• كلمة الدكتور

    كلمة الدكتور كمال الأسطل:

    نسعى جاهدين لدعم الطالب الفلسطيني في كافة المجالات ، واستغلال التكنولوجيا المعلوماتية لذلك قمنا بانشاء الموقع الالكتروني , ويحتوي على مميزات عديدة من اجل ...
  • التفاعل والمشاركة

  • CV - السيرة الذاتية

الأربعاء04-10-2023

"الجندر" والتحول السياسي والإجتماعي في فلسطين: المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية وعملية التحول الديموقراطي والسياسي والاجتماعي دراسة نظرية وميدانية تطبيقية Gender and Political and Social Change in Palestine Palestinian Women Political Participation and Democratic Change

 تاريخ النشر: 6/3/2018   وقت 4:00:53 صباحا   | طباعة |  ارسل لصديق

مركز السلام للتدريب المجتمعي والأبحاث

 

 

 

 

"الجندر" والتحول السياسي والإجتماعي في فلسطين: المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية وعملية التحول الديموقراطي والسياسي والاجتماعي

دراسة نظرية وميدانية تطبيقية

Gender and Political and Social Change in Palestine

Palestinian Women Political Participation and Democratic Change

 

 

 

د. كمال محمد محمد الأسطل

أستاذ العلوم السياسية المشارك بجامعة الأزهر بغزة

 

 

 

 

 

 

 

سلسلة دراسات تنموية (3)

 

 

الطبعة الأولى –آب-أغسطس 2005

 

 

 

 

 

المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية وعملية التحول الديموقراطي والسياسي والاجتماعي

Women Political Participation and Democratic Change in Palestine

1996-2005

 

المبحث الأول: مبحث تمهيدي ومناجية البحث

An introductory Section and Methodology

 

 

 

تمهيد Preface

هذه الدراسة الأكاديمية التي التي نقدمها للقراء والباحثين والمهتمين والمختصين تتناول موضوع هام وحساس وهو قضية النوع الانساني (الجندر) وعملية التحول السياسي والاجتماعي في المجتمع الفلسطيني وبروز دور المرأة الفلسطينية في الحياة السياسية عبر مسيرة حركة النضال والتحرر الوطني الفلسطينية. إستغرق إعداد وتنفيذ البحث أكثر من ستة أشهر في ظل ظروف سياسية وأمنية غاية في التعقيد. وقد قام الباحث بإعطاء دور في إجراء أجزاء من هذا البحث لكل من هند فارس ونشوى رزق وهما خريجتان من قسم العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة ترسيخا لمبدأ المشاركة البحثية وكذلك ترسيخ الجانب "الجندري" في جميع جوانب ومجالات الحياة.

فقد قام الباحث بإعداد الإطار النظري للبحث وتنفيذه وقامت الباحثة هند فارس بتنفيذ الجانب التطبيقي الميداني وجزء من الإطار النظري كما قامت الباحثة نشوى رزق بتنفيذ بعض الجوانب النظرية في هذا البحث الأكاديمي الذي يعتبر –حسب علم الباحث ومساعديه- الأول من نوعه في قطاع غزة.

وهنا لابد وأن نتوجه بالشكر والتقدير لكل من ساهم في تسيهل تنفيذ هذا البحث الأكاديمي الهام.

 

 

 

مقدمة Introduction

باتت المرأة تلعب دوراً رئيسياً في الحياة السياسية، واصبح لها دور ريادي في كثير من الدول من شرقها الى غربها، وقد اثبتت جدارتها في خوض معترك السياسة في كثير من الدول، فتقلدت مقاليد السلطة حاكمة، رئيسة وزراء، عضو برلمان، ناشطة سياسية او حتى ناشطة مجتمعية في مجال حقوق المرأة والطفل والى غير ذلك.

وقد جاء هذا الدور وليد الاستقرار الذي باتت تشعر به المرأة ووفق مقاييس عدة تتعلق بالظروف الاقتصادية او بنظرة الرجل للمرأة في حياته وتقديره للدور الهام لها في حياته الاجتماعية.

ودور المرأة في الحياة السياسية اصبح من الامور الملحة فتخطت حاجز الخوف والرهبة الذي ظل يقيدها ردحاً من الزمان، لتقتحم عالم السياسة وتكون مسؤلة عن شعب بأكمله تقوده للازدهار والتقدم والتطور.

وقد شهدت الساحة العالمية والعربية امثلة رائدة للمرأة السياسية التي زاولت العمل السياسي من شرق الارض لمغربها، نذكر على سبيل المثال لا الحصر انديرا غاندي، مرجريت تاتشر وغيرهن، كما تقلدنا المناصب الوزارية كامل عثمان في مصر وحنان عشراوي في فلسطين وانتصار الوزير ومثلن شعوبهن كبرلمانيات مثل راوية الشوا، جميلة صيدم ودلال سلامة.

ولعبت زوجات الرؤساء دوراً هاماً من وراء الستار في اتخاذ قرارات مصيرية فكن اليد الخفية وراء الكثير من القرارات وقد كانت هيلاري كلينتون المثال الاقوى على ذلك في الساحة العالمية، وسوزان مبارك في الساحة الاجتماعية العربية.

ومع هذا الدور الرئيسي الذي تلعبه المرأة الا انها مازالت تطمح للمزيد من الحرية السياسية في مجتمعنا الشرقي خاصة في دول الخليج العربي فلم يتح لها بعد الهامش السياسي الذي تستطيع التحرك منه حتى تكون عضواً تحت قبة البرلمان.

اما بالنسبة للمراة الفلسطينية فأن مشاركتها السياسية تأثرت بعدة عوامل اعطت هذه المشاركة خصوصية تختلف الى حد ما عن اوضاع النساء العربيات اللواتي يعشن ظروفاً اجتماعية شبيه بظروف المرأة الفلسطينية، ومن اهم هذه العوامل وجود الاحتلال وتبلور حركة تحرر وطني فلسطيني استطاعت جذب النساء للمشاركة في النضال الوطني وظهور القضية الفلسطينية كموضوع تحرر وطني، اما العامل الثاني فهو الدور الواقع على المراة داخل العائلة والذي اكدته الكثير من الشعارات الوطنية كشعار "المراة حارسة دارنا ونارنا" هذه العوال لعبت دوراً هاماً في تشكيل واعادة صياغة المشاركة.

 

الأدوار الجندرية والمشاركة السياسية للمرأة

Gender Role and Women Political Participation

تعتبر المشاركة السياسية من أهم مؤشرات تمكين النساء في أي مجتمع، وذلك وفقاً لقرارات مؤتمر بكين لعام 1995، وهو مؤشر نحو نمو المجتمعات وقدرتها على دمج النساء في الحياة الخاصة والعامة، وتعزيز قدراتهن للمساهمة في العملية التنموية والاستفادة من إمكانياتهن، فحسب تقرير الأمم المتحدة للتنمية فإن المشاركة في التنمية هي أحد حقوق الإنسان"رجلاً كان أم امرأة"،وقد أشار تقرير التنمية الإنسانية العربية إلى أن أزمة المجتمعات العربية هي أزمة المعرفة، والديمقراطية، والمرأة، وأن التحديات المطلوبة من المجتمعات العربية لتخطي أزماتها هي ضرورة التحول الديمقراطي،وتغيير الأجندة الاجتماعية على أساس تغيير وضعية النساء في هذه المجتمعات،واللحاق بالتكنولوجيا كأداة حقيقية للمعرفة…وهذا هو حال تقرير التنمية البشرية الفلسطينية.

"وقد شكلت النساء غالبية سكان الأرض"، وقد ساهمن في العمليات التي صاغت حياتنا في الماضي لذلك يجب أن يلعبن دوراً أكثر أهمية في المستقبل، إذا أردنا الوصول إلى عالم أفضل، وقد ارتفعت نسبة مشاركة النساء في العالم في شئون المجتمعات، إلا أنها لا تزال دون المستوى الذي يجب أن تصل إليه في المجالين العام والخاص…أما بالنسبة للمرأة الفلسطينية وهي محور دراستنا وبحثنا فإن مشاركتها السياسية تأثرت بعدة عوامل أعطت لهذه المشاركة خصوصية تختلف إلى حدٍ ما عن أوضاع النساء العربيات اللواتي يعشن ظروفاً اجتماعية شبيهة بظروف المرأة الفلسطينية، ومن أهم هذه العوامل وجود الاحتلال، وتبلور حركة تحرر وطني فلسطيني استطاعت جذب النساء للمشاركة في النضال الوطني، وظهور القضية الفلسطينية كموضوع تحرر وطني، أما العامل الثاني فهو الدور الواقع على المرأة داخل العائلة والذي أكدته الكثير من الشعارات الوطنية كشعار"المرأة حارسة دارنا ونارنا"، الذي ورد في وثيقة استقلال دولة فلسطين الصادرة في الجزائر بتاريخ 15 نوفمبر-تشرين ثاني 1988، هذه العوامل لعبت دوراً هاماً في تشكيل وإعادة صياغة المشاركة وشكلها وحجمها.

وعند مناقشتنا لموضوع المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية فإننا يجب ألا نغفل ما يُسمى بالأدوار الجندرية، وهي الأدوار والتوقعات التي يحددها المجتمع للرجال والنساء كلٍ حسب جنسه، وهي أدوار خاضعة للتغير الاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي، كما وتتأثر بالملكية، والدخل، والسيطرة على وسائل الإنتاج من قبل الجنسين، وامتلاك السلطة السياسية، وهذه العوامل جميعها تؤثر على فرص الحياة للرجال والنساء، وتجعل الرجال هم الفئة الاجتماعية المسيطرة والمهيمنة في المجتمع، كونهم يمتلكون القوة الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية أكثر من النساء، وهذا ما نسميه "الأبوية"أو "البطريركية" والتي تؤكد سلطة الرجل، وسيطرته في المجتمع والأسرة، ومجتمعنا الفلسطيني يسوده نظام الأبوية البطريركية، ومؤشرات ذلك الفوارق بين النساء والرجال، والتي تدل عليها مؤشرات نسبة الأمية، ونسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، والفروقات بالدخل، ونسبة التعليم…

وجدير بالذكر أن هناك مجموعة من العوامل التي تؤثر على حجم وشكل المشاركة السياسية للمرأة يرتبط بعضها بالنظام السياسي، ويرتبط البعض الآخر بمنظومة العادات والتقاليد، والدين، والوضع الاقتصادي، وهي عوامل مترابطة ومتداخلة. [1]

وعلى أي حال فإن مكانة المرأة الفلسطينية داخل الأسرة، وداخل المجتمع الفلسطيني تتعزز يوماً بعد يوم، ويرجع ذلك إلى غنى واتساع تجربة المرأة، ونضالاتها الطويلة على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.[2]

 

اهمية الدراسة Importance of the Research

تعتبر المشاركة في صياغة الشأن العام اسلوباً حضارياً للحد من الصراعات السياسية، وطريقة مثلى لاحداث عمليات تغيير جديدة وجوهرية في شكل النظام السياسي، والذي من شأنه تجاوز الماضي والتخلص منه. اصبحت عملية مشاركة المرأة في الحياة السياسية ضرورة لتحقيق اهداف النظام السياسي، بحيث لا يقتصر حق المشاركة على الرجال، وانما تشمل المشاركة النساء والرجال على حد سواء. ان توسيع قاعدة المشاركة لتشمل في نهاية الامر جميع شرائح المجتمع بما فيها النساء، يساعد على توسيع قاعدة الشرعية للمؤسسات التمثيلية والتنفيذية للنظام السياسي مما يعطيها قوة تمثيلية نابعة ومستندة الى الخيار الديموقراطي. لذا فان من اولى مقدمات مشاركات المرأة الاقرار بانها تتمتع بالمواطنة التامة بكل مظاهرها وبالمساواة التامة امام القانون بدون أي تمييز.

ان توسيع قاعدة المشاركة يعزز مبدا المواطنة، بشقيها الحقوق والواجبات، وبالتالي يعزز مبدا الانتماء والانحياز لمصلحة الوطن ككل ويعزز مكانة المرأة في المجتمع عن طريق احداث تغييرات جوهرية تشمل الهياكل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية عن طريق التنمية بمفهومها الشامل. ان الاعتراف من الناحية الشكلية بحاجة التنمية الى طاقات وجهود جميع فئات المجتمع بما فيها المرأة والسعي الدائم لاتاحة المجال امامها لجهة التعليم والعمل وغير ذلك لا يكفي. كما يجب الاقرا بأن التنمية بمفهومها الشامل لا يمكن ان تتحقق دون مساهمة المرأة في بلد يعتمد اساساً على موارده البشرية من اجل مساهمة كاملة في الجهود التنموية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً. من هنا فإن المشاركة السياسية هي شأن عام لا يمكن للفرد ان يكون مؤثراً او مشاركاً او فاعلاً فيه ما لم يعترف بدوره في الحياة العامة وبحقه في ممارسة هذا الدور دون قيود ذات طابع تمييزي.

يندرج موضوع البحث تحت الدراسات المختصة بدراسة حجم المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية في المجالات المختلفة منذ انتخابات عام 1996 وحتى عام 2004م، وتكمن أهمية البحث في كونه يتعلق بالمشاركة السياسية والتي هي من روح الديمقراطية، وتعبر عن نمو المجتمع الذي توجد به، فما بالنا لو كان الموضوع يتعلق بالمرأة والتي وبرغم دورها الحيوي في جميع مجالات الحياة لا زالت تعاني من بعض التهميش، واستبعادها من اللعب، ومحاولة اختزال أدوارها، والتقليل من أهميتها، وتكريس النظرة الدونية لها... إذن فأهمية هذا البحث تكمن في حديثه عن جزء لا يتجزأ من المجتمع يشكل غالبية وقدرة، ولديه طاقات يمكن استغلالها، وتفجيرها، وجني ثمارها للوصول إلى مجتمع أفضل يضاهي المجتمعات المتقدمة، وما أكثر حاجة المجتمع الفلسطيني للتقدم، والنهوض، والازدهار، ومقارعة المجتمعات المحيطة.

 

اهداف البحث Aims of the Study

لكل بحث غاية أو هدف رئيسي، فالبحث يهدف إلى كشف الحقائق المحيطة بالظاهرة موضع البحث، وتأكيد أو نفي أو تدعيم حقيقة معينة، ومحاولة الوصول إلى الأسباب الظاهرة والباطنة، والعوامل التي أدت إلى وجود هذه الحقيقة... أما عن هذا البحث فقد جاء في إطارين: الإطار النظري_الإطار العملي، ويهدف إلى التعرف على مدى وحجم المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية، ونسبها وأعدادها الحقيقية على أرض الواقع، والعوامل والظروف المحيطة بهذه المشاركة وهذا هو الهدف الرئيسي، والذي سيتم تناوله من خلال مجموعة من الأهداف الفرعية مثل:

·        التعرف على ماهية المشاركة السياسية بشكل عام وصورها ومحدداتها.

·        محاولة الوقوف على مجموعة العوامل المحددة للمشاركة السياسية.

·        محاولة الوصول إلى إبراز دور وسائل الإعلام في تعزيز المشاركة السياسية للمرأة.

 

وكل الأهداف الفرعية السابقة تندرج تحت الإطار النظري للبحث.

أما في مجال الإطار العملي فهناك عدة أهداف فرعية تخدم الهدف الرئيسي ومنها:

·           محاولة الوقوف على حقائق نسبة المشاركة السياسية الفعلية للمرأة الفلسطينية.

·           التطرق لبعض المقابلات الشخصية مع نماذج نسائية حية موجودة على الساحة الفلسطينية.

محاولة الوصول إلى مقترح لتفعيل دور المرأة في المجتمع الفلسطيني (النتائج والتوصيات).

 

منهاجية البحث Methodology

تفرض طبيعة موضوع البحث على الباحث استخدام مجموعة من المناهج لتناول موضوع البحث وقد استخدمت عدة مناهج في هذا البحث، ومن هذه المناهج مايلي:

1.    المنهج التحليلي Analytical Approach    حيث سيتم التركيز على تحليل بعض الظواهر التي تعلق بموضوع البحث والخوض في اصول وجذور هذه الظواهر والتعمق في مسبباتها وتوابعها فأخذ الامور في ظاهرها لا يفيد خاصة في موضوعات العلوم الانسانية التي قد تكون غامضة ومعقدة بعض الشيء.

2.    المنهج الوصفي Descriptive Approach حيث سيتم تناول حجم وشكل المشاركة السياسية للمراة الفلسطينية ومن خلال التوصيف ستتضح المعالم وستظهر الصورة واضحة لتعطينا المعلومات الكافية والوافية عن الموضوع.

3.  المنهج الاستقرائي Inductive Method حيث تم تجزئة كل موضوع رئيسي إلى عدة موضوعات فرعية تساعد على فهم وإيضاح الموضوع الرئيسي، وكأننا نأخذ الأدلة والبراهين الجزئية للوصول إلى الحكم النهائي.

4.  المنهج التاريخي التحليلي:  Historical Analytical Approach ووقد تم توظيفه من خلال التتبع والتحليل التاريخي لموضوع المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية في الفترة المذكورة(1996-2004م). وكذلك إعطاء خلفية تاريخية عن موضوع المشاركة السياسية للمراة في فلسطين.

5.    المنهج الميداني Field Study Approach وهنا سوف يتم الاتي:

·        اختيار العينة: وهنا العينة مجموعة من النساء الممثلات لموضوع الدراسة تتراوح اعمارهن من سن20 سنة وحتى سن 55 سنة.

·        سوف يتم في هذه الدراسة جمع البيانات عن طريق استمارة الاستبيان وتشمل هذه الاستمارة على مجموعة من الاسئلة وبعد ذلك يتم تحليل الاجابات بالاضافة الى جمع البيانات من المراجع والمؤسسات ومصادر موثوق بها.

 

نطاق البحث   Scope of the Study

سيتم التركيز في هذا البحث على الفترة ما بين 1996-2004 أي منذ اول انتخابات مجلس تشريعي خاضها الشعب الفلسطيني عام 1996. يغطي التحليل خلفية تاريخية عن موضوع المشاركة السياسية للمرأة في فلسطين منذ الانتداب البريطاني وحتى الآن.

فالنطاق التاريخي يغطي فترة طويلية نسبيا مع التركيز على الفترة التي واكبت إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994 وبالأخص إجراء اول عملية انتخابات للمجلس االتشريعي الفلسطيني في يناير-كانون ثاني 1996.

كما يشمل النطاق الموضوعي فيتمحور حول موضوعة المشاركة السياسية وعملية التحول الديموقراطي والسياسي والاجتماعي في الساحة الفلسطينية. كما يشمل نطاق البحث التغير في الأدوار "الجندرية" وبروز دور المرأة في العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي وجميع مجالات الحياة.

