولية. 8

13.1 مراحل الصراع الدولي.. 9

14.1 المداخل النظرية العلمية المنهجية لظاهرة الصراع الدولي.. 10

خاتمة. 11

الفصل الثاني.. 12

الصراع الدولي في الإطار النظري العلمي المنهجي.. 12

مقدمة. 12

المبحث الأول.. 12

1.2 مداخل الصراع الدولي.. 12

2.2 المدخل النفسي للصراع الدولي.. 13

1.1.2.2 الصراع والمدخل النفسي من منظور إسلامي.. 13

2.1.2.2 المدخل النفسي للصراع الدولي من منظور غربي.. 14

3.1.2.2 المدخل النفسي وفق التفسيرين الفلسفي الإسلامي والفلسفي الغربي من منظور مقارن.. 15

2.2.2 نظرية الإخفاق.. 15

3.2.2 نظرية الشخصية القومية. 16

4.2.2 النظريات التي تربط بين طبيعة الاتجاهات والمعتقدات القومية وبين ظاهرة الصراع الدولي   16

3.2 مدخل علم الاجتماع.. 17

1.3.2 المدخل الفرعي الأول لعلم الاجتماع: الديموغرافيا 17

2.3.2 المدخل الفرعي الثاني لعلم الاجتماع: نظرية النخبة المسيطرة أو نظرية المحور الصناعي   18

4.2 المدخل الأيديولوجي في الصراع الدولي وأسباب أهميته. 19

5.2 مدخل المصالح القومية في نطاق صراعات القوة 21

6.2 مدخل سباق التسلح.. 22

7.2 مدخل طبيعة النظام السياسي الدولي.. 23

8.2 المدخل الجغرافي السياسي.. 23

 1.8.2النظريات الجغرافية السياسية التقليدية. 23

 2.8.2النظريات الجغرافية السياسية المعاصرة 24

9.2 المدخل السياسي.. 24

10.2 المدخل الاقتصادي.. 25

11.2 المدخل الذي يركز على الاختلالات الناتجة عن تزايد دخول الدول القومية الحديثة الاستقلال إلى المجتمع الدولي   25

12.2 المدخل المتعلق بطبيعة النظام السياسي الداخلي.. 26

خاتمة. 26

الفصل الثالث... 27

الصراع العربي-الإسرائيلي.. 27

مقدمة. 27

المبحث الأول.. 27

1.3 مداخل الصراع العربي-الإسرائيلي.. 27

2.3 ماهية وأشكال الصراع العربي-الإسرائيلي.. 28

المبحث الثاني.. 29

3.3 أطراف الصراع العربي-الإسرائيلي.. 29

1.3.3 الطرف الفلسطيني: طرف مباشر إقليمي.. 29

2.3.3 الكيان الصهيوني: طرف مباشر استُقدِمَ إقليمياً 30

3.3.3 الطرف العربي: الرسمي والشعبي.. 32

4.3.3 الأطراف الغربية في الصراع العربي-الإسرائيلي.. 32

4.3 أصول الصراع العربي-الإسرائيلي.. 33

المبحث الثالث... 34

5.3 مداخل الصراع العربي-الإسرائيلي.. 34

1.1.5.3 المدخل السكاني.. 34

2.1.5.3 المدخل الفرعي الثاني لعلم الاجتماع: نظرية النخبة المسيطرة أو المحور الصناعي العسكري   36

6.3 المدخل النفسي.. 36

7.3 المدخل الأيديولوجي في الصراع العربي-الإسرائيلي.. 37

8.3 مدخل المصالح القومية في نطاق صراعات القوة في إطار الصراع العربي-الإسرائيلي.. 38

9.3 مدخل طبيعة النظام السياسي الدولي.. 39

10.3 المدخل الجغرافي السياسي.. 39

11.3 المدخل السياسي في الصراع العربي-الإسرائيلي.. 40

12.3 المدخل الاقتصادي.. 40

13.3 المدخل المتعلق بطبيعة النظام السياسي الداخلي.. 40

14.3 مدخل سباق التسلح والصراع العربي-الإسرائيلي.. 41

خاتمة. 42

توصيات... 43

الفهرس... 44

 



[1]  العماري، عباس رشدي. إدارة الأزمات في عالم متغير، الطبعة الأولى، مركز الأهرام للترجمة والنشر، القاهرة، 1993، ص 15. نقلاً عن مجلة الأهرام الاقتصادي، العدد 976، ديسمبر 1987، القاهرة، مؤسسة الأهرام

[2]  العماري، عباس رشدي. المصدر السابق، ص 15

[3]  العماري، عباس رشدي. المصدر السابق، ص 13

[4]  سورة  الحج، آيات 39-40

[5]  توهيل، محمد "فايز أبو هنطش". علم الاجتماع السياسي، قضايا العنف والحرب والسلام، 1998، دار المستقبل للنشر والتوزيع، عمان، ص 98 

[6]  توهيل، محمد. مصدر سابق، ص 127

[7]  توهيل، محمد. مصدر سابق، ص 140

[8]  توهيل، محمد. مصدر سابق. ص ص 167-168

[9]  توهيل، محمد. مصدر سابق، ص 246

[10]  حرب، أسامة الغزالي. مستقبل الصراع العربي-الإسرائيلي. الطبعة الأولى، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1987، ص 18

[11]  حرب، أسامة الغزالي. مصدر سابق، ص 30

 

[12]  حماد، مجدي. نحو استراتيجة وخطة للصراع العربي-الصهيوني، الطبعة الأولى، مركز دراسات الوحدة العربية، 2000، ص 31، نقلاً عن "التجربة تتكرر في إسرائيل أيضاً: المواجهة قد تتحول "حرباً أهلية ثقافية" مع الأصوليين" للكاتب مصطفى الكركوتي.

[13]  معوض، نازلي. دول الجوار الجغرافي والأمن القومي العربي. الأمن القومي العربي: ابعاده ومتطلباته، معهد البحوث والدراسات العربية، 1993، ص 79

[14]  معوض، نازلي. مصدر سابق. ص 79

[15]  أبو عرفة، عبد الرحمن. الاستيطان-التطبيق العملي للصهيونية، دار الجليل للدراسات والنشر والأبحاث، عمان، الطبعة الثانية، 1986

[16]  الحوت، بيان نويهض. القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917-1948، الطبعة الثالثة، دار الهدى للنشر والتوزيع، كفر قرع، 1986، ص 417

[17]  حماد، مجدي. مصدر سابق. ص 57

[18]  أبو عرفة، عبد الرحمن. مصدر سابق. ص 218

[19]  أبو عرفة، عبد الرحمن. مصدر سابق. ص 230

[20]  معوض، نازلي. مصدر سابق. ص ص 96-97





تعليق طباعة عودة للخلف

عدد القراء: 16531

عدد التعليقات: 0
مواضيع ذات صلة

 

        تعليقات الزوار

Contact Us

feel free to contact us at our Email : kamaltopic@gmail.com

Dr. Kamal Mobile is :+970599843850

رؤية وأهداف

نهدف من خلال موقعنا إلى تزويد الطلاب والباحثين والمهتمين بخدمات علمية مجانية عالية المستوى ونشر أبحاث ودراسات اكاديمية

الدكتور كمال الأسطل,

Missiion Statement

Our goal is to provide students, researchers and interested people with high standard, free of charge scientific services and to publish academic researches.

Kamal Astal,