 

إشكالية البحث Statement of the Problem of the Study

نسعى من خلال هذا البحث إلى تناول إشكالية رئيسية وهي مدى وحجم المشاركة الفعلية للمرأة الفلسطينية على الساحة السياسية، وهل هي كافية في ظل المرحلة الحالية وفي ظل الظروف التي نعيشها؟؟ وما هي العوامل المؤثرة عليها ؟؟ وبالطبع فانه ينتج لدينا مجموعة من الإشكاليات الفرعية التي تؤدي مناقشتها وتناولها إلى حل الإشكالية الرئيسية.

 

كما تطرح الدراسة التساؤل الآتي: هل تشارك المرأة الفلسطينية بفعالية في العمل السياسي؟ وينبثق من هذا التساؤل عدة تساؤلات فرعية هي:

1.    ماهي مفهوم المشاركة وماهي أشكالها وانماطها وصورها

2.    ماهي العوامل التي تؤثر في المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية.

3.    مامدى مشاركة المرأة الفلسطينية في التشريع وسن القوانين.

4.    هل فعلاً تشارك المرأة الفلسطينية في الانتخابات وماهو مدى فعالية المشاركة.

5.    كيف تشارك المرأة الفلسطينية في الاحزاب السياسية.

6.    ماهي فعالية مشاركة المرأة الفلسطينية

7.    ماهي محددات مشاركة المرأة في الحياة السياسية

8.    ماهي خطة السلطة الوطنية الفلسطينية (وزارة شئون المرأة) لتعزيز دور المرأة اللسطينية في الحياة السياسية.

9.    كيف يمكن تعزيز عملية التحول الديموقراطي والتغير في الأدوار اتلجندرية في ضوء التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها الساحة الفلسطينية.

 

فرضيات البحث Hypotheses of the Study

هناك افتراض أساسي يقوم عليه التحليل في هذا البحث وهو أن المرأة الفلسطينية تشارك في العمل السياسي وينبثق من هذا الافتراض عدة افتراضات فرعية وهي:

1.    هناك علاقة بين مدى فعالية مشاركة المرأة وسن القوانين.

2.    هناك علاقة فعلية بين مشاركة المرأة وبين والانتخابات.

3.    هناك علاقة تفاعلية ما بين مشاركة المرأة الفلسطينية والاحزاب السياسية.

4.    أن هناك علاقة تفاعلية بين مدى المشاركة السياسية للمرأة والظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها القضية الفلسطينية.

5.    أن نسبة مشاركة المرأة الفلسطينية في الحياة السياسية أقل بكثير من حجم نسبتها العددية في عدد السكان.

 

تقسيم البحث: Strcture of the Research

ينقسم هذا البحث إلى أحد عشر مبحثا بالإضافة إلى مقدمة وخاتمة

المبحث الأول: المبحث الأول: مبحث تمهيدي ومناجية البحث

المبحث الثاني: استعراض لبعض الدراسات والأبحاث السابقة حول موضوع المشاركة السياسية للمرأة.

المبحث الثالث: مدخل حول ماهية مفهوم المشاركة السياسية

المبحث الرابع: محددات المشاركة السياسية للمرأة: العوامل المحددة للمشاركة وصورها وآثارها.

المبحث الخامس: الإسلام والمشاركة السياسية للمرأة: وجهة نظر بعض العلماء

المبحث السادس: المرأة العربية والمشاركة السياسية: عومل ضعف المشاركة السياسية للمرأة العربية وآليات تفعيلها.

المبحث السابع: المشاركة السياسية للمراة الفلسطينية وعملية التحول الديموقراطي في فلسطين.

المبحث الثامن: التطور التاريخي للمشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية.

المبحث التاسع: استطلاع للرأي حول مدى مشاركة المرأة الفلسطينية في العمل السياسي: دراسة تطبيقية.

المبحث العاشر: الحركة النسوية الفلسطينية والمشاركة السياسية من خلال الانتخابات الفلسطينية 1996-2005.

المبحث الحادي عشر: خطة عمل وزارة شؤون المرأة والمزيد من مؤشرات المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية 2005-2007.

النتائج، الاستناجات، التوصيات، الخاتمة.

مراجع البحث.


المبحث الثاني

 استعراض لبعض الدراسات والأبحاث والأدبيات السابقة حول موضوع المشاركة السياسية للمرأة

Previous Studies and Literature Review of the Woman Political Participation Issue

1.    دراسة لزياد عثمان بعنوان "قراءة نقدية في مشاركة المرأة الفلسطينية" و قد اسفرت عن النتائج التالية:-

·        تعتير المشاركة السياسية للمرأة حديثة العهد على المستوى الفلسطيني, بسبب الظروف الاستثنائية للشعب الفلسطيني وغياب الكيانية الوطنية. ووجود الكيانية المعنوية (منظمة التحرير) لم يتسنى لها الا ان تشكل حلا بحدوده الدنيا, بسبب وجودها خارج اقليمها, اضافة الى ان المشاركة كمفهوم ديمقراطي تنافسي استعيض عنه في المنظمة بنظام الكوتا الفصائلية, مما عطل أي حراك ديمقراطي فاعل, حيث كانت سياسة التعيين للرجال والنساء هي السائدة.

·        مشاركة المرأة الفلسطينية في الحياة العامة والسياسية كانت نشطة وفعالة, حيث خرجت المرأة الفلسطينية من البيت الى المشاركة في النشاط الاجتماعي والاغاثي والوطني, وهذه المشاركة كانت باستمرار ملموسة وفاعلة رغم المعيقات الاجتماعية والثقافية السائدة, وكذلك المعيقات المترتبة على الظروف العامة وسياسات الاحتلال القهرية.

·        ضمن خصوصية الواقع الفلسطيني, فان المرأة الفلسطينية أضحت تعيش وضعية مركبة بسبب الاحتلال، وهي تعاني بشكل مضاعف, فاضافة الى الاضطهاد الطبقي والاجتماعي الذي تعانيه النساء في العالم, فإن المرأة الفلسطينية تعاني من نوع ثالث من الاضطهاد هو الاضطهاد القومي, الأمر الذي يتطلب باستمرار الربط المحكم بين التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي في برامج القوى والاحزاب وفي برامج الحركات النسوية على حد سواء. والربط هنا لا يعني انتهاك أحدها للاخر بل التطبيق المتوازن لها بمفهوم تكاملي.

·        المرأة الفلسطينية انخرطت في النضال الوطني وشاركت في الحياة العامة بشكل مبكر, وتصاعدت مشاركتها بتصاعد حركة الشعب الفلسطيني ونضاله, لكن مشاركتها في صناعة القرار ورسم السياسات بقيت دون المطلوب قياسا بدورها الميداني, وهذه الحالة هي سمة عامة تشمل بنى المجتمع ومؤسساته المدنية, مما يدلل أن تمييزا واقعيا لا زال يمارس ضد المرأة, فمتوسط تمثيل المرأة في الهيئات القيادية للأحزاب لا يتجاوز (10-12%) بالمجمل, والنساء يشكلن (5%) من القادة السياسين رقم التاريخ الطويل للمرأة في العمل السياسي والنقابات لا تتجاوز نسبة النساء (7.5%) والجمعيات الخيرية (23%) وهي جمعيات غالبا ما تؤسسها نساء وتعمل بها نساء, والمؤسسات الأهلية رغم الاهتمام النظري الذي تبديه في قضايا المرأة ومشاركتها لم تتمثل فيها أي امرأة لرئاسة هذه المنظمات في المؤتمرات الدولية. هذا الواقع يملي على هذه المؤسسات والاحزاب اعادة النظر بشكل جدي في وضعيتها لجهة اعطاء المزيد من الاهتمام في زيادة نسبة مشاركة المرأة وازالة أية عوائق تمييزية تحول دون تمثيلها بالوجه الأمثل, وبداهة أن الاشتراط الرئيسي لتحقيق هذا التوجه, هو الديمقراطية الداخلية واعادة بناء المؤسسات والمنظمات والاحزاب على اساس المعايير الديمقراطية, وتكريس المنهج الديمقراطي كنظام عام لها.

·        على المستوى الرسمي فان مشاركة المرأة في القطاع الحكومي لم تتجاوز نسبة(13%) من مجموع العاملين و(3%) من كبار الموظفين, وفي مجلس الوزراء تراجع التمثيل من وزيرتين الى وزيرة واحدة, وهي ضمن الأدوار التقليدية للمرأة (الشؤون الاجتماعية) مما يتطلب جهدا حكوميا مضاعفا لتعزيز مشاركة المرأة, من خلال برامج مدروسة وعلى أساس خطة عامة تلتزم بنسبة توظيف للنساء لا تقل عن (30%) في مختلف المواقع والوظائف، ولتبرير أية مخاوف من أن تحديدات من هذا القبيل قد تعني تجاوز الكفاءة, فقط يكفي الاشارة الى ان نسبة البطالة بين النساء المتعلمات (13) سنة فأكثر تصل الى (54%) وهذه النسبة العالية سببها غياب خطة وطنية لاستيعاب الطاقات والكفاءات النسوية عالية التأهيل سواء على مستوى القطاع الحكومي أم على مستوى القطاع الخاص والأهلي.

·        الثقافة السياسية سواء في المركب السياسي الرسمي أم الحزبي في غالبيتها تميل نحو التقليدية والذكورية والفكر المحافظ في القضايا التي تخص المرأة, وهذه الثقافة تبقى نظرتها الاجتماعية العامة نظرة ملتبسة, وخطابها الاجتماعي يتسم بالمحافظة قياسا بالخطاب السياسي, وهذا الخليط غير المنسجم يولد ثقافة شعبوية تحمل مضامين متناقضة وغير متسقة داخليا في أهدافها ومنظورها العام, وهي بالمجمل لا تخدم ثقافة المشاركة وتلحق ضررا بالمشروع الديمقراطي التقدمي الذي يجب أن يعبر بانسجام عن اراؤه ومواقفه بلا استنساخ من الماضي بقالب حديث.

·        العلاقة بين الأطر النسوية والأحزاب السياسية شابها الكثير من أوجه الخلل ماضيا وحاضرا, ولا تزال العلاقة تتراوح بين الاستقلالية الشكلية للأطر النسوية والاحتواء الكلي من خلال هيمنة الحزبيات على سلطة القرار في هذه الأطر. وهذا الواقع أفرز حالة من الضعف العام لدى الأطر النسوية وافقدها وزنها بين جمهور النساء, لذا فاعادة بناء العلاقة على اسس سليمة مسألة في غاية الأهمية, وهذا يتطلب رفع وصاية الأحزاب عن هذه الأطر, والتعامل معها باعتبارها مؤسسات اجتماعية ديمقراطية برنامجية واضحة ومحددة المعالم, يمكن لهذه الأطر من استعادة بناء ذاتها من جديد وتوسيع القاعدة النسوية, وهذا بالمحصلة سيعود بالنفع بحسابات الربح والخسارة على الحزب الأم.

·        البنية القانونية التي وفرتها القوانين الفلسطينية خصوصا وثيقة الاستقلال والنظام الاساسي, بيئة منصفة ومساندة لحقوق المرأة ومساواتها ولكن ثمة فارق بين النظرية والتطبيق, حيث لا زال التمييز قائما في الواقع, مما يتطلب مراقبة التقيد بهذه القوانين وتشديد المطالبة النسوية للالتزام بروحية هذه التشريعات.

 

2. دراسة لدنيا الأمل اسماعيل بعنوان "المرأة الفلسطينية والمشاركة السياسية" وقد أسفرت عن النتائج التالية:-

·        المرأة الفلسطينية جزء من كل, لا يمكن فصلها عن المجتمع الذي تتحرك فيه, وعليه فان أية تأثيرات يتعرض لها المجتمع انما تقع عليها أيضا, بل ربما وبصورة مضاعفة, لذلك فان أي تحديث وتفعيل لدور المرأة الفلسطينية, يتطلب بالضرورة تحديثا وتفعيلا لمجتمعها, الذي يمثل بيئة عملها الحقيقية.

·        شكلت الانتفاضة رافعة قوية لاعادة تفكير النساء في الدور المناط بهن في المجتمع, من خلال تحسين النظرة المجتمعية لهن, عبر نشاطات وفعاليات فرضتها ظروف هذه المرحلة, غير أن هذا لم يدفع المؤسسات النسوية الى تحديد استراتيجية عمل واحد تحترم الاختلافات (الصغيرة), وتضمن اتفاقا عاما حول القضايا ذات الأولوية.

·        شكلت الانتخابات الفلسطينية الأولى أول صورة حقيقية واضحة, حول مشاركة المرأة السياسية بعد دخول السلطة الوطنية, اذ يعد فوز خمس نساء بعضوية المجلس التشريعي مكسبا لا باس به أمام المعيقات الاجتماعية والسياسية التي تحول دون تمثيل أكبر للنساء.

·        لم يزل حتى الان, النقاش محتدما حول شرعية الكوتا النسائية, هل يجري العمل بها أم أنها لم تعد تتوافق مع مستجدات المرحلة, التي لا تحتفي بمحددات العمل القديمة, كالاعتماد على التاريخ النضالي, والانتماء الحزبي, وعليه يجب تحديد الموقف منها, من أجل تحديد وسائل تمكين وتمثيل, تتعلق بها أو تنفصل عنها.

·        على الرغم من تبني الأحزاب والفصائل أفكارا تقدمية, حول وضعية المرأة الفلسطينية الا أن وضع النساء في الاحزاب يشير الى الفارق الكبير بين الشعار والتطبيق.

·        يلاحظ وجود غياب شبه كامل للمرأة في الوظائف العامة ذات الصلة المباشرة بتشكيل السياسات العامة, وخلق رأي عام له دوره الفاعل في عملية صنع القرار.

·        إن المفاهيم و الأعراف المتداولة وأحيانا عدم وعي المرأة بحقوقها, وادراكها لامكاناتها وقوة تأثيرها, ومن ثم ادراكها لاهمية دورها في المجتمع, مع غياب المؤسسات الديمقراطية, جميعها تشكل عقبة أمام وصول المرأة الى مناصب قيادية عليا في المجالات التشريعية والقضائية وغيرها.

وملخص دراسة دنيا الأمل إسماعيل هو  كما يلي:[3]

تعد المشاركة السياسية واحدة من أهم مؤشرات ودلالات التنمية في أي مجتمع، إذ لا يمكن الحديث عن التنمية بمفهومها الشامل دون التطرق لموضوعة المشاركة السياسية، في الوقت الذي لا يمكن فيه الحديث عن التنمية دون التعرض لدور المرأة في هذه التنمية، وسعيها من أجل التأثير في خطط ومشروعات التنمية من خلال قنوات المشاركة السياسية، وعليه فإن درجة مشاركة المرأة وفاعليتها تنعكس إيجاباً في السياسات التنموية، مع ضرورة التأكيد على أن أية محاولة لفهم ودراسة التغير الاجتماعي لا يمكن عزلها عن دور المرأة .. باعتبارها تمثل أكثر من نصف المجتمع.
وفي مجتمعنا الفلسطيني حيث يتسم بالمحافظة، واحتفاء أقل بإمكانات النساء في ظل هيمنة ذكورية، تستأثر بالنصيب الأكبر من فعاليات الحياة المختلفة، يتوقع من النساء أن تبذل جهوداً مضاعفة من أجل إدماجها في عملية صنع القرار، وفي هذا المجال يجب التذكير بأن التغيرات السياسية التي مرت على مجتمعنا الفلسطيني أتاحت للنساء – في ظل ظروف كثيرة – فرصة تاريخية من أجل تطوير أوضاعهن إيجاباً، من خلال الانخراط في العمل النضالي والجماهيري. ففي فترة الانتفاضة على سبيل المثال استطاعت النساء الفلسطينيات فرض أنفسهن بقوة على الوعي الجماعي الفلسطيني، الشعبي والرسمي، لتقود بعد سنوات قليلة الكثير من المنظمات الأهلية والخيرية التي ساهمت بشكل أو بآخر في تأسيس مجتمع مدني في ظل غياب الدولة.

هذه الورقة تحاول أن تبحث في فاعلية المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية ومدى قدرتها على التغيير المجتمعي من خلال هذه المشاركة مع التأني أمام الأسباب التي تحول دون تحقيقها ذلك، وتنقسم الورقة إلى:
1- المؤشرات الأولى للمشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية ( مدخل تاريخي ).
2- أشكال ممارسة المرأة لحقوقها السياسية.
3- أسباب عزوف المرأة الفلسطينية عن المشاركة السياسية، وتنقسم إلى:
أ‌- أسباب تعود إلى المجتمع.
ب‌- أسباب تعود إلى المرأة نفسها.
ت‌- أسباب تتعلق بمفهوم المشاركة.
4- مستقبل المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية.
5- النتائج والاستخلاصات.
6- التوصيات.

أولاً: المؤشرات الأولى للمشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية ( مدخل تاريخي ):-
منذ بداية هذا القرن الذي أوشك على الانتهاء والمرأة الفلسطينية تشارك في معركة الاستقلال الاجتماعي والسياسي عبر تشكيلات مختلفة، بدأتها بالجمعيات الخيرية التي شكلت النواة الأولى لانطلاقة المرأة الفلسطينية نحو الاندماج في قضايا مجتمعها الحياتية.. لتتبلور فيما بعد ونتيجة للظروف السياسية التي مرت بها فلسطين إلى بؤر سياسية، عبرت عن نفسها في شكل اعتصامات ومظاهرات وعرائض احتجاج، وتذكر المصادر في هذا السياق أن أول نشاط سياسي نسائي ملحوظ كان في العفولة عام 1893، حيث خرجت النساء الفلسطينيات في مظاهرة احتجاجاً على إنشاء أول مستوطنة يهودية في ذلك الوقت، وفي معركة البراق عام 1929، التي شكلت نقطة تحول مهمة في حياة المرأة الفلسطينية، إذ وقعت تسع نساء قتلى برصاص الجيش البريطاني، مما دعاها إلى تصعيد نضالها لتغيير الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي أحاطت بها خاصة بعد أن وجدت نفسها أمام المسؤولية الملقاة على عاتقها بعد عمليات الإعدام والاعتقال والمطاردة والسجن وهدم البيوت، التي قامت بها سلطات الانتداب البريطاني، فنظمت جهودها وجندت كل الإمكانات المتوفرة لديها لمواجهة الظروف المستجدة، فعقدت أول مؤتمر نسائي فلسطيني، في مدينة القدس عام 1929، وانبثقت عنه اللجنة التنفيذية لجمعية السيدات العربيات، ثم أنشئ في العام نفسه الاتحاد النسائي العربي في القدس وآخر في نابلس، حيث قاما إضافة إلى اللجنة التنفيذية لجمعية السيدات العربيات بأدوار متعددة اقتصادياً، اجتماعياً، ثقافياً ووطنياً، متمثلة في المظاهرات، وتقديم الاحتجاجات إلى المندوب السامي البريطاني، وإرسال الرسائل إلى الملوك والحكام العرب.

خلال الفترة من 48 وحتى 1967، نشطت المؤسسات النسائية الخيرية كدور الأيتام ومراكز المسنين وغيرها في إغاثة الأسر المنكوبة، واعداد المرأة وتأهيلها مهنياً، لتتوج نضالات المرأة في هذه الفترة بتأسيس الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية عام 1965 ليكون تنظيماً شعبياً نسائياً يضطلع بدوره الاجتماعي والسياسي بين صفوف النساء في المناطق المحتلة وهذا يدلنا على أن الوعي السياسي النسائي نشأ في أحضان حركة النضال الفلسطيني، ونما من خلال مؤسسات مجتمعية أصلاً.

فيما وفر إنشاء م. ت. ف عام 1964، بديلاً سياسياً شكل مرجعية للحركة الوطنية الفلسطينية التي نمت في أحضانها الحركة النسوية مما جعلها تتقابل مع استراتيجية م. ت. ف الهادفة إلى تسيس الجماهير وزجها في النضال الوطني.

ويبرز هذا التوجه السياسي للمنظمات النسوية الفلسطينية يوماً بعد آخر وتتصاعد الحركة القومية النضالية.. لتنشأ أول حركة نسائية في الريف عام 1978، وبحلول عام 1982 كان هناك أربع تنظيمات نسائية تتبع الأحزاب السياسية الفلسطينية الأربعة. وقد اقتصر نشاط هذه المؤسسات ( التنظيمات ) فقط على تقديم الخدمات الاجتماعية غير أن تلك التجمعات النسائية التي خلقتها الحاجة إلى تقديم الخدمة الاجتماعية لفتت أنظار الأحزاب السياسية التي استخدمتها في حشد النساء للعمل السياسي وهكذا تدريجياً حملت المنظمات النسوية ملامح الأحزاب الني تولدت منها، حتى غلب عليها العمل السياسي.. دون الالتفات إلى أهمية إبراز قضيتها المجتمعية، ناهيك عن أن تلك الأحزاب لم تعط الحركة النسوية الفلسطينية حقها من الظهور وحمل قضاياها الذاتية مما انعكس سلباً على الحركة النسوية فشتت قدراتها ونقلت فئويتها إلى داخلها.. وهذا أدى في النهاية إلى غياب الأجندة النسوية التي تحمل هموم الحركة النسوية الفلسطينية.

مع دخول الانتفاضة عادت الحركة النسوية إلى طابعها الخدماتي في ظل غياب الدولة لتسد العجز الذي فرضته الظروف السياسية في تلك المرحلة – نتيجة ازدياد الحاجة إلى الخدمات – وتم إزاحة العمل السياسي ليتوارى قليلاً خلف العمل الاجتماعي، فيما صعدت أعمال الإغاثة وخدمات رعاية الأطفال، وتعليم النساء المهارات التقليدية جنباً إلى جنب مع مقاومة الاحتلال من قبل المنظمات النسوية التابعة للفصائل السياسية، حتى أنه لا يمكن تفرقة نشاطها عن أية جمعية خيرية سوى تبعيتها وتركيزها على فكرة الحشد السياسي للنساء. وقد شكل هذا فيما بعد دعماً للأحزاب ووسيطاً مهماً بين الفصيل والجماهير العريضة فقد عملت النساء على توثيق العلاقة بين التنظيمات والجماهير من خلال النشاطات المجتمعية التي كانت تقوم بها.

وتشير الإحصاءات هنا إلى أن 7% من الشهداء الذين سقطوا خلال الفترة من 87 – 1997، كانوا من النساء، فيما شكلت النساء 9% فقط من الجرحى المبلّغ عنهم خلال الفترة نفسها، وفي عام 1996 زاد عدد الأسيرات الفلسطينيات اللواتي بقين رهن الاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي عن أربعين امرأة.

غير أنه في تلك الفترة اتسم عمل تلك المنظمات بعدم وجود استراتيجية عمل واحدة تجمع بينها حتى جاء العام 1990 أي بعد ثلاث سنوات من بدء الانتفاضة ليعقد مركز بيسان في القدس مؤتمراً بعنوان ( الانتفاضة وبعض القضايا الاجتماعية للمرأة ) شاركت فيه نساء من مختلف التوجهات السياسية حاولن فيه تقييم المنجزات التي حققتها النساء خلال المراحل السابقة ووضع تصور لمستقبل الحركة النسوية، وقد مثل هذا المؤتمر فاصلاً – في مسيرة الحركة النسوية الفلسطينية لأنه جاء مترافقاً مع بدء مفاوضات مدريد والتوجه نحو عملية السلام التي على إثرها عقد اتفاق غزة أريحا ودخلت السلطة الوطنية الفلسطينية إلى البلاد، وعليه فقد بدأت مرحلة جديدة ليس في حياة النساء فقط بل في حياة الشعب الفلسطيني بأسره، إذ مع دخول السلطة وما صحب ذلك من تغيرات سياسية ومجتمعية، تزايد الاهتمام بترسيخ أسس مجتمع مدني، يضمن مشاركة كل من المرأة والرجل في عملية البناء، وكانت الآمال معقودة على توسيع قاعدة مشاركة المرأة من خلال توفير أجواء ديمقراطية تتيح لها طرح نفسها من منطلق معيار الكفاءة وأولوية التعبير عن احتياجاتها ومشكلاتها، غير أن هذه الصورة المشرقة، المتخيلة، تراوحت بين الصعود والهبوط، إذ لم يبرز لدى السلطة الوطنية أي توجه رسمي من أجل إدماج النساء في عملية التنمية والبناء، سوى إلحاق عدد غير قليل من قيادات العمل النسوي الأهلي في إطار العمل الحكومي، وهذا ترك أثره على المنظمات الأهلية التي استوعبت جل النساء الفلسطينيات خلال فترة الاحتلال، وقبل دخول السلطة الوطنية الفلسطينية، من ناحيتين:

أ‌- الخسارة الفادحة التي لحقت بهذه المؤسسات من جراء فقدها لخبرات وكفاءات نسوية (عامل سلبي).

ب‌- دأبت هذه المؤسسات على خلق وإفراز قيادات بديلة بتوجهات ورؤى مختلفة (عامل إيجابي ).

في الوقت الذي سعت فيه المؤسسات النسوية إلى الحصول على استقلال نسبي عن التنظيمات التي نمت في كنفها رافقه وعي نسوي نتيجة الخبرات السابقة خاصة بعد الانقسام الذي شهدته تلك التنظيمات إزاء العملية السلمية وعدم بلورة رؤية عمل واضحة لها تستند على المتغيرات التي جرت، ناهيك عن الهيمنة التي كان يفرضها الحزب على برامج وعمل تلك المؤسسات مما دعاها إلى النضال ضد هذه الهيمنة وتخفيفها إلى الحد الأدنى مع بلورة أهداف وبرامج جديدة بعد قناعة وصلت إليها الناشطات من النساء بأن الأساس التنظيمي القديم الذي قامت عليه المؤسسات النسوية لم يعد صالحاً في ظل المتغيرات الجديدة.

ثانياً: أشكال ممارسة المرأة لحقوقها السياسية
1 - الانتخابات
تعد مشاركة المرأة الفلسطينية في الانتخابات التشريعية التي جرت في 20/1/1996 أحدث أشكال مشاركتها السياسية، كما يمكن النظر إلى هذه المشاركة كمقياس للنشاط السياسي والاجتماعي للمرأة الفلسطينية خلال الفترة السابقة، وقد جاءت هذه المشاركة بشيء من الحماسة التي عبرت عن نفسها في شعارات رفعتها المؤسسات والأطر التي أيدت عملية إجراء الانتخابات، وكان أبرزها ذلك الشعار الذي رفعه – طاقم شؤون المرأة – وتمثل في ( بالمشاركة تصنعين الحدث) ليؤكد ويدلل على الحاجة المفقودة إلى مشاركة النساء في صنع القرار السياسي.

هذا وقد بلغ عدد المسجلات في القوائم الانتخابية 495839 إناث، مقابل 517396 ذكور من أصل 1013235، أي بنسبة 49% للنساء مقابل 51% للرجال حتى 27/12/1995 ، فيما بلغ عدد المرشحات للمجلس التشريعي 25 امرأة من أصل 672 مرشحاً أي بنسبة 3.7% : 16 مستقلة، 4 فتح، 2 فدا،2 حزب الشعب الفلسطيني، 1 جبهة تحرير عربية، نجح منهن 5 نساء وهن التالية أسمائهن:
أ‌- حنان عشراوي مستقلة من القدس وحصلت على عدد أصوات بلغ 17944.
ب‌- دلال سلامة من حركة فتح / نابلس وحصلت على عدد أصوات 20749.
ت‌- جميلة صيدم من حركة فتح / دير البلح وحصلت على عدد أصوات 8511.
ث‌- انتصار الوزير من حركة فتح / غزة، وحصلت على عدد أصوات 40875.
ج‌- راوية الشوا مستقلة / غزة، وحصلت على عدد أصوات 18295.
وكانت السيدة سميحة خليل القبج أول سيدة فلسطينية وعربية ترشح نفسها لمنصب الرئاسة ( لم تنجح ) .
ويعد فوز خمس نساء في أول انتخابات فلسطينية إنجازاً كبيراً للحركة النسوية الفلسطينية رغم ضعف نسبته وعدم موازاته لحجم التضحيات التي قدمتها النساء الفلسطينيات، إذ جاء دليلاً على الوعي النسوي المتنامي بأهمية وجودهن في مراكز صنع القرار ومن ثم بلورة أهداف ورؤى واضحة وجديدة متوافقة مع المتغيرات الجديدة للحركة النسوية، ويمكن إسناد أسباب ضعف التمثيل النسوي في هذه الانتخابات إلى طبيعة النظام الانتخابي، سيادة التوجهات الذكورية للمجتمع الفلسطيني، التمييز ضد المرأة، سطوة العادات والتقاليد.

ونلاحظ هنا غياب كل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية، وبالتالي غياب التمثيل النسائي، وقد انعكس هذا الغياب لليسار الفلسطيني على مشاركة النساء في الانتخابات، حيث كان من المتوقع منها أن تساند وتدعم وجود النساء، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة فرص فوز النساء في الانتخابات، فيما يرى البعض أن غياب الاتجاهات الإسلامية عزز من هذه الفرص على أساس أن هذه الاتجاهات تقصي النساء لأسباب دينية ، ويذكر هنا أن فدا استأثرت بأكبر نسبة من النساء بين مرشحيها إذ بلغت 18% مقارنة ب 12.5% من مرشحي جبهة التحرير العربية، و6.7% من مرشحي حزب الشعب، و5.2% من حركة فتح، فيما بلغت نسبة المستقلات 64% مقابل 75% للذكور .

2 - مشاركة المرأة الفلسطينية في المؤسسات السياسية ( رسمية، وغير رسمية )
أ - المؤسسات السياسية الرسمية والمشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية
أ(1)- مشاركة المرأة في مؤسسات م. ت. ف
رغم الإشكالية التي تعيشها م. ت. ف، خاصة بعد إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، وعودة معظم المؤسسات الفلسطينية، وعدد كبير من قيادي الشعب الفلسطيني إلى الوطن، ومحاولات البعض تذويب مؤسسات منظمة التحرير في مؤسسات السلطة، وصراع "الكوتا" بين التيار الوطني والتيار الإسلامي حول توزيع المناصب والحصص في ممؤسسات منظمة التحرير،   إلا أنه لا يمكن استبعاد الحديث عن وضعية المرأة الفلسطينية في هذه المؤسسة حيث يمكن من خلالها تفسير كثير من السلوكيات المتبعة تجاه المرأة الفلسطينية حالياً.. إذ لا يمكن فصل الواقع  الراهن عن الماضي.. كما لا يمكن القفز عن مراحل أثرت في تشكيل هذا الواقع بسلبياته وإيجابياته، وعليه فإننا نؤكد هنا على أن وضعية المرأة الحالية بما فيها من اخفاقات ليست ابنة هذا الواقع، رغم أهميته الكبرى في إضافة ملامح أخرى أكثر تعقيداً وتشابكاً، فقد اتبعت م. ت. ف في مؤسساتها السياسة نفسها التي اتبعتها الأحزاب المنضوية تحت لوائها، إذ تدنت نسبة النساء في مناصبها العليا القريبة من صنع القرار، فيما ارتفعت مشاركتها في المراكز الأقل أهمية، فمثلاً بلغت نسبة النساء في المجلس الوطني الفلسطيني 7.5% من أصل 744 عضو عام 1996، فيما استأثرت اللجنة التنفيذية التي تعد الأهم في اتخاذ القرار في م. ت. ف ب 16 عضواً من الرجال.

أ (2) – المرأة الفلسطينية تتبوأ منصب وزيرة
حتى عام 1997، كانت هناك وزيرتان فقط من 25 وزيراً، أي بنسبة 7%، هما السيدة انتصار الوزير (وزيرة الشؤون الاجتماعية)، والدكتورة حنان عشراوي ( وزيرة التعليم العالي سابقاً )، وهما وزارتان ارتبطتا تقليدياً بالمرأة، ثم خرجت الدكتورة عشراوي لتبقى سيدة واحدة في موقع وزير، وعلى الجانب الآخر نرى أن كل نواب الوزارات هم من الرجال.  وفي عام 2004 تم إحداث تعديلات وزارية حيث تم تعيين زهيرة كمال وزيرة لشئون المرأة، ودخلت عام 2005 هند خوري بدرجة زيرة دولة.

أ (3) - المرأة والحكم المحلي: المشاركة في المجالس والهيئات المحلية (البلديات)
إذا كان ثمة اعتبار لأهمية انتخاب ثم تمثيل النساء في المجلس التشريعي مستمداً من مشاركتها في تشكيل السياسات العامة والتشريعات فإن هذه الأهمية تتضاعف بالنسبة للمجالس المحلية التي ستتيح الفرصة لتطبيق تلك السياسات والتشريعات وتحويلها إلى واقع ملموس.
ومن هنا تبرز أهمية وجود النساء في مثل هذه المجالس، حيث تمكنهن من الاقتراب فعلياً من الجماهير وخلق حالة تواصل يومي وطبيعي معهم، مما سيكون له أكبر الأثر من ناحيتين:
الأولى: تقبل وجود النساء في الحياة العامة وخلق حوار مجتمعي قائم على مبدأ المشاركة من كلا الطرفين، يساعد في تشكيل نسيج مجتمعي يدمج النساء على أساس كفاءتهن وقدراتهن.
الثانية: تمكين هؤلاء النساء من فرض رؤيتهن النسوية للقضايا التي يتعرضن لها، وذلك من خلال القنوات الشرعية المتاحة.
ومن المعروف أن النظام العسكري الإسرائيلي كان قد منح في العام 1974 حق التصويت للمرأة الفلسطينية في انتخابات المجالس المحلية، بينما لم يمنحها حق خوض انتخابات هذه المجالس، ويجدر بالذكر أنه لم تجر أية انتخابات للمجالس البلدية في قطاع غزة، فيما آخر مرة جرت فيها هذه الانتخابات في الضفة الغربية كانت في عام 1976.
حالياً وفي ظل السلطة الوطنية الفلسطينية، توجد خمس عشرة سيدة من بين 3053 عضواً في مجالس الحكم المحلي أي بنسبة 0.5% فقط، وهي نسبة لا تذكر أمام سيطرة الرجال على هذه المجالس التي تستمد أهميتها من الدور المباشر الذي تلعبه في التعليم والصحة وبرامج الخدمات الاجتماعية، هذا وتعد السيدة سهير أحمد خان أول امرأة فلسطينية تشغل منصب رئيس مجلس قروي في خربة قيس بمحافظة سلفيت.

وفي المرحلة الأولى من الانتخابات للمجالس البلدية والهيئات المحلية التي جرت بتاريخ 23/12/2004 لعدد 26 بلدية ومجلس محلي في الضفة الفلسطينية و10 مجالس محلية في قطاع غزة تنافس 1200 مرشح من بينهم أكثر من 100 إمرأة على عدد 306 مقاعد وقد كانت مشاركة المرأة في الترشخ حوالي 8.3% وفي المقاعد التي حصلت عليها النساء فازت حواي 52 سيدة بمفاعد في المجالس المحلية.  

وخلال المرحلة الثانية لانتخابات المجالس المحلية والتي جرت ل 84 مجلس محلي وبلدي في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة خلال شهر مارس-آذار 2005 فازت أكثر من 150 سيدة بمقاعد للمجالس البلدية في الضفة ولاقطاع حيث شملت قوائم التيار الوطنية والتيار الإسلامي (حماس) أسماء لا تقل عن مرشحتين لكل مجلس محلي. وقد بلغ عدد المقاعد التي تم التنافس عليها حوالي 1092 مقعد وترشحت أكثر من 200 إمراة من بين حوالي 2300 مرشح وقد فازت حوالي 160 إمرأة لعضوية المجالس المحلية في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة. وقد برز خلال هذه الانتخابات الاستقطاب الشديد بين الفصائل والأحزاب السياسية الفلسطينية مما كانت له آثارا سلبية على حالة الوحدة الوطنية والتماسك داخل الشارع الفلسطيني.ويعتبر هذا مؤشر على خطورة الأوضاع  لاتي قد تقود إلى انقسام حاد داخل الساحة الفلسطينية ، وضرورة تنمية الروح الديموقراطية وتربية النشء تربية تقوم على تقبل الآخر وعدم "نفي الآخرين" فيجب تطبيق "نظرية الشرك" وليس "نعرة البديل" التي تزرعها بعض الفصائل والأحزاب في الساحة الفلسطينية.

أ (4) - المرأة والعمل الدبلوماسي: المرأة الفلسطينية سفيرة
توجد سفيرة واحدة فقط لفلسطين في الخارج وهي السيدة ليلى شهيد في فرنسا، وقد جاء تعيين السيدة شهيد في أغسطس/ آب 1993، تتويجاً لمناصب عدة مهمة شغلتها السيدة شهيد، حيث كانت أول طالبة ترأس الاتحاد العام لطلبة فلسطين – فرع فرنسا – في السبعينات، وفي عام 1989 تم تعيينها من قبل اللجنة التنفيذية ل م. ت. ف ممثلة لها في ايرلندا، ثم هولندا، ثم الدنمارك، لتنتهي أخيراً كمفوض عام فلسطين في فرنسا.

• هل يمكن اعتبار الكوتا النسوية مشاركة سياسية؟
دأبت الحركة الوطنية الفلسطينية منذ بداياتها فيما يتعلق بتمثيل النساء فيها على اعتماد مبدأ الكوتا لتحقيق مشاركة النساء في العمل الوطني النضالي والسياسي … ويرجع استخدام هذه الطريقة إلى الظروف الموضوعية التي عاشتها هذه الحركة، حيث اتسمت بالتشتت الجغرافي.. وعدم القدرة على التواصل اليومي والتراكمي.. وربما يمكن تبرير هذا سابقاً غير أن تغير الظروف السياسية التي لحقت بالحركة الوطنية، ثم قيام السلطة الوطنية الفلسطينية تدعونا للتفكير جدياً في جدوى الكوتا، ويلح علينا سؤال مشروع هنا، هل يمكن اعتماد "الكوتا"
Quota في المرحلة الحالية كتعبير حقيقي عن المشاركة ؟ وهل يمكن اعتمادها بشكل مطلق أم لفترة مؤقتة ؟ وما الأثر الذي يمكن أن تتركه سلباً أو إيجاباً على الحركة النسوية الفلسطينية ذات المتغيرات الجديدة.

بعض القيادات النسائية تؤيد فكرة الكوتا من منطلق أن التمييز ضد المرأة مازال موجوداً في المجتمع الفلسطيني حيث يستمد قوته من الأبعاد الدينية والثقافية ( عادات، تقاليد، … )، وعليه فقد رأين في الكوتا تمييزاً إيجابياً لصالح المرأة يمكنها من زيادة فرص تواجدها في المواقع المختلفة، وتقبل المجتمع تدريجياً لهذا التواجد / الوجود.
تقول أسمى خضر في مقالتها: ( انعكاسات قانون الانتخاب على مشاركة المرأة في العملية الديمقراطية ): " اتسمت مشاركة المرأة في الحياة السياسية بالضعف، سواء من خلال الأحزاب الموجودة أو في الدور الذي تلعبه في مجال صنع القرار وصياغة المجال المدني العام. فالمرأة أقلية بمختلف المعايير الإحصائية والموضوعية، ويمكننا القول أيضاً أن المرأة أقلية سياسية ويوجد فارق تاريخي بينها وبين الرجل مما يدفعنا إلى أن نميل إلى التمييز الإيجابي لصالحها" .

ب - المؤسسات السياسية غير الرسمية والمشاركة السياسية للمراة
ب (1) – المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية في الفصائل والأحزاب السياسية الفلسطينية
رغم مشاركة النساء المبكرة في الفصائل والأحزاب السياسية إلا أن ذلك لم يترك أثراً على تحسين مشاركتهن السياسية إذ بقيت هذه المشاركة ضعيفة بالمقارنة مع مشاركة الرجل، بالإضافة إلى استبعادها الكبير عن مراكز صنع القرار في هذه الأحزاب ومنها من كان يتبنى فكراً تنويرياً يدعم دمج النساء في الحياة السياسية والعامة، غير أن الفجوة ظلت واسعة بين التنظير والواقع الفعلي للنساء في الأحزاب التي ينتمين إليها، ونظراً لطغيان العامل السياسي على المراحل التاريخية للشعب الفلسطيني، مما أدى إلى تحديد الأهداف والاستراتيجيات وتركيزها حول قضايا التحرر، فيما تم إرجاء القضايا الأخرى لحين تحقيق الهدف السياسي، غير أن التجربة أثبتت ورغم تراجع المشروع الوطني وظهور أحزاب سياسية جديدة وربما أيضاً بديلة للأحزاب القديمة، أن موضوعة المرأة ليست مركزية بالنسبة للأحزاب وربما هذا يفسر جانباً مهماً من أسباب انحسار نشاط المرأة الفلسطينية في ظل المرحلة الحالية، خاصة في ظل غياب استراتيجية واضحة لدى تلك الأحزاب حول وضع المرأة الفلسطينية، وعدم تحديد رؤية واضحة لكل حزب على حدة وتحديد موقفه من المرأة وتحويل هذا الموقف إلى برامج وأجندات عمل على أرض الواقع.
وتشير البيانات إلى وجود علاقة عكسية بين نسبة النساء وبين مستوى السلطة، فعدد النساء يتناقص في المراكز العليا في الأحزاب ، فمثلاً تشكل النساء 5% من أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح مقابل 4% من الأعضاء في اللجنة الحركية العليا، وفي الجبهة الشعبية تمثل 10% من اللجنة المركزية العامة، وفي المكتب التنفيذي لفدا تمثل النساء 30%، فيما يبلغ تمثيلها 19% من اللجنة المركزية للحزب نفسه، وهي أعلى نسبة لمشاركة النساء في الأحزاب، رغم أن فدا يعد حزباً صغيراً مقارنة مع الأحزاب الأخرى.

فيما ترتفع نسبة مشاركة النساء في هيكلية الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في الضفة الغربية عنها في غزة، فبلغت نسبة النساء في القيادة المركزية في الضفة الغربية 18% بينما كان نصيب قطاع غزة 13%، وفي اللجنة المركزية العامة بلغ في الضفة 19.5% بينما 16.5% في غزة، ورغم أن تمثيل النساء في اللجان المركزية التي تعد أهم هيئة لاتخاذ القرار في الحزب، أعلى لدى الأحزاب اليسارية إلا أنها بقيت نسبة ضئيلة بالمقارنة مع النسبة الكلية فضلاً عن أن وجود النساء في مثل هذه اللجان لم يؤد إلى فرض سياسات وبرامج حزبية تتبنى أجنده نسوية تتوازى مع أجنده العمل الوطني، وبقيت النساء تتبنى المشروع الوطني الذي ظل يستأثر بأولوية نشاطهن.

ب (3) - مشاركة النساء الفلسطينية في المنظمات غير الحكومية (الأهلية)
تعد مشاركة النساء الفلسطينيات في المنظمات غير الحكومية هي الأوسع والأقدم والأكثر تنوعاً وفعالية، رغم كل ما يمكن أن يقال عن تراجع هذه المشاركة كماً وكيفاً.
لقد وجدت النساء الفلسطينيات متنفساً حقيقياً في هذه المنظمات التي نشأت في ظل غياب الدولة، وأعطتها الفرصة لإثبات وجودها كمواطن فاعل في المجتمع ومشارك حقيقي في قضاياه ومشكلاته، على الرغم من الصعوبات المتعددة التي واجهتها النساء الناشطات في هذا المجال سابقاً من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، حيث كان ينظر لها كمؤسسات ذات طابع سياسي، تحمل قضية التحرر الوطني كأولوية أولى في أجندة عملها، حتى ذلك الذي أخذ – ظاهرياً – طابعاً اجتماعياً.
وفي فترة الانتفاضة استأثرت النساء بعمل هذه المنظمات، وأحياناً كثيرة إدارتها نظراً لمساحة الحرية الأكبر المتاحة لهن عن الرجال- المستهدفين من قبل الاحتلال أو لغيابهم بسبب الاعتقال أو الإبعاد أو التخفي وخلافه – وعلى ذلك يمكن أن ننظر إلى هذه المؤسسات كونها من مفرزات الواقع السياسي الذي أفرز بدوره حاجة ملحة لدعم اجتماعي عبر عن نفسه بصور وأشكال مختلفة، وكان منها المنظمات غير الحكومية، ويلاحظ أنه في مرحلة طغيان العمل السياسي، والعمل ضمن أجنده لا تقع قضايا النساء على رأس أولوياتها، كانت النساء يقبلن العمل ضمن مؤسسات غير حكومية بدافع وطني/ نضالي، ولكن تدريجياً ومع انحسار المشروع الوطني الفلسطيني، وركود الأحزاب السياسية وخاصة اليسارية منها، بهت اهتمام النساء بالعمل الوطني ليحل محله شعور جديد ترافق مع الظروف السياسية وتراجعها، شعور لا يخلو من الإحباط والإحساس بالانكسار وعدم جدوى أي نشاط، وهو شعور أحدثته صدمة التغيرات السياسية المفاجئة، مما وضع المؤسسات والأفراد والشعب أمام سؤال تمثل في: ما جدوى ما نفعل؟

في مرحلة ما بعد أوسلو واجه عمل المنظمات النسوية بل والحركة النسوية بشكل عام وضعاً مربكاً، إذ كان عليها أن تعمل ضمن أولويات عمل جديدة اختلفت عما نشأت عليه سابقاً، خاصة في ظل مرحلة التحول نحو الدولة، أي إقرار تشريعات وسياسات لا تتبنى في أول ما تتبنى الأفكار السابقة نحو قضايا التحرر الوطني، ومن ثم وجدت نفسها مضطرة أن تجد لها هويتها الخاصة، وصوتها الخاص، ضمن هذه الظروف والمتغيرات التي ثبت فيما بعد وربما من المراحل الأولى تهميشها للدور التاريخي الذي لعبته هذه المنظمات، ليس هذا فحسب، بل أيضاً لم تبلور المنظمات النسوية – على تعددها واختلافها وأحياناً تناقضها - رؤية واضحة ذات بعد استراتيجي لعملها المستقبلي ضمن الشروط الجديدة التي فرضتها الاتفاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، افتقارها لهذه الرؤية الواحدة جعلها تتعامل بردة فعل معاكس تماماً لمرحلة ما قبل أوسلو، فانكفأت على نفسها وتبنت سياسات عمل معزولة عن الواقع الاجتماعي والسياسي الذي تعيشه فلسطين، فقامت بطرح قضايا الجندر بعيداً عن السياق الاجتماعي والسياسي الذي تعمل فيه هذه المنظمات، الأمر الذي أفقدها الكثير من شعبيتها وجماهيريتها التي أحرزتها سابقاً، خاصة في فترة الانتفاضة، واكتفت بطرح قضايا فوقية لا تهم الكثير من النساء اللائى لم يعد لهن صلة ذات أهمية بعمل هذه المنظمات، وتدريجياً اكتفت المؤسسات النسوية بتحقيق مطالب وتوجهات الجهات التمويلية في تنفيذ برامج ونشاطات بعيدة عن السياسة، أي أنها عزلت بين المؤسسات النسوية وقاعدتها الجماهيرية من خلال سلخها عن تبني قضايا التحرر الوطني، التي لم تزل متجذرة في واقعنا الفلسطيني، وعليه لا نجد من المؤسسات من يتبنى قضايا النساء في المخيمات مثلاً.

لقد اكتفت الناشطات النسويات بوجودهن في مؤسسات تحمل يافطات تضمن كلمة المرأة أو النسوية، ورضيت بالهدوء الذي تنعم به في ظل تغاضي السلطة عنها، وتهميشها لأي دور كان من الممكن أن تلعبه على الساحة الشعبية، فانحصر نشاطها في التدريب والتخطيط وورشات العمل المحصورة في نطاق ضيق جداً من الأسماء التي تتكرر في كل مناسبة، فيما ظلت القاعدة الجماهيرية بعيدة تماماً عن كل هذه الأنشطة التي ظلت مفرغة من محتواها المرتبط بالقضايا الحقيقية للجماهير، وهي قضايا لا تبعد بالتأكيد عن قضايا التحرر الوطني ذات المضمون الإنساني في جوهرها الحقيقي والعميق، ورغم هذا النشاط الفوقي الذي ظلت تمارسه المؤسسات النسوية إلا إنها ظلت مستبعدة من مراكز صنع القرار في معظم قضايا المجتمع في الصحة، والتعليم، والسياسة السكانية والتنموية ومشاركتها في الرؤية السياسية في الوقت الذي خسرت فيه أيضاً القاعدة الشعبية، التي كان من الممكن أن تشكل لها دافعاً قوياً لفرض وجودها على أصحاب القرار، وعدم تهميش النظام السياسي لوجودها كقوة حقيقية وضاغطة في المجتمع.

ويذكر هنا أن حوالي 23% من الموظفين الإداريين في الجمعيات الخيرية في الضفة الغربية وقطاع غزة من النساء، فيما تشير دراسة مولها برنامج الأمم المتحدة للتنمية عن المنظمات النسائية أنه في عام 1993 كان يوجد حوالي 174 منظمة في الأراضي المحتلة، منها 34 منظمة فقط في قطاع غزة، وهنا لا يمكن إغفال الدور واسع النطاق الذي لعبته هذه المؤسسات في خدمة قضايا النساء، وتقديم العون لهن خاصة في غياب العائل، لكننا أيضاً لا يمكن أن نغفل كونه دور اجتماعي بحت، انحصر في نطاق الإعانة المؤقتة، التي فرضتها ظروف تلك الفترة.

3 – مشاركة المرأة الفلسطينية في الوظائف العامة
لا توجد نساء كثيرات في المناصب القيادية المهمة، ذات التأثير المباشر في مراكز صنع القرار، أو التأثير في الرأي العام، فنحن لدينا على سبيل المثال في قطاع غزة امرأتان تعملان في سلك القضاء هما: سعادة الدجاني، وسلوى الصايغ، فيما لا توجد وكيلة نيابة واحدة، في حين يحتكر الرجال إضافة إلى هذا المنصب، منصب النائب العام.
ويجب هنا الإشارة إلى أنه على الرغم من عدم وجود تمييز ضد النساء على نحو صريح في النظام القضائي، إلاّ أن هناك تغييباً شبه كامل لأية مشاركة نسائية، وعليه يجدر التساؤل عما إذا كان كافياً أن لا يتضمن القانون تمييزاً صريحاً ضد المرأة، أو إذا كان مطلوباً إجراءات أكثر فاعلية لضمان حق النساء في المشاركة، وعلينا أن نأخذ هنا بعين الاعتبار أن مجرد تعيين نساء في الجهاز القضائي لا يضمن بحد ذاته حماية حقوق النساء، بل يجب أن تمتلك النساء الحساسية اللازمة لتعزيز وجودهن وحقوقهن للعمل في الجهاز القضائي.

أيضاً وحتى الآن لا توجد رئيس تحرير جريدة يومية، أو أسبوعية، فيما برزت لدينا لفترات محددة نساء رئيسات تحرير لمجلات أسبوعية، أو شهرية، وأغلبها يصدر عن مؤسسات نسوية، وذات طابع إخباري تقريري، يفتقر إلى التحليل الفكري، وكما أن هناك بعض التراخيص التي صدرت لمجلات باسم نساء، ولكنها لم تصدر حتى الآن، وعلى مستوى التعليم العالي، فحتى الآن لا توجد رئيس جامعة، أو مؤسسة أكاديمية، أو ما شابه ذلك.

ثالثاً: أسباب عزوف المرأة الفلسطينية عن المشاركة السياسية:-
أ – أسباب ضعف المشاركة السياسية للمراة تعود إلى المجتمع
أ (1) - لا شك أن عزوف المرأة الفلسطينية عن المشاركة السياسية، لا ينفصل عن عزوف المجتمع ككل، حيث المناخ السياسي المترهل يشيع جواً من الإحباط، والشعور باللامبالاة واللاجدوى، مما يولد إيماناً سلبياً بعدم التأثير في صنع السياسات العامة، ولا أدل على ذلك من تراجع جماهيرية الأحزاب وعدم قدرتها على تجديد نفسها وأعضائها، بسبب عدم قدرتها على طرح سياسات بديلة، أو حلول للمشاكل التي يواجهها الجمهور يومياً وعلى المدى البعيد، ناهيك عن المشكلات الداخلية التي تعاني منها هذه الأحزاب مثل، عدم ممارسة أساليب ديموقراطية، وتفرد قادة الأحزاب بعملية صنع القرار في داخلها، الأمر الذي أدى إلى حدوث حالة من العزوف الواضح لدى الجمهور عن الانضمام والمشاركة في هذه الأحزاب، بل وهجرة كم غير بسيط من أعضائها، حيث تولد لديهم شعور يمكن تسميته بالاغتراب السياسي، والمرأة كجزء من هذا المجتمع يقع عليها ما يقع عليه سلباً وإيجاباً، تأثرت أيضاً بهذه الحالة العامة التي أصابت المجتمع، بل وربما الأثر السلبي الواقع على المرأة أبلغ وأشد من حيث كون هذه الأحزاب إضافة إلى ترهلها وبيروقراطيتها لم تولِ اهتماماً كافياً باهتمامات النساء، ولم ينعكس ذلك في برامجها.

أ (2) – عدم وجود توجه عام من قبل الدولة يتبلور في شكل تبني سياسات وبرامج تدعم المرأة في السياسية الرسمية، وغير الرسمية، مما أدى إلى تراجع مكانتها، وإضعاف دورها ومشاركتها.
أ (3) – وجود قوانين وتشريعات جائرة تسمح بممارسة التمييز ضد المرأة.
أ (4) – نظرة المجتمع إلى النساء باعتبارهن كائن من الدرجة الثانية، ودورها يأتي تالياً لدور الرجل، وفي أحيان كثيرة لا يأتي.

ب – أسباب ضعف المشاركة السياسية تعود إلى المرأة نفسها
ب (1) – كثير من النساء لا يقتنعن بقدرتهن على العمل السياسي، بل يرين فيه انتقاصاً من أنوثة المرأة، وربما يعود هذا إلى التنشئة الاجتماعية، التي تدعم هذه الرؤية، وتؤكد على أن الوظيفة الأولى للمرأة تتمثل في وظيفتها كزوجة وأم.
ب (2) - عدم اهتمام النساء بتطوير وعيهن السياسي من خلال المشاركة بالأمور السياسية، والاكتفاء بالقضايا ذات الطابع المجتمعي البعيد عن تأثيره في عملية صنع القرار.
ب (3)– انعدام الثقة بين النساء، وعدم مساندة المرأة الناخبة للمرشحات، وتفضيلها للمرشح الرجل، من منطلق أنه الأنسب للعمل السياسي.
ب (4)– انخفاض مستوى التعليم لدى النساء انعكس سلباً على توجهاتهن نحو المشاركة.

ج – أسباب ضعف المشاركة السياسية للمراة تتعلق بمفهوم المشاركة السياسية
لا شك أن تعريفاً جامعاً لمفهوم المشاركة السياسية أمراً يكاد مستحيلاً، مما أدى إلى مزيد من الارتباك حول هذا المفهوم الملغز أحياناً، والفضفاض أحياناً أخرى، ومن المعروف أن معظم التعاريف كانت تركز على المشاركة في التصويت والترشيح وعضوية الأحزاب، وهي مؤشرات عادة ما تعبر عن عزوف المرأة عن المشاركة، ولكن مع انحسار دور الأحزاب والمشاركة الانتخابية في العالم كله، نتيجة المتغيرات الدولية حل مفهوم جديد، هو المشاركة الشعبية الذي يركز على أهمية المنظمات غير الحكومية ودورها في التنمية، والمرأة الفلسطينية هنا تشكل عنصر رئيس في هذه المنظمات، إن لم تكن تسيطر تماماً على مجال إدارة بعضها، خاصة تلك ذات الطابع النسوي، مما يتيح للمرأة استخدام وتفعيل قدرتها على التأثير في صنع السياسات من خلال عملها في هذه المنظمات، ويجب أن يجري هنا التأكيد على خطأ الاعتقاد لدى البعض بأن عدم المشاركة من خلال التصويت والترشيح - ولتكن هنا المرأة المعني بها البحث - يجعلها غير قادرة على المشاركة السياسية من خلال القنوات الأخرى، كمؤسسات المجتمع المدني، أو المنظمات غير الحكومية وغيرها، إلا أن فترة الانتفاضة تحديداً، وما جرى بعدها من تغيرات سياسية أدت إلى تدفق النساء نحو العمل الأهلي تشير إلى غير ذلك، ربما إيماناً بأن القنوات القديمة - الأحزاب السياسية وما شابهها – لم تعد تشكل القنوات الأمثل لتحقيق المشاركة وإحراز تأثير حقيقي من خلالها.

ومن هنا يجب ملاحظة – بتأني وتفهم – هجرة عدد كبير من النساء اللائى عملن لفترات طويلة مع أحزاب أو فصائل إلى العمل في مجال المنظمات غير الحكومية، مما يدلنا على أن فهماً آخر للمشاركة السياسية بدأ يحل محل الفهم القديم الضيق المحدود، حيث ساعدت على ظهوره ظروف كثيرة، سياسية، اقتصادية، اجتماعية، ومن هنا تبرز الحاجة أكثر من السابق إلى إعادة النظر في تعريف المشاركة السياسية، وعدم التركيز فيها على التصويت والترشيح، أو عضوية الأحزاب، بل من الضروري والمهم الأخذ بعين الاعتبار مشاركة المرأة السياسية في المجالات غير الرسمية، حيث تقود كثير من النساء العديد من الجمعيات والمؤسسات، وتشارك في تدريب أعضائها على الأخذ بزمام المبادرة، وعدم الاعتماد على المؤسسات الرسمية في حل مشاكلهم، بل تحفزهم – ونفسها – على اكتشاف الأساليب والطرق العملية المتوفرة لمواجهة هذه المشاكل، وبهذا الفهم والتناول إنما تقوم بعمل سياسي في المقام الأول تقوي من خلاله مؤسسات المجتمع المدني.

رابعاً: مستقبل المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية
لا يصح الحديث عن مستقبل للمشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية دون إدراك هوية الحركة النسوية الفلسطينية، من حيث ملامحها وطبيعة المحددات والطموحات التي تحكم حركتها، مع قراءة دقيقة لهوية الواقع السياسي والمجتمعي الفلسطيني، وما بين هاتين الهويتين من تفاعل وجدلية، سواء من الناحية الإيجابية أو الأخرى السلبية.

فحتى الآن لم يزل الاحتلال يشكل المعضلة الأساسية التي تواجه المجتمع الفلسطيني، حيث يسيطر على الأراضي والموارد الطبيعية والبشرية، بل ربما أخذ أبعاداً أكثر تعقيداً في ظل عمليات التسوية، في الوقت الذي تجري فيه عملية التحول نحو الدولة بكل ما تمليه أيضاً من تعقيدات وصعوبات تتيح مساحة أوسع للتساؤل حول ما يمكن عمله في ظل هذا الوضع المتداخل، متعدد الأوجه، وفي ظل قمع للديمقراطية، واستثناء المجتمع من المشاركة ضد سياسات الاحتلال، ومن ثم وجدت الحركة النسوية نفسها داخل هذه المعمعة التاريخية، التي استبدلت برنامج م. ت. ف. الوطني ببرنامج أوسلو، مما خلق انقساماً حاداً في الآراء أدى إلى انهيار الإجماع على مقاومة الاحتلال، وتجزئة القضية الوطنية، فانتهى ذلك إلى انحسار الحركة الجماهيرية، فيما لم تستوعب القوى الوطنية التغيرات التي طرأت على الواقع الفلسطيني الجديد، فتعثرت جهودها في خلق آليات عمل جديدة تأخذ بعين الاعتبار مهمات المرحلة مع مهمات التحرير.

وقد انعكس هذا سلباً على الحركة النسوية التي وقعت في الارتباك ذاته، والحيرة بين برنامجين، برنامج العمل الوطني، والبرنامج الاجتماعي، فاستمر النقاش طويلاً، وربما، في أحيان كثيرة عقيماً أيضاً، حول أولويات العمل التي تطرحها طبيعة التغيرات.
غير أن توجهات الممولين نحو وضعية المرأة الفلسطينية، في ظل الوضع الجديد، وهو هنا عملية التسوية أو عملية السلام بلغة المجتمع الدولي، لم تتح للمؤسسات النسوية الفلسطينية فرصة للاختيار أو الانتظار، فاختارت البرنامج الاجتماعي من منطلق أن عملية التحول الدولاني، تتيح مساحة للتفاوض حول الحقوق الاجتماعية – التي أغفلت سابقاً – داخل بنى الدولة الناشئة، ومن هنا وجدت الحركة النسوية نفسها في الجهود التي يمكن بذلها من أجل التأثير في السياسات الاجتماعية، والتأثير على التشريعات الداعمة لهذه السياسات، فأغرقت نفسها في قضايا النوع الاجتماعي، مما عزلها عن التحديات الكبرى التي تطرحها قضايا الاحتلال والتحول الديمقراطي، وكأنها هنا تمارس ردة فعل عكسية للفعل السابق المتمثل بانغماسها في قضايا النضال الوطني، الأولوية الرئيسة في برامج المؤسسات النسوية ما قبل أوسلو، وهي هنا تقع في الخطأ نفسه مرتين دون الانتباه إلى أن فهم استراتيجية العمل النسوي الفلسطيني ذات خصوصية تنبع من الوضع التاريخي والسياسي للبلاد، حيث لا يمكن إغفال قضايا التحرر الوطني، فرغم ما تفرزه المرحلة من تعقيدات وأزمات مضاعفة تتعلق بالاحتلال أولاً، وثانياً بانعكاسات هذا الاحتلال على علاقات وبنى المجتمع الفلسطيني المختلفة، فهناك أجواء عدم الحرية وقمع الديمقراطية، وهناك الأزمة التي تعيشها الأحزاب، من حيث عدم قدرتها على التعامل بفاعلية مع الوضع السياسي الراهن مع ما تعيشه من تصعيد للفئوية، وهناك أيضاً مشاكل الفقر والبطالة وغيرها، ناهيك عن سياسة الاحتواء التي مارستها السلطة لشخصيات وقيادات نسوية لتكون جزءاً من أجهزتها ومؤسساتها، جعلها تتماهى مع ما تطرحه السلطة الوطنية من مواقف وسياسات، مما أسهم في تبهيت صورة الحركة النسوية، وتهميش القضية النسوية لدى أجهزة السلطة، التي اكتفت بخلق دوائر للمرأة داخل وزاراتها، شكلت بالنسبة لها – خاصة أمام الممول الأجنبي – ديكوراً ووجاهة اجتماعية وسياسية.

إن الكلام السابق لا ينفصل بالمطلق عن وضع توصيف مقارب، وحقيقي للمشاركة السياسية للنساء الفلسطينيات، وما يمكن أن تطرحه من آفاق مستقبلية، في ظل قراءة المرحلة الراهنة التي ستشكل معظم، إن لم يكن كل الواقع المستقبلي لهذه المشاركة، فمقدمات اليوم تقود إلى نتائج الغد، وعليه فان أي تحسين لوضعية هذه المشاركة يفترض أن يبدأ من الآن مع ضرورة استبعاد الشعور بالرضى الذي تستشعره بعض الناشطات، أو المؤسسات النسوية من إحراز كسب صغير هنا أو هناك، في ظل غياب إستراتيجية عمل واضحة، لا تكتفي بالخبرات، ولا تستبعد الكفاءات، تحيّد الجانب الحزبي، وتضمن مشاركة أكبر للنساء مع استنهاض قدراتهن الكامنة، وتحويلها إلى قوة مجتمعية، يمكن الاستفادة منها بحق.

خامساً: النتائج و الإستخلاصات لدراسة
1- المرأة الفلسطينية جزء من كل، لا يمكن فصلها عن المجتمع الذي تتحرك فيه، وعليه فإن أية تأثيرات – سلبية أو إيجابية – يتعرض لها هذا المجتمع، إنما تقع عليها أيضاً، بل ربما، وبصورة مضاعفة، لذلك فإن أي تحديث وتفعيل لدور المرأة الفلسطينية، يتطلب بالضرورة تحديثاً وتفعيلاً لمجتمعها، الذي يمثل بيئة عملها الحقيقية.
2 – منحت الظروف السياسية التي مرت بها فلسطين، المرأة الفلسطينية فرصة للخروج المبكر للحياة العامة من خلال الانخراط في الحركة الوطنية، غير أنها لم تُستغل الاستغلال الأمثل من قبل النساء، مما أخر كثيراً حصولهن على حقوق نوعية، تتضمن المساواة وعدم التمييز.
3 – بقت أولوية النساء الفلسطينيات – وهذا يرتبط بالاستنتاج السابق – حتى ما قبل أوسلو تتركز حول القضية الوطنية، فيما تم إغفال النضال المطلبي والمجتمعي، مما أدى إلى مراوحة النساء في أماكنهن، وقليل فرص النجاح المتاحة أمامهن لإحراز مكاسب تتعلق بوضعهن في المجتمع.
4 – شكلت الانتفاضة رافعة قوية لاعادة تفكير النساء في الدور المناط بهن في المجتمع، من خلال تحسين النظرة المجتمعية لهن، عبر نشاطات وفعاليات فرضتها ظروف هذه المرحلة، غير أن هذا لم يدفع المؤسسات النسوية إلى تحديد استراتيجية عمل واحدة تحترم الاختلافات ( الصغيرة )، وتضمن اتفاقاً عاماً خول القضايا ذات الأولوية.
5 – تغيرت التوجهات التي حكمت عمل المؤسسات النسوية بعد عقد مؤتمر مدريد، ثم مفاوضات أوسلو إلى الإغراق في القضايا النسوية المعزولة عن قضايا التحرر.
6 – شكلت الانتخابات الفلسطينية الأولى، أول صورة حقيقية واضحة، حول مشاركة المرأة السياسية بعد دخول السلطة الوطنية، إذ يعد فوز خمس نساء بعضوية المجلس التشريعي مكسباً لا بأس به أمام المعيقات الاجتماعية والسياسية التي تحول دون تمثيل أكبر للنساء.
7 – على الجانب الآخر، لا تحقق مشاركة المرأة في الحكومة، والعمل الدبلوماسي، والمجالس البلدية، مبدأ المساواة في الفرص، ولا تتناسب مع حجم التواجد المأمول للنساء في ظل سلطتهن الوطنية.
8 – لم يزل حتى الآن، النقاش محتدماً حول شرعية الكوتا النسائية، هل يجري العمل بها، أم أنها لم تعد تتوافق مع مستجدات المرحلة، التي لا تحتفي بمحددات العمل القديمة، كالاعتماد على التاريخ النضالي، والانتماء الحزبي، وعليه يجب تحديد الموقف منها، من أجل تحديد وسائل تمكين وتمثيل، تتعلق بها أو تنفصل عنها.
9 – على الرغم من تبني الأحزاب والفصائل أفكاراً تقدمية، حول وضعية المرأة الفلسطينية إلاّ أن وضع النساء في الأحزاب يشير إلى الفارق الكبير بين الشعار والتطبيق.
10 – تعد مشاركة النساء الفلسطينيات في المنظمات غير الحكومية، هي الأوسع انتشاراً، والأكثر قدرة على تحقيق مشاركة سياسية للمرأة الفلسطينية، تستطيع من خلالها التأثير في السياسات العامة.
11 – وجود غياب شبه كامل للمرأة في الوظائف العامة، ذات الصلة المباشرة بتشكيل السياسات العامة، وخلق رأي عام له دوره الفاعل في عملية صنع القرار.
12 – تواجد المرأة الفلسطينية في مواقع اتخاذ القرار، وفي المناصب الحكومية العليا، ما زال ضعيفاً ومحدداً، مما يعيق دمج النساء في عملية التنمية، ويعطل إمكانية أن تؤثر في رسم السياسات، ومنع إحداث تعديلات في التشريعات القائمة.
13 – إن المفاهيم والأعراف المتداولة، وأحياناً عدم وعي المرأة بحقوقها، وإدراكها لإمكاناتها وقوة تأثيرها، ومن ثم إدراكها لأهمية دورها في المجتمع، مع غياب المؤسسات الديموقراطية، جميعها تشكل عقبة أمام وصول المرأة إلى مناصب قيادية عليا في المجالات التشريعية والقضائية وغيرها.

سادساً: التوصيات
من خلال ما تقدم في هذا البحث الذي حاول وضع صورة مقاربة لمشاركة المرأة الفلسطينية السياسية، ومن أجل دفع هذه المشاركة ونوعيتها خرج البحث بهذه التوصيات:-
1 – ضرورة ترسيخ وتعزيز دعائم الحياة الديمقراطية، بحيث تصبح نهج حياة، يجري فيها إقرار مبدأ التعددية السياسية، وتقوية دور المؤسسات، ودولة سيادة القانون، إذ ثبت أن استخدام سياسات غير ديمقراطية يعزز التمييز ضد المرأة.
2 – ضرورة النظر إلى المرأة كجزء فاعل وأساس في أي مشروع تنموي لبناء المجتمع وتطوره، مما يتطلب إحداث نظرة شاملة للأمور لا تحصرها إلى مجرد صراع بين جنسين.
3 – ضرورة توفير قاعدة معلوماتية وإحصائية على أساس الجنس، مع إعطاء فرصة أكبر للقيام ببحوث متخصصة في قضايا ومشاكل المرأة الفلسطينية، تمكن المجتمع والقائمين على وضع السياسات فيه من فهم أعمق لهذه القضايا والمشاكل، ومن ثم القدرة على إدماجها الفعلي في المجالات كافة.
4 – تحسين صورة المرأة في الإعلام، وكتب المدرسة، مع إبراز دور المرأة النضالي، ومساهمتها في الحياة العامة.
5 – تطور المفاهيم السائدة المستمدة من الموروث التقليدي ( عادات، تقاليد، إسلام )، بمعنى إبراز الإيجابي منها، ومحاربة كل ما هو سلبي وغير أصيل فيها.
6 – تحقيق المساواة في فرص العمل، وإظهار المشاركة الفعلية للمرأة في القطاع غير الرسمي.
7 – العمل على توعية المرأة، وتطوير مهارتها، وقدراتها لزيادة مشاركتها في الحياة العامة، وذلك من خلال إعداد الكوادر النسائية، وتدريبها في المجالات السياسية، مع تقديم الدعم المادي والمعنوي، إضافة إلى برامج التدريب التي تعزز مهاراتها.
8 – احترام مبدأ سيادة المساواة بين الجنسين في مباشرة الحقوق السياسية، والمشاركة في المؤسسات التشريعية، ورفض المساس بهذا الحق بأي شكل من الأشكال.
9 – ضرورة استحداث آلية للتنسيق الدائم بين المؤسسات النسوية، والعمل على إعداد استراتيجية عمل واحدة، تتفق على الأهداف العامة ذات الأولوية لكل النساء دون تمييز.
10 – يجب إعادة النظر في المناهج التعليمية المطبقة، لتتضمن التربية الوطنية، التي تساهم في تنمية الوعي، خاصة فيما يتعلق بتعميق مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتقوية مؤسسات المجتمع المدني.

 

3. دراسة لريما كتانة نزال بعنوان واقع المشاركة السياسية للمراة الفلسطينية وقد أسفر عن النتائج التالية:-

ان الطريق غير ممهدة أمام المطالبات بتخصيص مقاعد مضمونة للمرأة في القانون القادم, رغم وقوف قوى موازنة معها, حيث تقف قوى مجتمعية تقليدية محافظة أمامها, واضعة بوجهها العقبات ذات الأصول الذكورية المعروفة أو بسبب تضارب المصالح, فالعديد من القوى القائمة والمسيطرة سواء كانت في الحكم او في المجتمع لا ترغب في رؤية قوى جديدة تأخذ مكانا لها في الحياة العامة لذلك ستقاوم كل ما من شأنه أن يؤدي الى التغيير, لذلك كان من الأهمية بمكان البدء بالتعبئة بشكل مبكر, و الاهتمام بوضع الخطط التي تعالج على المدى المباشر قضية ايصال أوسع عدد من النساء لمراكز صنع القرار عن طريق الانتخاب، وكتوجهات عامة هناك ضرورة لاخذ القضايا التالية بعين الاعتبار من قبل الحركة النسائية ومجموع قوى ومؤسسات المجتمع المدني السائدة لتعزيز مشاركة المرأة وهي:

·        التكامل بديل للتنافس.

·        دور اعلامي واضح و محدد.

·        توطيد العلاقة مع القوى السياسية و النقابات المهنية والعمالية.

كما تضمن ملخص الدراسة التي أجرتها ريما كتانة نزال ما يلي:

مدخل

قليلة هي المرات التي مارس بها الشعب الفلسطيني حقوقه السياسية الدستورية ، فلم يكن له يوما دولة ، ففي إعقاب سقوط الإمبراطورية العثمانية ، حُكمت فلسطين بالانتداب البريطاني ، وفي عام 1948 أقيمت دولة إسرائيل على أكثر من نصف الأراضي الفلسطينية ، وألحق القسم الباقي إلى مصر والأردن ، وفي عام 1967 احتلت إسرائيل باقي الأراضي الفلسطينية ، وبالنسبة للمرأة فلم تكن الظروف السياسية وحدها التي وقفت بوجهها أمام ممارسة حقوقها السياسية كمواطنة ، فقد ميزت القوانين ضدها عندما جاءت لتقصر حق الانتخاب والترشيح على الذكور ، في القوانين السارية في غزة المنظمة لانتخابات المجلس التشريعي ولعضوية البلديات ، ووصل الأمر إلى حرمانها بنصوص أيضا من التعيين لعضوية المجلس التشريعي والمجلس التنفيذي ، أما في الضفة الغربية التي تبعت الأردن منذ عام 1950 فقد حرم قانون الانتخاب رقم (14) لسنة 1960 المرأة من ممارسة حقها السياسي في انتخاب اعضاء مجلس النواب كما حرمها من الترشيح الذي عدل في عام 1974 ولم يكن بالامكان سريانه في الأراضي الفلسطينية بسبب وقوعها تحت الاحتلال ، وقد حُرمت المرأة ايضا من حق الترشيح والانتخاب لعضوية المجالس البلدية والقروية بموجب قانون البلديات الأردني لعام 1950 ، ومن مفارقات القدر الساخرة أن تنال المرأة الفلسطينية لأول مرة حقها في الانتخاب والترشيح على يد الاحتلال بموجب الامر العسكري رقم 627 لعام 1975 الذي منحها الحق في الترشيح والانتخاب لعضوية المجالس البلدية ، اعتقادا منه أن المرأة ستصب باصواتها للقوى التقليدية المناوئة لقوى التغيير والثورة من رجال منظمة التحرير الفلسطينية ، الا ان هذا لم يتحقق حيث صّبت المرأة اصواتها لقوائم منظمة التحرير الفلسطينية كجزء أصيل من قوى التغيير في المجتمع.

وفي كانون الثاني-يناير عام 1996، مارست المرأة الفلسطينية لأول مرة حقها في الترشيح وفي انتخاب أول مجلس تشريعي منتخب من الشعب الفلسطيني بموجب القانون رقم (13) لعام 1995 ، أحد الترتيبات المنبثقة عن اتفاق اعلان المبادئ ( اتفاق اسلو) الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل وترشحت امرأة لمنصب الرئيس ولم يحالفها الحظ في الوصول ، وترشحت 25 امرأة لعضوية المجلس التشريعي فازت منهن خمس نساء .
المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية

عبر التاريخ لا نجد اجراءات قانونية واضحة المعالم لوصول المرأة إلى مراكز صنع القرار في الدول الاسلامية والعربية ، وكنا امام دخول خاص لمساحات عمل الذكور المحرمة على المرأة وتحديدا تلك المتعلقة بالعمل السياسي وبالقيادة ، وربما ما يعلق بالذاكرة الجمعية ان الاقدار والعناية الالهية كانت تتدخل لتصل بالمرأة إلى الحكم ، فكانت بلقيس وزنوبيا وشجرة الدر وغيرهن من النساء العربيات ، اللواتي قدن بلادهن بكفاءة وتمايز يذكره التاريخ ، لكن بقي الرجل يحتكر الثقة والأهلية ، ولم تكسر فيما بعد نساء قياديات وكفؤات القاعدة يستشهد بتجاربهن، بل كان في معظمها تجارب فردية عكست ايجابياتها على صاحباتها ولم يكن لها ان تغير الصورة النمطية للمرأة .

المرأة الفلسطينية ورغم خروجها عن القاعدة العربية بسبب ظروف بلادها السياسية الخاصة ، التي وفرت لها مناخات ايجابية للمشاركة الواسعة فمن وقوع فلسطين تحت الانتداب البريطاني بعد سقوط الامبراطورية العثمانية التي ساهمت بتراجع المفاهيم الاجتماعية وانتشار وترسخ المفاهيم التقليدية البالية واشاعة جو محافظ يحيط بعمل المرأة ، ومن ثم وقوع فلسطين تحت الاحتلال الاسرائيلي والصراع الضاري الذي ما زال مستمراً منذ حوالي قرن من الزمان ، كل هذا جعل الحركة النسائية الفلسطينية تنشأ في ظل ظروف وطنية معروفة لتكون جزء عضويا اصيلا من معركة التحرر الوطني التي يخوضها الشعب الفلسطيني ، وعليه فلم تكن فكرة المشاركة مستوردة من المجتمعات الغربية ، فقد جاءت كمشاركة في العمل العام أي خارج البيت لخدمة اهداف مجتمعية عامة ، مما ساعدها في ربط التحرر الاجتماعي بمشاركتها الوطنية والنضال الوطني ، وهكذا اصبحت قضيتها الاجتماعية محورا من محاور القضية الوطنية على عكس التجارب العربية التي خاضت المرأة فيها المعترك العام, فعلى سبيل المثال بدأت المرأة المصرية والتونسية بقضاياها الاجتماعية الخاصة كقوانين الاحوال الشخصية في الوقت الذي كانت المرأة الفلسطينية تتظاهر ضد الانتداب البريطاني ووعد بلفور ، وعلى الرغم من أن طرق باب المشاركة السياسية جاء من باب العمل الخيري لمواجهة اعباء الهجرة ، إلا أن هذه المشاركة كانت تطرق بيوت المرأة من الطبقات الفقيرة لتنخرط بمهمات اغاثية تطورت إلى مهمات اخرى سياسية وتنظيمية وجماهيرية ، وتبلورت فيما بعد لتشارك في هيئات قيادية في منظمة التحرير الفلسطينية منذ تأسيسها ، وعلى الرغم من محد ودية هذه المشاركة إلا أنها مقارنة بتجارب الدول العربية المجاورة وضمن الظروف الوطنية والاجتماعية المعقدة نجد أن المرأة الفلسطينية كانت من مكونات مركب المجلس الوطني الفلسطيني المبني على مفهوم الكوتات والحصص حيث أتت من خلال الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية ومن خلال كوتات الفصائل والمنظمات الشعبية الأخرى كاتحاد المعلمين بشكل اقل ، الا أنها لم تصل إلى عضوية الهيئات التنفيذية للمنظمة ، كاللجنة التنفيذية المغلقة على تنافس الرجال من التنظيمات الأمر الذي يعد تقصيرا من قبل قيادة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية ومن قبل المرأة في الفصائل والاحزاب التقدمية التي توانت عن التقدم بمطالب المشاركة السياسية في هيئات صنع القرار السياسي ، كما يعد تمريرا من القوى التقدمية في منظمة التحرير الفلسطينية التي تتبنى مفاهيم تحررية وديمقراطية وردت في برامجها متحدثة عن القمع الثلاثي الابعاد الذي تتعرض له المرأة ( القومي ، الطبقي ، والجنسي ) دون أن تترجمه عمليا في البنى التنظيمية للمنظمة .

الانتفاضة الأولى محطة لتوسيع المشاركة السياسية للمرأة
*بعد عقدين من الزمن على بداية الاحتلال ، عقدين من المصادرة الدائمة للاراضي وبناء المستوطنات وتوطين اليهود القادمين من بقاع الأرض عليها ، عقدين من نهب اقتصاد الشعب واستغلاله ، عقدين من القمع العسكري للشعب بالاعتقال والابعاد والقتل بالاضافة إلى الغارات المتواصلة على الشعب الفلسطيني في الخارج ، المستهدفة لرأس الثورة الفلسطينية ومخيمات لبنان وتهجير قيادة المنظمة منها إلى تونس والبلدان العربية الأخرى ، كانت احد نتائجها أن تم توجيه الاهتمام إلى الأراضي المحتلة التي كانت جاهزة للانتفاض على الاحتلال وسياساته بفعل مقاوم شامل شاركت فيه كافة القطاعات محولة الانتفاضة إلى نمط حياة يقوم على رفض الاحتلال والعمل على خلق واقع حياتي بديل بمسؤولية وطنية لتعبئة الفراغ الناجم عن رفض الاحتلال وإدارته لحياة الشعب ، فاعتبر تشكيل اللجان الشعبية التخصصية المتنوعة الاهداف والوظائف والمرأة أحد مكوناتها الرئيسية من خلال أطرها وفصائلها نقطة تحول هامة على صعيد مشاركة المرأة السياسي والوطني باعتبار ان اللجان الشعبية كانت مركزا للقرار في حدود مهامها ووظائفها المنتشرة في الضفة الغربية وقطاع غزة لسنوات .

* وقد شكلت الانتفاضة فرصة هامة النسائية التي انطلقت ما بين عام 1978 – 1983 منبثقة عن الأحزاب والفصائل في منظمة التحرير الفلسطينية ، لتقوية وتوسيع أطرهن ومدّ نفوذها وكان لطبيعة قيادة الأطر المتشكلة من مختلف الشرائح الاجتماعية دورا هاما في طرح مفاهيم جديدة تلامس الواقع الاجتماعي للمرأة وفي تبنى مفاهيم المساواة والتحرر وفي المطالبة بالمشاركة السياسية وإلغاء التمييز القانوني القائم على أساس الجنس . وقد ترجمت برامجها عمليا في الميدان من خلال المشاركة في المظاهرات والاشتباك مع جنود الاحتلال بالإضافة إلى بناء أشكال اقتصادية وتنموية بديلة تعمل بها النساء( مشاريع تنموية صغيرة ، التطريز ، حفظ الأغذية، مشاغل النسيج والخياطة ) لمساعدتهن في تحسين دخلهن وتقوية وضعهن ضمن نطاق الأسرة ، هكذا خدمت الأطر النسوية الانتفاضة التي ساهمت باختبار ميداني لأهمية تأسيسها ، وقدمت الانتفاضة الانعطافة السياسية الهامة التي دخلتها المرأة من خلال أطرها المنظمة وهي أكثر وعيا وخصوصية واستقلالية, مما كان له الأثر في إثارة الجدل المؤجل حول العلاقة ما بين قضايا التحرير الوطني والتحرير الاجتماعي حيث أثيرت نقاشات جادة حول حقوق المرأة السياسية والاجتماعية والقانونية والاقتصادية ، وكان أن صدرت وثيقة المطالب النسوية في عام 1994 تتويجا لجهد قدمته المرأة بالانتفاضة تم الاعتراف به مجتمعياً إلى حد لا يمكن التقليل من شأنه كنتيجة لحدوث نقلة نوعية بالوعي الذي مكن من صياغة معادلة أكثر منطقية لأولويات المرأة الفلسطينية .

*واستمر عمل الجمعيات الخيرية في القيام بمهامها المنطلقة من برامجها وانظمتها الداخلية والمتمحورة حول تقديم الخدمات الانسانية والاغاثية, واستمرت بتغييب البعد السياسي و الاجتماعي عن برامجها واقتصر جمهورها اصلا على اعداد محدودة منتسبة لجمعياتها العمومية تقتصر مهماته على الانتخاب والمشاركة ببعض الانشطة ، ويعود السبب في عدم تقدم البعد الاجتماعي التحرري في برامجها وادائها لانحدار قيادات هذه الجمعيات من الطبقات الغنية المحافظة التي تنظر بشكل تقليدي إلى مشاركة المرأة السياسي والجماهيري وإلى الادوار المؤهلة للعبها, والمنطلقة من مفاهيم التقسيم الاجتماعي للادوار , وبسبب نظرتهن إلى المرأة تنطلق من تقسيمها إلى فئات محتاجة واخرى تقدم المساعدة ولا تنظر لها باعتبارها عاملة ومعلمة وطالبة ومهنية ولاتنراها برنامجيا في الريف والمخيم والمدينة .

*وكان أن افرزت الانتفاضة وساهمت في الاعلان عن تشكيل حركة حماس كاطار يعبر عن الاسلام السياسي في الحركة الوطنية الفلسطينية وعن وجود التيار في المجتمع الفلسطينية بما يمتلك من مفاهيم اجتماعية متعارضة مع المفاهيم الاجتماعية المتبناه من احزاب وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية واطرها النسوية ,على اعتبار أن حماس وفيما بعد أطرها وجمعياتها النسوية التي تتبنى مفاهيم تقليدية محافظة تعترض على المشاركة السياسية للمرأة ، وتعترض على تبؤ المرأة لمواقع قيادية سياسية أولى على الرغم أن حركة حماس تراجع باستمرار سياساتها الجماهيرية والتنظيمية كما السياسية ، كما كان لظهور حماس كقوة سياسية عقائدية الأثر على جماهيرية الأطر النسوية الأخرى حيث اكلت من رصيدها لأنها طرحت نفسها ممثلة سياسيا للدين والمتدينين في المجتمع ، وقد نشأ ايضا تيار اصولي سلفي يقف بوجه نشر المفاهيم الاجتماعية الديمقراطية ويقف حائلا وبعنف دون تطوير القوانين التي على تماس بقضية المرأة, وهذا ما ظهر لدى طرح مشروع البرلمان الفلسطيني الصوري المطالب بمشاركة المرأة بوضع التشريعات المرتبطة بحياتها .

* طويت مرحلة الانتفاضة الأولى في عام 1994 مع توقيع وبدء نفاذ اتفاق اوسلو مخلفة انقساما سياسيا في الحركة النسائية الفلسطينية وفي المجتمع على خلفية الاتفاق المذكور ، ولكنها خلقت أو بلورت بوضوح أكبر لخطاب نسوي يلخص مرحلة الانتفاضة بانها لم تكن مقتصرة على الانتقاض بوجه الاحتلال فقط ، بل أنها ايضا ضد القمع الداخلي الذي يمارسه المجتمع على بعضه البعض وعلى المرأة ، وكان لدرس المرأة الجزائرية العبرة الكافية لاستخلاص الدروس في مرحلة كانت هناك آمال كبيرة معلقة على الكيان السياسي الفلسطيني الوليد لأول مرة على الأرض الفلسطينية بالرغم من الانقسام السياسي المعروف .

معوقات المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية
خصوصية الوضع السياسي والوطني الفلسطيني بوجود الاحتلال على الأرض الفلسطينية لعقود طويلة من ازأمن صبغ تجربة المرأة الفلسطينية بخاصية معينة مكنتها من حرق مراحل زمنية ساهمت بانضاج تجربتها السياسية والوطنية والتنظيمية ، الأمر الذي ولّد القناعة لديها بان الوصول إلى المساواة لا يتأتى الا من خلال تفعيل مشاركتها السياسية والعمل في المساحات المحتكرة تقليديا للرجال ، لذالك عبرت عن رغبتها مبكرا في أن يسمع صوتها السياسي عندما شكلت منظماتها الخيرية التي أدّت دورا هاما في المشاركة بالمظاهرات المعادية للانتداب البريطاني في عامي 1920 – 1921 ، كما شاركت في ثورة البراق عام 1929 وشكلت الاتحاد النسائي الفلسطيني في القدس عام 1924 بالتوازي مع تقديم الجهد الاغاثي للأسر المحتاجة ، وكان لها دورا بارزا في اضراب عام 1936 بتوفير مقومات الصمود ، ومعالجة الاعباء الناتجة عن الاضراب الطويل ، وفي عام 1965 وفي اعقاب تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 أسست الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية كأحد قواعدها واذرعها السياسية في قطاع المرأة ، إذن المرأة الفلسطينية لم تتأخر عن الركب ولكن هذا لا يعني أن الأرض والطريق كانت ممهدة امامها لتحتل مواقع هامة في مراكز صنع القرار حيث تشكل مساهمتها في المجلس التشريعي 5.6% من حجم المجلس, وفي عضوية المجلس الوطني الفلسطيني تدرجت ما بين 2% عام 1964 إلى 7.5 % في اخر دوره عقدت في غزة عام 1996 ، وخلت عضوية اللجنة التنفيذية من النساء بينما يوجد (5) نساء في المجلس المركزي الفلسطيني ، أما مجلس وزراء السلطة فكان لدينا وزيرتان في أحسن الأحوال .

و يتضح مما تقدم أن مفهوم المشاركة بما يعني اتاحة الفرص أمام المرأة للمساهمة في اتخاذ القرار أو المساهمة بصناعته ليس ميكانيكياً أو تلقائياً ، وليس منصفا تبعا للدور الوطني المشهود له للمرأة عبر مراحل النضال وهي التي قدمت في الانتفاضتين الأولى والثانية (345) شهيدة وأكثر من (700) أسيرة و 9% من الجرحى ، بالاضافة إلى التبعات الأخرى الناتجة عن الهجمة الاسرائيلية الشرسة والعدوان الشامل من سوء احوال اقتصادية وارتفاع معدلات البطالة والفقر وزيادة عدد الاسر التي تعيلها النساء ، وكونه غير منصف لأن القضية ترتبط بمفاهيم اجتماعية تقليدية فليس بجديد أن نقول بأن المجتمع الفلسطيني ما زال مجتمعا ذكوريا ، فالاطار المفاهمي التقليدي الذي يعتقد بافضلية الرجل في القيادة والعمل السياسي والاقتصادي يقف بوجه المرأة مقيداً حصولها على كامل حقوقها السياسية دون وجود نصوص قانونية تحمي هذا الحق ، فبحكم تركيبة المجتمع الذكورية والعشائرية نجد أن الذكور يتحكمون بقرار المرأة وهم اصحاب الكلمة النهائية في تقرير مشاركتها في العمل العام ويصل الأمر إلى التحكم بصوتها الانتخابي وفي أي اتجاه يذهب .

كما يقف الوضع الهش الذي آلت إليه الحركة النسائية منذ عقد من الزمن والذي انعكس باشكال من العنف والشرذمة وعدم التوحد على الاولويات وعدم القدرة على تحول الحركة النسائية إلى قوة اجتماعية تفرض نفوذها ويحسب لها حساب من قبل القوى السياسية والمجتمعية لا سيما أن وضع المرأة في الاحزاب والفصائل ليس بأحسن من حالها في المجتمع حيث تشكو الأحزاب من ضمور عضوية النساء في صفوفها .
كذلك ما يقف حائلاً وعائقا في وجه التقدم باتجاه المشاركة الواسعة وعي المرأة لحقوقها ولذاتها ولقضيتها ولدورها ولانسايتها الذي لا زال يشوبه النواقص ، وهنا نشير إلى وعيها لحقها في اختيار نمط حياتها ووعيها بان حريتها هي حق وان الوعي بانسانيتها مناط بها وبالرجل وبوعيهما ، فهنا تكمن الخطوة الأولى ، كما أن ثقة المرأة بقدرتها وبقدرة غيرها من النساء على القيام بادوار قيادية في المجتمع محدودة ومهزوزة ، وهذا له علاقة بتأثرها بالثقافة السائدة والفكر الذكوري وتبنيها للمفاهيم السائدة حول تقسيم العمل والادوار الاجتماعية لكلا الجنسين حتى لو كانت ضد مصالحها ، وهذا ليس له علاقة بثقافة الافراد وانما بالمنظومة الثقافية للمجتمع, وله علاقة بتبعية المرأة التقليدي للرجل المقرر في الاسرة ، وبالتالي فان ارادتها وصوتها الانتخابي في اغلب الاحيان يذهب إلى المرشحين وليس إلى المرشحات ، وجدير بالذكر أنه وفي الانتخابات التشريعية التي جرت في عام 1996 انتخبت 54% من النساء المرشحين من الرجال .

ويرتبط تدني مشاركة المرأة في العمل ليس فقط باسباب تتعلق بمنظومة الوعي والبعد الثقافي السائد ، وأن كان لهما دورا مؤثرا وكابحاً ولكنه ليس وحده المؤثر في المعادلة الفلسطينية، بل ان لتخلف الاقتصاد الفلسطيني وتشوهه بحكم تبعيته للاحتلال الاسرائيلي بخطط منهجية موضوعة من قبله لاعاقة حدوث تنمية مستقلة بعيدة عن القروض وشروط الدول المانحة وسياسة الهبات التي لا تنتج فرص عمل دائمة سببا مفصليا في تبعية المرأة الاقتصادي للرجل ، فسياسة الاحتلال ولّدت ازمة بطالة متفاقمة وفي صفوف النساء على وجه الخصوص بالانتفاضة الثانية ، مما دفع النساء إلى العمل بقطاعات تحصرهم في امتدادات العمل المنزلي على أهميتها وحيويتها ، لذلك نجد أن 1/3 القوة العاملة النسائية تعمل في مجال رياض الاطفال ، و ¼ في الصناعات التحويلية و 1/5 القوة في مجالي الصحة والخدمات الاجتماعية ، كما تلعب الخصوبة العالية في المجتمع الفلسطيني والاعباء المنزلية ( متوسط الاسرة الفلسطينية 5-6 افراد ) المرتبطة بمفاهيم تسند المهام الخارجية الى الرجل والمهام الداخلي الىة المرأة بالاضافة إلى سن الزواج المبكر معيقات مقيدة للمشاركة الواسعة للمرأة وبطاقة تقترب على الأقل من حجمها في المجتمع ، وهي معيقات موضوعية لا تحل الا بسياسات وخطط يتم تبنيها بجهد حكومي وغير حكومي لوضع الحلول المناسبة لها المنسجمة مع سياسة الدول التنموية .

ويضاف إلى كل ما سبق معيقات النظام الانتخابي المعمول والمرتبط بطبيعة النظام السياسي من حيث استهدافاته لارساء دعائم الديمقراطية وتسهيله لعملية المشاركة لجميع القوى السياسية والاجتماعية بشكل اما مسهلا او كابحا للمرأة ومدى اتساع حجم مشاركتها كناخبة ومرشحة وهذا ايضا يحدده نفوذ الاحزاب ومدى وحيويتها في التعاطي مع النظام الانتخابي لجهة انفتاحه ومرونته والضغوط التي تستطيع ممارستها لوضع قانون انتخابي يتفق مع توجهات المجتمع ويستجيب للرأي العام .

تجربة المرأة في انتخابات 1996
ترشحت خمسة وعشرون امراة في الانتخابات التشريعية الاولى في فلسطين مقابل 672 مرشحاً ، احدى عشرة مرشحةَ من الضفة الفلسطينية ، واربعة عشرة من قطاع غزة ، ويلاحظ ان مرشحات غزة جئن من دوائر القطاع الخمسة ، اما في الضفة فقد جئن فقط من خمسة دوائر من اصل احدى عشرة دائرة ، وتنتمي (9) من المرشحات إلى الاحزاب والفصائل ، أما والباقي وعددهن (16) مرشحة من المستقلات ، وقد حصلت النساء المرشحات على (194089) صوتا ، بينما حصلت الناجحات على (106374) صوتا ، وبهذا يكون قد تم هدر (88715) صوتاً ، أي ان من نجحن حصلن على 55% من الاصوات وتم هدر 45% من الاصوات الممنوحة بسبب النظام الانتخابي الذي يعتمد على نظام الاغلبية والاقلية ، أي أن 45% من الاصوات لم تتحول إلى مقاعد انتخابية وكأنها لم تكن اصلا ولم يتم أخذ الاعتبار لارادة الناخبين وطموحاتهم ، الامر الذي يمس باحد ركائز الديمقراطية .

أسلفنا ان المرشحات أتوا من 10 دوائر انتخابية من أصل 16 دائرة ، أي أن ستة دوائر لم تترشح بها أي امرأة ، وهي دوائر اريحا وبيت لحم وسلفيت وطوباس وقلقيلية وطولكرم رغم أن عدد المرشحين بهذه الدوائر قد بلغ (109 ) مرشحاً ،والذي خصص لها (13) معقداً ، لكن لم تجرؤ أي امرأة أن تتقدم لترشح نفسها, ويعود السبب إلى كونها دوائر صغيرة حيث تشتد المنافسة وترتفع حرارة الصراع فتأنى النساء بأنفسهن عنها في مجتمع أحد سماته أنه محافظ وعشائري .

لقد بلغ عدد النساء المسجلات للانتخابات 49% من اجمالي المسجلين الذي بلغ عددهم أكثر من مليون ناخب ، وقد زادت نسبة المسجلات في ثلاث دوائر هي رام الله وطولكرم ووسط غزة ، أما بالنسبة للانتخاب فقد شاركت 42% من النساء المسجلات في الانتخابات وشارك الرجال بواقع 58% من المسجلين ، وقد انخفضت نسبة المقترعات فعلياً ب 7% لأسباب عديدة منها أولا عائد لنقص الاوراق الثبوتية التي بحوزتهن ، منها ما يعود لسياسة الاحتلال من زوجات وافدات لرجال من الضفة والقطاع دخلن بتصاريح زيارة وبقين وفي البلاد بطرق غير قانونية لامتناع سلطات الاحتلال عن منحهن هويات وفي معظمهن من الجنسية الاردنية ، وكانت اتفاقية اوسلو (ب) قد وضعت شروطا واضحة حول اهلية اصحاب الاقتراع ، لكن السلطة الفلسطينية وجدت مخارج لهذه الحالات باصدار جوازات سفر وعليه لم تكن عاملا حاسما في التسجيل للانتخابات ، أما السبب الثاني فيمكن في ان الكثير من النساء تنقصهن بطاقات هوية مناسبة وهذا امر مسّ بشكل رئيسي المقدسيات ضمن سياسة اسرائيل القاضية بتغيير التركيب الديمغرافي للمدينة المقدسة على طريق تهويدها ، كما وُثقت لدى المراكز النسوية اسباب اخرى منعت النساء من التسجيل والاقتراع بسبب منع الازواج أو الآباء لهن ، وكانت النساء ممن يسكن في القرى قد تعرضن للمنع الذكوري بنسب أعلى من المدن.

لقد دعت القوى المعارضة إلى مقاطعة الانتخابات لأسباب سياسية تتعلق برفض اتفاق اوسلو التي اعتبرت الانتخابات كأحد افرازاته ، وقد اخذت الاطر النسائية المنبثقة عن الاحزاب المعارضة ذات الموقف ودعت ايضا للمقاطعة ، لذلك فقد غاب عن الانتخابات عنصر التنافس الفعلي بين القوى النسائية ، لكن معارضتها لم يقلل من حجم المشاركة التي اعتبرت عالية وذلك لانشدادها إلى ممارسة الحق الذي طالما حرمت منه ، ولكن المقاطعة النسائية أفرز غيابا هاما لعدد من الشخصيات النسائية الكفؤة من قوى المعارضة العلمانية والاسلامية المقاطعة، وبدوره أثرت المقاطعة على القاء ظلال من الضباب على الانتخابات وشوش القاعدة النسائية وعلى وحدة القرار والهدف ، لذلك وجدنا أن الإطار الموحد للحركة النسائية الممثل بالاتحاد العام للمرأة الفلسطينية والمعبر عن ائتلاف الاطر والجمعيات لم يستطع ان يتخذ موقفا واضحا منذ البداية ، وقرر فيما بعد عندما قررت رئيسته المرحومة سميحة خليل ترشيح نفسها لمنصب الرئاسة مما اضعف امكانية وقدرة الاتحاد على تنظيم أموره ومخاطبة قاعدته بوضوح حول التوجه لانتخاب النساء المؤهلات .

ان غالبية المرشحات كن من كوادر الاحزاب والفصائل السياسية وبواقع 65% من المرشحات ، ويلاحظ أن 42% من المرشحات المتنميات لفصائل كن من حركة فتح التنظيم السياسي الأكبر ، ومن الفائزات الخمس كانت ثلاث من حركة فتح والفائزتان الاخريان من المستقلات ممن تمتعن بالكفاءة العلمية والسياسية ولا بد من الذكر أن مرشحات الفصائل اليسارية من حزب الشعب وفدا قد حصلن على اصوات هي الاعلى في كتلتهن الحزبية .

ايجابيات وجود المرأة في الهيئات التشريعية
* لقد حققت المرأة تطور علمي ملحوظ يمكنها من الحصول على وضع منافس أفضل فقد تراوحت نسبة الفتيات الملتحقات بالتعليم العالي ما بين 40-50% من مجموع طلبة الجامعات مما يحسن فرص وجودها ويشكل ايضا هذا ميزة ودفع للتجربة التشريعية بما لدى النساء المؤهلات من خبرات ومهارات للمشاركة في معالجة قضايا المجتمع .
* رغم أن تمثيل المرأة في المجلس التشريعي يعتبر تمثيل للشعب ولقضاياه الا أن وجود نساء سيمكن القطاع النسائي من التعبير ايضا عن قضاياه وطرح مشكلاته الخاصة ووضع حلول لها من خلال التشريعات الضامنه للمساواة والعدالة .
* وجود نساء في المجلس التشريعي وهيئات صنع القرار سيسهم في احداث تغيير تدريجي في نظرة المجتمعات المحافظة لدور المرأة في الحياة العامة من خلال تمثيل النساء ، لأن مشاركة المرأة سيتيح الفرصة لها للتعرض مباشرة للجمهور وللرأي العام وهذا سيخلق حالة الاعتياد والتقبل للمشاركة .
* وإذا ما تحققت المشاركة فأنها ستكون عاملا محفزا لدى المرأة للاهتمام بالعمل العام والاقبال عليه والانتظام في الاحزاب والعمل على تهيئة ذاتها واعدادها لمزاولة هذا العمل وعدم الركون والاتكاء على الرجل لينوب عنها من موقع المواطنة .

نحو نتائج أفضل في الانتخابات القادمة
مقارنة بين استطلاعات الرأي العام في عام 1996 وعام 2003.
لا شك بأن مشاركة المرأة في صنع القرار وعدد المقاعد التي ستحرزها في الانتخابات القادمة للمجلس التشريعية والمجالس المحلية ستعكسان مدى تطور وتقدم المجتمع، ونجاح المرأة في الانتخابات ستعتبر أداة قياس لمدى عمق الديمقراطية الفلسطينية، ولمدى احترام مبدأ المشاركة لقطاع هام في المجتمع ، ولمدى الشوط الذي قطعته قضية المرأة نحو التحرر.

ومنذ انتخابات المجلس التشريعي الأخيرة في عام 1996 جرت بعض المياه تحت جسور المعتقدات والقناعات غيرت قليلاً في ميزان القوى السياسي والاجتماعي، فقد تراجعت قوى اجتماعية وتقدمت أخرى ، انعكس أثرهما على القناعات، وحتى نقترب بشكل علمي أكثر من المعادلة نشير الى أن استطلاعاً للرأي العام أجراه برنامج دراسات التنمية التابع لجامعة بيرزيت في أيار 2003 قد أفاد بأن 70.4% من المستطلعين يعتقدوا بأن الوقت قد حان لاشراك النساء في عضوية المجالس المحلية، وأن 76.2% منهم قد رأوا بأن هناك فائدة من اشراك النساء في عضوية المجلس التشريعي ، وأن 74.9% قد رأوا بأن هناك فائدة من انتخاب النساء لعضوية المجالس المحلية, وأن 69.2% لديهم الاستعداد لانتخاب امرأة لعضوية المجالس المحلية ، وأن 71.1% لديهم الاستعداد لانتخاب إمرأة في المجلس التشريعي ، وأن 62.5% يؤيدوا تخصيص مقاعد للنساء في مقاعد المجالس المحلية ، وأن 65.1% يؤيدون تخصيص مقاعد للنساء في المجلس التشريعي ، بينما في استطلاع أجراه مركز البحوث والدراسات الفلسطينية في منتصف عام 1996 عبر 72% من المستطلعين بأن الوقت قد حان لاشراك النساء في عضوية المجالس المحلية ، وقال 77% من المستطلعين أن هناك فائدة في انتخاب النساء للمجالس المحلية, وأبدى 78% من العينة عن استعدادهم لانتخاب إمرأة مؤهلة لعضوية المجالس المحلية, وعبر 62% من المستطلعين عن تأييدهم لتخصيص مقاعد مضمونه في المجالس المحلية لتشغلها النساء ، كما عبر 67% من المستطلعه اراؤهم باستعدادهم لانتخاب إمرأة كفؤة لعضوية المجلس التشريعي ، وأبدى 60.1% دعمهم لتخصيص مقاعد للنساء في المجلس التشريعي .

بالامعان بالنتائج المرصودة نجد أن نتائج عام 2003 تقدمت وتطورت للأمام على صعيد عضوية النساء للمجلس التشريعي والفائدة من إشراك النساء والاستعداد لانتخاب إمرأة مؤهلة وفي مجال الدعم للكوتا ، وهذا يعود بشكل رئيسي الى وجود خمسة نساء في التشريعي إذا ما سلطنا الضوء على تجاربهم لوجدنا أنها تجارب ايجابية على صعيد الدور والكفاءة والتماسك السياسي بشكل عام ولم ترتبط أسماءهن بما علق بغيرهم من أعضاء التشريعي بإتهامات الفساد والتفريط السياسي ، مما رفع على سبيل المثال استعداد المأخوذة آراءهم من 67%- 71.1 لانتخاب إمرأة مؤهلة لعضوية المجلس التشريعي ورفع نسبة التأييد لتخصيص مقاعد مضمونة للنساء (كوتا) من 60.1 عام 1996 الى 65.1 في عام 2003.
الوضع يختلف بالنسبة لمشاركة النساء في المجالس البلدية والقروية ، إذ يلاحظ تراجع في مستوى التأييد في عام 2003 عنه في عام 1996،فقد انخفضت نسبة من يقولون بأنه قد آن الأوان لتمثيل النساء في المجالس المحلية من 72% في عام 1996 الى 70.4 في عام 2003، وفي حين كان هناك 78% من المستطلعين لديهم الاستعداد لانتخاب امرأة في عام 1996 ، أصبحنا أمام تأييد 69.2% من المستطلعين في عام 2003، ويعزى السبب بتقديري لتراجع التأييد والحماس لوجود النساء في المجالس المحلية الى تجربة النساء اللواتي تم تعيينهم في المجالس البلدية والقروية بموجب تعميم وزير الحكم المحلي في عام (1998) والقاضي بتعيين على الأقل أمراة في جميع المجالس المحلية ، وعليه فقد تم تعيين 68 سيدة استقالت منهن 7 سيدات بسبب طريقة التعامل تغييب دورهن من قبل الرجال في المجلس ، أما السبب الرئيسي الآخر فكون النساء جئن عن طريق التعيين ولم يأخذن الشرعية عن طريق الصناديق ( رغم أن هذا أيضاً ينطبق على الرجال) يقف جزئياً خلف الموقف وخلف الهروب السريع للعضوات المستقيلات من المجالس ، لأن الوصول عن طريق الانتخاب يعمل على تشريع العضوية وتقوية المرأة وتمكينها من الصمود والثبات كونها منتخبة ولن يجرؤ أحد على تغيب دورها أو تحجيمه ، كما أن عدم استكمالا لتوجه من قبل وزارة الحكم المحلي منع استكمال التجربة التي لو استوفت لكنا أمام ما لا يقل عن 300 عضوة في الهيئات المحلية ،مما يساهم في تعويد المجتمع على رؤية المرأة في مراكز المسؤولية،فهذه الهيئات يبلغ عددها (503)هيئة منها (121) بلدية كبيرة وصغيرة، و (252) مجلس قروي و (130) مشروع، إلا أن عدم متابعة القرار من قبل الوزارة من جانب وعدم إلزاميته كونه جاء بصيغة تعميم ترك تنفيذه للهيئات نفسها التي تجاهلت التعميم واعتبرته لا يلزمها رغم أن جميع المجالس البلدية والقروية معينة بقرارات مماثلة . إذن كان المواطن أمام تجربة بائسة أثرت في التقييم العام، رغم أهمية الدور الذي تلعبه هيئات الحكم المحلي كركيزة من ركائز المجتمع المدني المعنية بتقديم الخدمات والنهوض بوضع المجتمع، ولو تابعت وزارة الحكم قرارها الخاص بعضوية النساء وحمايته من تسلط الذكور لكان المواطن أمام تجارب ايجابية للنساء اللواتي يعرفن التحدي الذي يواجهنه ومعنيات بابراز تجارب مضيئة تفتح الباب امام كسر الصورة النمطية للنساء باعتبارهن غير مؤهلات وغير كفؤات كما حدث في تجربة النساء في المجلس التشريعي اللواتي ساهمن بتصحيح الصورة رغم التعقيدات والتحديات التي يواجهنها ايضاً في ميدان العمل التشريعي والقانوني والسياسي

 

النتائج والاستناجات والتوصيات والخاتمة

من الإجحاف حقاً الحديث عن مشاركة نسوية شابة فاعلة في مجتمع يعيش حالة لا ديمقراطية ممنهجة، ويعمل أفراده ومؤسساته بعقلية فردية ذكورية، وتحكمه عقلية الغيبيات، والمحرمات، ومنطق التبرير، ووفق المبررات الذكورية فان المرأة بشكل عام، والشابة بشكل خاص، والتي لا تكاد تغيب عن ندوة أو لقاء لا تؤمن بقدرتها على العمل السياسي، ولا تثق ببنات جنسها عند صندوق الاقتراع، ويقع على سلم أولولياتها دورها الإنجابي ومن أجله تتخلىعن طموحها وإنجازاتها، مكتفيةً بالأعمال المكتبية، بعيداً عن المراكز القيادية، ولكن هذه المرأة مطالبة دائماً بالثورة على الموروثات، والقيم البالية، وانتزاع حقوقها، وكأن شعار " الدولة لكل مواطنيها " ينطبق على الرجال فقط .

واليوم ومع تحول الوطن إلى معازل جماعية، تشهد الساحة الفلسطنية حالة من تراجع الأحزاب السياسية في التعبير عن القضايا النسوية، لصالح منظمات المجتمع المدني، النسوية منها على وجه التحديد والتي جاءت في الأساس لتلعب دوراً رئيسياً في التأسيس لمجتمع مدني فلسطيني تشارك فيه المرأة في مناحي الحياة المختلفة، جنباً إلى جنب مع الرجل على قدم المساواة .

وإذا كانت التنظيمات، والأحزاب السياسية ( التي هي الطريق الأفضل حسب وجهة نظرنا لوصول المرأة لمراكز صنع القرار )، إذا كانت تلك التنظيمات تعاني من عدم وجود هامش كبير لحرية التعبير، وتحجيم مشاركة المرأة بصورها المختلفة، فان التنظيمات النسوية التي أخذت على عاتقها تبني قضايا المرأة قد اكتفت أيضاً برفع شعار المساواة في الحقوق، وانفصلت عن قاعدتها الجماهيرية العريضة . تلك القاعدة التي اكتسبتها خلال انتفاضة 1987م، وذلك لصالح سياسيات عزلتها تدريجياً عن الواقع السياسي، والاجتماعي الفلسطيني، وحصرت عملها في النخبة فقط، في سباقها مع الزمن، والتزماتها بأجندة الممول، التي ما انفكت تفصل بين النضال التحريري، والنضال الاجتماعي للمرأة .

والمتتبع لمشاركة المرأة الشابة في هذا الخضم يجد أن هناك الكثير من المحاولات لتعطيلها عن المشاركة، والقيام بالدور المنوط به،ا وذلك من خلال الترويج لفكرة حداثة التجربة، وعدم وجود مبادرات شابة ترتقي للمستوى المطلوب، حيث نجد وفقاً لدراسة قام بها مركز شئون المرأة عام 2002 م على عينة ممثلة لقطاع التعليم العالي بأن نسبة القياديات من بين طالبات الجامعات داخل التنظيمات لا تتعدى نسبة ( 1.2-3.3 %)، وهن يتركزن في التنظيمات الهامشية .

ووفقاً لتقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني للعام 2001 م، فإننا نجد أيضاً أن نسبة مشاركة النساء الشابات في عملية الإنتاج تصل إلى (13.6%)، وهي نسبة متدنية مقارنةً مع باقي أقطار العالم، ونجد كذلك أن نسبة الشباب من كلا الجنسين الذين يشغلون وظائف إدارية عليا قد بلغت ( 0.3% ) فقط، وهذا في اعتقادنا يعكس تجاهلًا متعمدًا لحقيقة تصنيف المجتمع الفسطيني بأنه مجتمع فتي، يجب أن يقوم الشباب /ات فيه بدور فاعل في صنع القرار أسوةً بالآخرين .

وعلى هذا الأساس وإذا كانت هذه الحالة في مجتمع يفترض فيه أن يكون ديمقراطياً ونموذجاً يحتذى به في العالم العربي، وإذا كان هذا المجتمع يربي فتياته على كبت المشاعر منذ الصغر، والحفاظ على أدائها في أقل المستويات، بعيداً عن منافسة الرجل لها بنزاهة، وإذا كان هذا المجتمع يغرس فيها الشعور بالدونية، وفقدان الثقة بالذات لصالح الشخصية الذكورية الأقوى في الأسرة والمجتمع ( الأب ، الأخ ، الزوج ، الابن ، رب العمل ..) فإننا نكون بذلك قد أنشأنا شخصية مهزوزة، يصعب علينا لاحقاً التأثير فيها ايجابياً، على صعيد تعريفها بحقوقه،ا وتمكينها من تحقيق ذاتها المجتمعية .

لذلك وبناءً على ما سبق فمن المهم جداً تحويل قضية " مشاركة المرأة " إلى هاجس يومي للناشطات والناشطين في هذا المجال، بإعادتهم للعمل وسط القاعدة الجماهيرية الواسعة بعيداً عن المكاتب، وأجهزة التكييف، والتقارير الإدارية، تحضيراً للانتخابات القادمة، مع الاهتمام بالابتعاد عن الفوقية في الخطاب، والاقتراب أكثر من النساء اللواتي أرهقهن الوضع الاقتصادي المتأزم، حتى شغلهن عن واقعهن الاجتماعي الصعب، وتلمس حاجاتهن اليومية، وأقترح بأن يتم العمل على عدة محاور منها :

1-  العودة للعمل التطوعي في الأحياء، والمخيمات، والمناطق المختلفة ( والمهمشة منها على وجه الخصوص )، وذلك من خلال برامج ( التثقيف بالأقران ) مع استغلال الكوادر التي جرى تدريبها وتأهيلها خلال السنوات المنصرمة، كونها أكثر قرباً من القاعدة، وأكثر التصاقاً بهمومها نحو تكوين رأي عام مناصر لقضايا المرأة .

2-  دعوة الفصائل، والتنظيما، والأحزاب المختلفة لتبني قضايا المرأة بجدية أكبر، والتوقف عن استغلال تغليبها للهاجس الوطني على همها الاجتماعي ( ممثلاً أكثر ما يكون في الاستشهاديات الشابات ) في تحسين أدائها وصورتها، لكسب المزيد من التأييد الجماهيري بعد انحسار شعبيتها خلال انتفاضة الأقصى، وإبداء حسن النوايا بتبني نظام الكوتا النسائية مرحلياً استعداداً للانتخابات القادمة .

3-  وفي هذا الإطار تشكيل جماعات ضغط باتجاه تبني نظام الكوتا النسوية بنسبة لا تقل عن 30% من عدد مقاعد المجلس التشريعي، وذلك لضمان وصول النساء لمراكز صنع القرار في إطار العملية الانتخابية، على أن يتم في نفس الوقت الضغط باتجاه تعديل قانون الانتخابات فيما يتعلق بأهلية الترشيح للمجلس التشريعي، والرئاسة لتشمل فئة الشباب لضمان وصول المرأة الشابة، بوصفها مرشحة وليس مقترعة فقط .

العمل على إحداث تغيير جذري في نظامنا التعليمي باتجاه تعزيز ثقافة " البحث العلمي "،وتنمية التفكير الإبداعي لتنشئة جيل شاب، مثقف، مبدع ،قادر على الإمساك بزمام الأمور، وتخطي الأزمات، وأداء المهام الموكلة إليه على أكمل وجه، خاصة النساء عبر سلسلة من آليات العمل المتاحة بدايةً عبر تفعيل برامج التعليم المستمر في الجامعات بالتعاون مع منظمات العمل الأهلي، وذلك لتلبية احتياجات المجتمع من الكوادر المتخصصة في كافة المجالات.[4]

 

الاستنتاجات

1- المرأة الفلسطينية جزء من كل، لا يمكن فصلها عن المجتمع الذي تتحرك فيه، وعليه فإن أية تأثيرات يتعرض لها هذا المجتمع، إنما تقع عليها أيضاً، بل ربما، وبصورة مضاعفة، لذلك فإن أي تحديث وتفعيل لدور المرأة الفلسطينية، يتطلب بالضرورة تحديثاً وتفعيلاً لمجتمعها، الذي يمثل بيئة عملها الحقيقية. 

2– منحت الظروف السياسية، المرأة الفلسطينية فرصة للخروج المبكر للحياة العامة من خلال الانخراط في الحركة الوطنية، غير أنها لم تُستغل الاستغلال الأمثل من قبل النساء، مما أخر كثيراً حصولهن على حقوق نوعية، تتضمن المساواة وعدم التمييز.

3– بقت أولوية النساء الفلسطينيات حتى ما قبل أوسلو تتركز حول القضية الوطنية، فيما تم إغفال النضال المطلبي والمجتمعي، مما أدى إلى مراوحة النساء في أماكنهن، وتقليل فرص النجاح المتاحة أمامهن لإحراز مكاسب تتعلق بوضعهن في المجتمع.

4 – شكلت الانتفاضة رافعة قوية لاعادة تفكير النساء في الدور المناط بهن في المجتمع، من خلال تحسين النظرة المجتمعية لهن، عبر نشاطات وفعاليات فرضتها ظروف هذه المرحلة، غير أن هذا لم يدفع المؤسسات النسوية إلى تحديد استراتيجية عمل واحدة تحترم الاختلافات (الصغيرة)، وتضمن اتفاقاً عاماً خول القضايا ذات الأولوية.

5 – تغيرت التوجهات التي حكمت عمل المؤسسات النسوية بعد عقد مؤتمر مدريد، ثم مفاوضات أوسلو إلى الإغراق في القضايا النسوية المعزولة عن قضايا التحرر.

6 – شكلت الانتخابات الفلسطينية الأولى، أول صورة حقيقية واضحة، حول مشاركة المرأة السياسية بعد دخول السلطة الوطنية، إذ يعد فوز خمس نساء بعضوية المجلس التشريعي مكسباً لا بأس به أمام المعيقات الاجتماعية والسياسية التي تحول دون تمثيل أكبر للنساء.

7 –على الجانب الآخر، لا تحقق مشاركة المرأة في الحكومة، والعمل الدبلوماسي، والمجالس البلدية، مبدأ المساواة في الفرص، ولا تتناسب مع حجم التواجد المأمول للنساء في ظل سلطتهن الوطنية.

8 – لم يزل حتى الآن، النقاش محتدماً حول شرعية الكوتا النسائية، هل يجري العمل بها، أم أنها لم تعد تتوافق مع مستجدات المرحلة، التي لا تحتفي بمحددات العمل القديمة، كالاعتماد على التاريخ النضالي، والانتماء الحزبي، وعليه يجب تحديد الموقف منها، من أجل تحديد وسائل تمكين وتمثيل، تتعلق بها أو تنفصل عنها.

9 – على الرغم من تبني الأحزاب والفصائل أفكاراً تقدمية، حول وضعية المرأة الفلسطينية إلاّ أن وضع النساء في الأحزاب يشير إلى الفارق الكبير بين الشعار والتطبيق.

10 – تعد مشاركة النساء الفلسطينيات في المنظمات غير الحكومية، هي الأوسع انتشاراً، والأكثر قدرة على تحقيق مشاركة سياسية للمرأة الفلسطينية، تستطيع من خلالها التأثير في السياسات العامة..

11 – وجود غياب شبه كامل للمرأة في الوظائف العامة، ذات الصلة المباشرة بتشكيل السياسات العامة، وخلق رأي عام له دوره الفاعل في عملية صنع القرار.

12 – تواجد المرأة الفلسطينية في مواقع اتخاذ القرار، وفي المناصب الحكومية العليا، ما زال ضعيفاً ومحدداً، مما يعيق دمج النساء في عملية التنمية، ويعطل إمكانية أن تؤثر في رسم السياسات، ومنع إحداث تعديلات في التشريعات القائمة.

13 – إن المفاهيم والأعراف المتداولة، وأحياناً عدم وعي المرأة بحقوقها، وإدراكها لإمكاناتها وقوة تأثيرها، ومن ثم إدراكها لأهمية دورها في المجتمع، مع غياب المؤسسات الديموقراطية، جميعها تشكل عقبة أمام وصول المرأة إلى مناصب قيادية عليا في المجالات التشريعية والقضائية وغيرها.

 

التوصيات:

1.        دعوة منظمة التحرير الفلسطينية إلى ممارسة التمييز الإيجابي لصالح المرأة والالتزام بما ورد في وثيقة الاستقلال.

2.        دعوة الأحزاب والقوى السياسية إلى إبراز قضايا المرأة في خطابها الحزبي وفي أدائها وبرامجها وتوسيع مشاركتها في الأطر القيادية على مختلف المستويات والعمل على استقطابها وتحفيزها للالتحاق بصفوفها.

3.         تفعيل دور الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية من خلال رفده بالكفاءات على قاعدة الانتخابات الديمقراطية وفق مبدأ التمثيل النسبي وتخصيص موازنات خاصة به تؤهله لتطوير أداءه.

4.          دعوة مؤسسات المجتمع المدني إلى تعزيز مشاركة المرأة في أطرها القيادية وفي مركز صنع القرار.

5.         ضمان نظام الكوتة في قانون انتخابات المجلس التشريعي وكافة المؤسسات التشريعية والهيئات المحلية وإعادة النظر في قانون الانتخابات الحالي على قاعدة الدائرة الواحدة والتمثيل النسبي.

6.         منح حقوق متساوية للمرأة والرجل في قانون الجنسية وحق المرأة في منح الجنسية لأطفالها وزوجها.

7.         توسيع مشاركة المرأة في هيئات الحكم المحلي من خلال التمييز الإيجابي لصالح المرأة.

8.         ضرورة ضمان م.ت.ف. لتوسيع مشاركة المرأة في البعثات الدبلوماسية على المستوى الدولي وفي كافة اللجان الدولية.

9.         الالتزام بما جاء في وثيقة الاستقلال والقانون الأساسي على أساس المساواة وعدم التمييز بين الجنسين في كافة المجالات.

 أن يتم العمل بجدية على ان تكون النصوص العامة في القانون الأساسي (الدستور) هي مواد ترتكز على حماية الحقوق وصيانتها بدون أي نوع من أنواع التمييز، وان يتم إصلاح باقي القوانين تبعاً للقانون الأساسي وان لا يسمح لأي قانون أخر بخرق الدستور.

 

الخاتمة

يتوقف النجاح في السعي الى الاستقلال في كثير من الأحيان, على المشاركة بين الرجال  والنساء ذوي النشاط السياسي ومقدرتهم على حشد جماعاتهم. وتوجد حالات تاريخية كثيرة أظهرت انه برغم اشتراك المرأة بنشاط الحياة السياسية قبل الاستقلال, فانها تستبعد في كثير من الأحيان, من الحياة العامة بعد الاستقلال وفي هذا الوقت في تاريخ الشعب الفلسطيني تكون قيادتها عند مفترق الطرق, فهي اما تستطيع انتهاز الفرصة لبناء مجتمع على أساس المشاركة الكاملة على قدم المساواة, واما أن تخاطر بفقد المنجزات التي فازت بها بصعوبة.

والذين وهبوا حياتهم لتمكين المرأة الفلسطينية يخشون فقدان هذه الفرصة الكبيرة. ولهذا السبب ظلت الحركة النسائية الفلسطينية تسعى بنشاط الى أن تكون المشاركة السياسية الكاملة للمرأة في جدول الاعمال السياسي. ولذلك يعتبر اشتراكها في أول انتخابات جرت هو حجر الزاوية في مستقبل اكثر اشراقا.

واضح أن من بين وسائل تمكين المرأة الفلسطينية من الوصول الى السلطة, توجد وسيلتان بالغتا الأهمية, هما سن تشريع يضمن للمرأة حقوقا مساوية لحقوق الرجال, و اتخاذ اجراءات لازالة الاعمال التي فيها تمييز ضد المرأة.

وقد بدأت الجماعات النسائية انشاء شبكات في الضفة الغربية وقطاع غزة وخارج الارض المحتلة. وهي ضرورية لتحطيم عزلة الفلسطينيات وتحسين شبكة دعمهن, وتسهيل اطلاعهن على المعلومات ووسائل الاعلام المحلية والعالمية.


               المراجع والمصادر

1.    زياد عثمان, قراءة نقدية في مشاركة المرأة الفلسطينية, مركز رام الله لدراسات حقوق الانسان.

2.    عندليب عدوان, المرأة الفلسطينية بين الواقع والطموح (مجموعة اوراق عمل) مركز شؤون المرأة-غزة 2000.

3.    فريدة الاغا, الدراسات الاجتماعية عن المرأة في العالم العربي, طبعة 1984.

4.    ناجي شراب, التنمية السياسية, طبعة 1998.

5.    الحقوق, مجلة غير دورية متخصصة تصدر عن مركز غزة للحقوق والقانون فبراير_2004.

6.    المرأة والرجل في فلسطين (اتجاهات واحصاءات),دائرة الاحصاء المركزية الفلسطينية,1998.

7.    كلام في السياسة (المراة والحياة السياسية), المركز المصري لحقوق المرأة, الكتاب الخامس.

8.    تحديات وخيارات المرأة الفلسطينية, في الضفة وقطاع غزة, برنامج الامم المتحدة للتنمية_نيويورك, الطبعة العربية, نور-دار المرأة العربية للنشر.

9.    الواقع الفلسطيني الراهن وافاقه المستقبلية في اطار البعدين العربي والدولي, اصدار الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين, فبراير(شباط)2002.

10.                      الغيداء, العدد السابع, تصدر عن مركز شؤون المرأة_غزة, خريف 2002.

11.                      شؤون فلسطينية, ابريل (نيسان)1988.

12.                      دراسات وتقارير حول وضعية المرأة الفلسطينية, المجلد الأول, المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية.

13.                      ورشة عمل للسيدة صباح أبو عرمانة بعنوان (تحليل النوع الاجتماعي(الجندر)), حصلت عليها الباحثة من مركز البحوث الانسانية والتنمية الاجتماعية, اكتوبر 2000.

14.                      ورشة عمل للسيدة نادية ابو نحلة بعنوان (المرأة الفلسطينية والمشاركة السياسية). حصلت عليها الباحثة من مركز البحوث الانسانية والتنمية الاجتماعية, غزة, اكتوبر 2004.

15.                      د. كمال الأسطل، محاضرات في النظم السياسية المقارنة ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة الأزهر بغزة، 2003.

16.        المرأة الفلسطينية والثورة، غازي الخليلي، مركز الأبحاث، منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت، حزيران (يونيو) 1977م، الطبعة الأولى.

17.        مجلة الغيداء الصادرة عن مركز شؤون المرأة العدد الثامن.

18.        خطة عمل وزارة شؤون المرأة 2005-2007.

19.        دائرة الإحصاء المركزية الفلسطينية-إحصاءات الرجل والمرأة، غزة،1998م.

20.   إصلاح جاد: محاضرة في جامعة بيرزيت، قسم الدراسات الثقافية، ماجستير علوم سياسية من جامعة باريس العاشرة 1979م.

21.        طلال عوكل وغازي الصوراني: دراسة تحليلية حول الانتخابات، جريدة القدس، عدد الجمعة19-1-1996م.

22.        التقرير السنوي للهيئة الفلسطينية.

23.        حزب الشعب الفلسطيني:البرنامج الانتخابي، القدس، كانون الأول،1995م.

24.        مؤتمر مؤسسة مواطن"أزمة الحزب السياسي"، في 24-11-1995م.

25.   ميشيل روزالدو ولويز لافغير: المرأة والثقافة والمجتمع، ترجمة:هيفاء هاشم، منشورات الثقافة والإرشاد القومي، دمشق 1967م.

26.        ورشة عمل للسيدة نادية أبو نحلة، بعنوان: " المرأة الفلسطينية والمشاركة السياسية "، أكتوبر 2004.

27.        ورشة عمل للسيدة: صباح أبو عرمانة بعنوان: " تحليل النوع الاجتماعي(الجندر) "، أكتوبر2004م.

28.        ورشة عمل للدكتور:باسم أبو كويك، أخصائي نفسي بمركز البحوث الإنسانية، بعنوان:"التنشئة الاجتماعية الديمقراطية، أكتوبر 2004.

29.   ورشة عمل للدكتور سفيان أبو نجيلة، أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر بغزة، مدير مركز البحوث الإنسانية والتنمية الاجتماعية، بعنوان:"سيكولوجية المشاركة السياسية، أكتوبر2004.

30.   ورشة عمل للدكتور كمال الأسطل، أستاذ مشارك العلوم السياسية بجامعة الأزهر، بعنوان:"المرأة والمشاركة السياسية"، أكتوبر 2004.

31.        محاضرات في النظم السياسية المقارنة، د.كمال الأسطل، مارس2002.

32.   مقابلة مع المرشحة رضا نتيل في تاريخ 20/1/1996م، أجرتها المراسلة الصحفية لطاقم شئون المرأة في غزة سعاد أبوختلة.

33.        استطلاع للرأي، قامت به مؤسسة القدس للإعلام والاتصالات في 21/2/1996.

34.        مركز البحوث والدراسات الفلسطينية: " نتائج استطلاع أراء الناخبين يوم الانتخابات " في 25/2/1996م.

35.        الأمم المتحدة، النساء في العالم 2000، توجهات وإحصائيات في نيويورك.

36.        ورشة عمل للسيدة زينب الغنيمي بعنوان: " مشاركة المرأة الفلسطينية في الحياة السياسية والعامة"، أكتوبر 2004.

 

37.                       www.awfarab.org/page/ph/2004/mos.htm_46k

38.        www.medad.ws/php/modules.php?name=news&file=a     rticle&sid=332.84k

39.                       www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=14164.43k

40.                       www.sis.gov.ps/arabic/roya/5/pages.html.k120

41.                       www.wclac.org/arabic/cedawareditedfinal.htm



[1] الأمم المتحدة ، النساء في العالم 2000 توجهات وإحصائيات ، نيويورك، ص130، 1ورشة عمل السيدة نادية أبو نحلة ، بعنوان:" المرأة الفلسطينية والمشاركةالسياسية" ،  مركز البحوث الإنسانية والتنمية الإجتماعية – غزة في شهر أكتوبر 2004، د. كمال الأسطل " المشاركة السياسية للمرأة وعملية التحول الديموقراطي"، دورة تدريبية، مركز البحوث الإنسانية والتنمية الاجتماعية، غزة، أكتوبر 2004.

 

[2] ورشة عمل للسيدة زينب الغنيمي بعنوان:" مشاركة المرأة الفلسطينية في الحياة السياسية والعامة"، الدورة التدريبية السابقة الذكر، مركز البحوث الإنسانية والتنمية الإجتماعية – غزة في شهر أكتوبر 2004.

[4] تم الحصول عليهم بالاستعانة بمجلة الغيداء الصادرة عن مركز شؤون المرأة العدد الثامن.

 





تعليق طباعة عودة للخلف

عدد القراء: 2352

عدد التعليقات: 0
مواضيع ذات صلة

 

        تعليقات الزوار

Contact Us

feel free to contact us at our Email : kamaltopic@gmail.com

Dr. Kamal Mobile is :+970599843850

رؤية وأهداف

نهدف من خلال موقعنا إلى تزويد الطلاب والباحثين والمهتمين بخدمات علمية مجانية عالية المستوى ونشر أبحاث ودراسات اكاديمية

الدكتور كمال الأسطل,

Missiion Statement

Our goal is to provide students, researchers and interested people with high standard, free of charge scientific services and to publish academic researches.

Kamal Astal,